كورونا …… لعبة الكر و الفر لعبد الإله ماهل
كورونا…لعبة الكر والفر
وأخيرا، تم الإعلان عن التخفيف من حالة الطواريء، كخطوة أولى، في انتظار رفعه نهائيا، والعودة كسابق العهد إلى الحياة الطبيعية.
وكأن السلطة واحد من أثنين: إما أنها وثقت في قدراتها من خلال تطويع الساكنة، وزرع الخوف في نفسيتهم، وإما أنها أصابها الفشل الذريع، فباتت من ليلتها، ترضخ لإملاءات هذا الوباء القاتل، فآثرت التعايش معه؛ ليكون عليها أهون من مواجهة ثورة الجياع.
تمة وباء قاتل، وبلمح البصر، اجتاح المعمورة، وانتشر بين البشر، ولم يبقي على أحد، لا في البر أو البحر. فمن أصابه يستعجل موته، ومن أخطأه يمهله إلى حين ليس إلا.
أتى على الكل، ولم يؤتى عليه، داء بغير دواء. عجز معه كبار العلماء، ولم يتمكن أيها منهم من إيجاد ولو إشارة واحدة، تبعث الأمل في مصل، يحد من فاعليته.
كاد الساسة أن يخلعوا عباية السياسة، وتدبر الشأن العام؛ لولا خوفهم من فراغ سياسي، تعقبه فوضى عارمة، فلم يجدوا بدا من إلزام الساكنة بالحجر المنزلي، كحل ترقيعي، دأبت السلطة عليه، كمطية، يلجأ إليها للركوب على ظهراني الساكنة من أجل تجاوز الأزمة، وكأننا أمام دين خارجي، وكأننا في مواجهة إملاءات صندوق النقد الدولي.
…وتوا هم الجميع خارج بيوتهم، ينشدون الحرية والإنعثاق. استوحشهم الأنس، لم يخفهم الوباء بقدر ما أخافتهم قبضة السلطة، تناسوا وضع الكمامات، قواعد النظافة، التباعد الإجتماعي…
غصت المقاهي بروادها، والشوارع بمرتديها؛ فكان الإقبال على الحياة سمة مشتركة بين الساكنة، واكثر زيادة من ذي قبل.
فعم الاختلاط والتخالط؛ ومجمل القول: عادت ريما إلى عادتها القديمة.
وجد الوباء المرتع الخصب، فتفشت العدوى، وانتشرت البؤر، فطفت الإصابات على السطح، وتعالت نسب الأموات.
لم تقو السلطة على تحمل الضربات، فاضطرت إلى إعادة الساكنة إلى الحجر المنزلي.
وكأن الوباء والسلطة بين كر وفر؛ فما يكاد يستكين هذا حتى ينهض ذاك.
وبين هذا وذاك، بشرية برمتها ترزح، وتئن تحت وطأة تلكم المطرقة وذلك السندان…
عبدالاله ماهل
المغرب