إشراقات أدبيةالنثر

لقاء قصير بِقَلَم الأديبة عَبِير صَفْوَت


لقاء قصير

بِقَلَم الأديبة عَبِير صَفْوَت

لَا تَقُلْ إنَّنِي أبالغ فِي الأسي ، أَو أغوص باقدامي فِي الْأَوْحَال ، أَو أَتَعَمَّد إسْقَاط رَأْيِه السَّلَام بِنَفْسِي ، فَأَنَا إلَيّ الْخَيْر وَالْعَطَاء دَائِمًا متطوقة ، يَكَاد الْوَاقِع يَشْهَد بإطلالة النَّفْسِ مِنْ نَافِذَةٌ الْحَيَاة ، أُعَبِّر مُنْحَنِي ضِيق واحصل عَلِيّ أَصْلٍ وَاحِدٍ مِنْ أُصُولِ مُتَعَدِّدَة وَطَرِيق صَغِيرٌ ، يَتَرَنَّح بِه الْغُرَبَاء لمعبر اليأس ، هَل قَالُوا الْجَمِيع خِلَافُ ذَلِكَ ؟ !

إذَا أَعْلَمَ أَنَّ الرُّوحَ لَيْسَ لَهَا عَلاقَةٌ بِالْأَفْعَال ، الْإِنْسَانُ هُوَ ابْنُ الْأَفْعَال ، بَعْدَ سُقُوطِ الْخَوْفِ عَلَيْهِ مِنْ زَوَايَا الظَّلَام الْمُتَعَدِّدَة ، تَعْلَم أَيُّهَا الْقَدْرِ عَنْ المهزوم فِي هَذَا الْعَالِمُ ، وَعِنْد مُنْطَلِقٌ الطَّرِيقِ بَيْنَ النُّفُوس .

ابْتَسَم فِي مُحِيطِ شَفَاه أُمِّي الملتوية عِنْد عَيْنَيْهَا الضَّيِّقَة بِفَرْط الْأَفْعَال الكيدية مِنْ أَبِي ، أَبْكِي مِنْ وَهَنِ أَبِي سارِح الْفِكْر ، أَعْثَر عَلِيّ لقطات سَرِيعَة ، صُرَاخ وضجيج ، إفْرَاح وعزاء ، صَبَاحٍ وَمَسَاءٍ ، وَعِلَاقَة ربناية أَبَدِيَّةٌ .

تَتَصَاعَد الْأَحْدَاث :
قَتْلِي عَلِيّ الْحُدُود وقنابل فَجَرَت صَبَاحًا ، وَجُنُود شُهَدَاء مساءً

نِسَاء خائنات لِأَزْوَاجِهِنّ وَالسَّبَب ، الْفَقْر وَعَدَم التَّفَاهُم ، رُبَّمَا كَانَ الزَّوْجُ لَا يُعْجِبُهَا ، وَيُحَقِّق رَغْبَاتِهَا الجامحة واحلامها الْعَالِيَة .

لَا تُجَادِل مَعِي بَعْدَ خَبَرٍ وَفَاةِ أُمِّي ، حِينِهَا تَدَلَّت الْأَجْفَان ، عَلِمْت مِنْ ذَاكَ النَّظْرَة الباهتة رِسَالَة :

احْتَسَب الْأُمُور يابني ، لَا تُغَادِرُ الظَّنِّ أَوْ يَوْماً تغادرة ، عَلَيْكَ بِنَفْسِكَ ، مِثْلَمَا عَلَيْك بِحُسْبَان دِينِك ، الْحَيَاة مَزَلَّة وَالسَّتْر مُظِلّة الْإِنْسَان .

مَاتَتْ أُمِّي يَا أُبَيّ ، يَقُولُون مَاتَت امكَ وَيَنْظُرُون لِي نَظَرِة الْعَابِر عَلِيّ جِسْر الأَشْوَاك ، أَتَمْسَح بِالْجِدَار وانتشي أَشْيَاءَ غَيْرِ مَعْلُومَةٍ .

هَل الْخَلَاصِ فِي الصَّلَاحِ أَم الِانْحِرَاف؟! هَل الْعُيُون تتبصر الْحَقُّ مِنْ فَوْقِ ظَهْرِ الْبَاطِلُ ؟!

يَقُولُون اُنْظُرْ عِنْدَ نِهايَةِ أَدِيم زَادَه الغُمُوض رِيبَةٌ .

تَسْقُط الْقَبَائِل وتنحدر ، يَتَغَيَّر التَّارِيخ وَيَتَجَدَّد فِي ثوبة الْجَدِيد ، اخْبَارٌ تَنْبَعِثُ مِنْ أَفواه مُقَدِّمِين البَرامِج ، ارْتِفَاع السَّرِقَات وتدني الْأَخْلَاق .

