لم تكن سافرة قصة قصيرة بقلم الأديب الشاعر / عبده مرقص عبد الملاك سلامة
لم تكن سافرة
قصة قصيرة
بقلم الأديب الشاعر / عبده مرقص عبد الملاك سلامة
كنت اصطحب إبنى الذى يبلغ من العمر ست سنوات على دراجتى الهوائية و قد كان أمامى ،فى طريقنا للمنزل و فجأة لمحت غادة تتهادى فى الطريق ،تمشى الهوينا كغزال ، فسألت إبنى إذا كان يعرف بنت من هذه الفتاة ،فإستدار بوجهه نحوى و نظر إلى شزراً قائلاً :” إنها ليست بنت( فتاة) ،دى مرة ( سيدة ) فقلت له : ” أنت تعرفها؟ ” أجاب بالنفى ،فقلت له : إذن كيف عرفت إنها سيدة متزوجة ؟ فرد :” من مشيتها ،هو أنت متعرفش الفرق بين الفتاة و بين المرأة المتزوجة من مشيتها ؟ فضحكت قائلاً :” لا و الله ) فسخر منى قائلاً :” يا سلام!
و مرت الأيام و السنون كنت أسير فى أحدى ضواحى المدينة فقابلنى صديق لى عمره جاوز العقد السبع ببضع سنين، كان يجلس على مقهى يملكه أمام منزله ،يدخن الشيشة و يشرب الشاى ،سلمت عليه و ألح على أن أجلس معه لتناول كوباً من الشاى و قبل أن أتفوه بكلمة كان نادى على( الجرسون ) طالباً منه إعداد كوب شاى مخصوص على( مية بيضا) ثقيل ،
و بدأنا ثرثرة فى مواضيع شتى ،تناولنا فيه ما مررنا به من أحداث و ما نمر به ،و تطرقنا إلى أخبار الأبناء و الأحفاد ، و سرعان ما توجه الحديث إلى منحى آخر حينما أخذ يترحم على الأيام و على شبابه ،أيام البطولات و الصولات و الجولات وهوكله حسرة و ألم ، و كيف إنه إضطر للجوء إلى بدائل و مقويات لإصلاح ما أفسده الدهر و لكن هيهات ،
فلم أتمالك نفسى من الضحك و بادرته قائلاً :- ” هل مازلت تعمل كما كنت فى شبابك ؟هل يمكنك لعب كرة القدم ؟ هل يمكنك الجرى ؟ هل يمكنك أن تمص قصباً أو تنحت ( دوماً) ؟
فأجاب بحزن :” لا ،لاأستطيع فعل ذلك ، و لكن ما علاقة ما حكيته لك بذلك .”
“العلاقة وثيقة يا صديقى العجوز ،و عليك أن توفق إحتياجاتك طبقاً لقدراتك،و أن تشغل نفسك بما و من حولك من أبناء و أحفاد ،و لا تجعل ذلك ينغص عليك حياتك و يحرمك من التمتع بما لديك من نعم ،علماً يا صديقى أن فصول السنة تختلف من ربيع لخريف ،إبتسم و أشكر الله إنك بخير و صحة و بينما أحدثه ،لكزنى بكوعه قائلاً :” ( شايف اللى أنا شايفه ؟)(يا بوى على الجمال ،يابوى.)
فنظرت إلى حيث ينظر فوجدت سيدة تسير مرتدية( ملاءة لف) لا يظهر منها شئ
فقلت له ماذا ترى ؟ و أين الجمال الذى تتحدث عنه ؟لعل تحت الملاءة عجوز شمطاء
فنهرنى قائلاً :” أنت لا تفهم شيئاً ،إنظر لقدمها يا جاهل ( و قد كانت ترتدى حذاء لا يكشف سوي عن قدمها ) .”أنا كنت فاكرك متعلم و تفهم فى الجمال ! الظاهر إنك مازلت خاماً ،على نياتك ،
ضحكت و قلت :”كيف يكون القدم مقياساً للجمال ؟
فضحك حتى بانت نواجزه و قال ،القدم عنوان الجمال و الست دى قدمها يؤكل أكلاً ،لكن إنت إيه فهمك ،روح اتنيل على حالك )
ضحكت و نهضت مودعاً إياه و داعياً له بالشفاء
تحياتى
عبده مرقص عبد الملاك سلامة