تَصْرُخ الفتايات تُطْلَب الْحَقّ ، تَدْمَع عيونهن إمَام آبَائِهِم :

الْحُرِّيَّة يَا أُبَيّ .

يَقُولُون الْآبَاء :

الْحُرِّيَّة بِبَيْت الزَّوْج .

الْآبَاء أَشْبَاهٌ الْأَزْوَاج وَالْأُمَّهَات هُنّ نَحْنُ فِي الْكِبَرِ .

وَالْأُمُور الصَّغِيرَة تَعَدَّدَت وشاخت حَتَّى كَبِرَت ويأست مِن الوهن والعجز .

لَا تُعَبِّر فِي مَنْفِيٌّ افكارك كَثِيرًا ، لَا تَقُولُ مِثْلَمَا قَالَتِ عَمَّتِي :

عَلَيْك بِكَشْف الْغِطَاء ، سُتَرِي الْحَقِيقَة .

الْحَقِيقَة دَائِمًا مخجلة ، رغباتك مخجلة وأفكارك مخجلة ، إنَّمَا صُورَتِك بَيْنَ الْآخَرِينَ مَرْتَبَة لصناعة ذَاتِك الظَّاهِرَة .

اِبْتَسَم عِنْدَمَا تَرَانِي فَأَنَا إنْسَانَةٌ مِن الْأُلُوف وَعَقْلًا مِنْ الْعُقُولِ .

اتعثر في وَاقِعٌ مِئات الْمَرَّات بَيْن كُفُوفٌ غَيْر رَحِيمَه ، اِنْتَشَل الضَّعْفِ مِنْ الذَّاتِ ، واخلط الصَّبْر بِالْإِرَادَة .

. . ) إنَّمَا انْتَظَر

قُوَّة أَكْبَرُ مِنْ الْحُلْمِ تناظرك بِالْحَرْب ، لَحْظَة عَابِرَة تَرَاهَا غَيْر مجدية ، هِيَ مَا ستفنيك فِي وَضْعِ مُتْعِب .

مُشَاهَدٌ عَابِرَة تَظُنُّ أَنَّهَا رِسَالَة لِنَجَاح ، إنَّمَا النَّجَاح مِنْ اللَّهِ ، ودخائلك النَّفْسِيَّة تتحكم بِك .

أَطْلَقُوا اشرعتي بَيْن الْبَرِّيَّة ، سَوْف يُصَفِّق لِي الْجَمِيع ، أَعْتَلِي عَرْش الْأَسَد ، وازئر كُلَّ لَيْلَةٍ ، يَرْتَعِش مِن يَرْتَعِش ويتمني الْآخَرِينَ أَنْ يَكُونُوا مِثْلِي ، هَل طَرِيق الْخَطَّاء صَعُب ، بَل أَسْهَل الطُّرُق ، إنَّمَا يَبْدُوَ أَنَّ الضَّمِيرَ جَبَانٌ .

سنتغلب وَلَا نَضَع لِلحُدُود مَكَان ، نسعي وَنُمَلّك ، ورايات الشَّمُوخ وَالتَّمَيُّز تيارات جارِفَة نَاحِيَة الْبَرّ الْغَرْبِيّ .

نتعدي الْمُمْكِن ونبتسم بِثِقَة أُصُولِهَا الِاطْمِئْنَان .
يسئلونك :
مَا احساسك ؟ !

تَقُول :
سأعيش أَبَدًا .

يَأْتِي الصَّبَّاح ، يعزلك عَن الْوُجُود .

يَقُول الْقَدْر وَيَجْهَر :
سَقَطَت الأَقْلام وَجَفَّت الصُّحُف .

يُرَدِّد جَسَدِك هَلْ أَنَا مَيِّت ؟ !
تُسْمَع نَحِيب أَبَاكَ وَأُمَّكَ .

تُرِي جِبَالٌ مِنْ النَّجَاحِ وتلال مِنْ الْأَمْوَالِ وَدُمُوع زَائِفَة ، وانت ريشة في البراح .

حَاوَل مَرَّات وَمَرَّات ، يَتَلَاعَب بكَ الْعَالِم ، أَصْنَع العَدِيدِ مِنَ الإنجازات ، كُنَّ غَيْرَ الْآخَرِين ، قَادِرٌ وَصَانَع ومنتج ومؤسس وَعَالِمٌ ومفكر وَكُلّ الْأَدْوَار .

لَكِن دَوْرًا وَاحِدا سيسقط مِنْك الرِّضَا بِكُلِّ ذَلِكَ ، وَعَدَم الِاسْتِقْرَار .

الإدارة

صحيفة جزائرية إلكترونية ورقية أدبية فنية ثقافية شاملة

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى