لن أبقى تحت وطأة أحد بقلم هادفي جيهان ..الجزائر ..(القصة حقيقية)
لن أبقى تحت وطأة احد
مثل كل صباح يوم خميس اعتدت على شرب فنجان قهوتي في شرفة غرفتي على مرأى بما يجاورني، مستذكرة لأطلال الماضي الأليم و في مواجهة الواقع المستميت أكلت قطعة الحلوى التي أصرت عليا أمي لتذوقها ثم ارتميت على سريري أزيح جبل همومي وأُلَمْلِمُ شتات تفكيري بقراءة مدونة ما ،استوقفتني عبارة كتبت بالخط العريض” لا أحد يهتم بما تشعر” كانت تتحدث عن جريمة نكراء حدثت لفتاة صغيرة السن ..كيف واست نُدوبها بنفسها وتحدت كل ما ألمها ؟
كانت معظم عباراتها تحفيزية فهي أحيان توحي بالهزيمة وفي أحايين أخرى ترمز للإنتصار ..
كرَّرْتُ قراءة العبارة للمرة الأولى والثانية ثم الثالثة ليس لصعوبتها وغموضها بل لبديهيتها ،ملامستها أعماقي ومداعبة غبار ذكرياتي ، أعادت إحياء الماضي بأحاسيسه ،آهاته ، وأسقامه .وترميم أوجاع الحاضر ..
ماضِِ أليم يذكرني بالسرطان الذي أواجهه ولازلت أتنافس معه ،أخارت قواي ،تجمدت مشاعري ،صعقت أفكاري حينما تذكرت أن لا أحد يشعر بما أنا عليه من أوجاع وأسقام، من أهات طويلة مستمرة مع استمرار العلاج ومن طغيان البشاعة الجارفة لكل ما أوتيت به من جمال ..
كنت في السابعة عشر من عمري عندما علمت أن جسمي يتآكل بمرض خبيث ،جعلني القدر باكية بكاء المطر ،وحيدة وحدة القمر ،تعيسة تعاسة السواد المخيم على السماء ،تتلاعب بي الأفكار تلاعب الرياح بأوراق الشجر فقدت أصلها وتاهت في صحراء لا بداية لها ولا نهاية ..
فإذا كان المرض ضدي بالآلام فأنا ضده بالآمال ..
التحدي لأمر مسلم به ،يستوطن في أعماقك،يجري في عروقك ،يغزو تفكيرك ،يذكرك كل صباح بأن الحياة توقفت ويستوقفك كل ليلة على ذكرى ما ألت إليه حالتك ليس بالأمر السهل ولا بالهين فقد استنفذتُ كل قواي لمنافسة ضعفي والتغلب على مخاوفي..
كانت البداية فوضوية نوعا ما ،بدأ مشوار التحدي بقرار اجتياز البكالوريا هذا العام والدراسة من أجل نيله ورغم عدم تفوقي عدة مرات إلا أنني أصررت على ألا أجعل عائق المرض معيق ، قررت ممارسة أحب رياضة إلى قلبي وهي “كرة الطائرة” لتحفز الكرة يداي وتطرد من خلالها سموم الإحباط ،ثم قررت اعتلاء المسرح والمشاركة في الأندية الثقافية والجمعيات الخيرية ، وأخيرا وأهم وأمتع ما حظيت به لأنفس به عن اجتياح أوهامي وطرد ضجيج أفكاري هي “الكتابة” ،صحبتها ولزمتها كل قصصي ومكنوناتي لتبادرني براحة لا تضاهيها شتى الممارسات ،كما أنني تعلمت الطبخ ..
توالت الأيام بتغير مشاغلي ، تجدد مشاعري و استقرار تفكيري فكان كل ما هو آت يشجعني على تحد هذا المرض المحتوم مقتنعة أنه لخيرة ما ..
تهمس لي حالتي وتتمتم بعبارات اليأس لأبادلها ابتسامات جُلُّهَا أمل ،نظرة الشفقة في وجوه الآخرين تغمز لي بأنني على منبر مفارقة الحياة لأبادلهم بذلك نظرات جوفها التحدي وظاهرها الرضا ..
أما عن نفسي فأبت الرضوخ و الاستسلام، كنت أنظر إلى استياء حالتي وتدهورها يوما بعد يوم ولكنني كنت باردة برود الثلج ،صامدة صمود الجبل ،راضية بما أوتيت و مقتنعة بما أمنحه ..
تألمت بمرارة مما جعلني أتعلم بأن البكاء جُهد مُضني بينما الإبتسامة مجانية ليس لها مثيل..
تعلمت أن التفكير داء دواءه النسيان واللامبالاة ..
تعلمت بأن الزمن صلب يلين بالتحدي والمنافسة فيسهل بين قبضتك ويصعب وراء أوهامك، فنفسك معك بما ألهمتها وضدك بما أوهمتها ..
أخيرا تغيرت ولولا الألم ما تغيرت ..
أخيرا تغيرت ولولا قوتي ما حييت ..
تغيرت وأنا طالبة جامعية، تغيرت وأنا طباخة ماهرة ، تغيرت وأنا مُحفزة قلم، تغيرت مُخلدة حروفي لتسرد مآثري وتحفز أشباهي وتواسي أشجاني ..
_ مادام الأمل طريق فسنحيى ✋
_مادام القلب ينبض فسننجو 🙏
_مادام التحدي سلاحنا فسنحارب 💪
مادامت المنافسة محفورة فالخير آت 💞
_مادامت الأيدي متكتلة فالقوة موجودة 👏
_مادام الله معنا وفي قلوبنا فنحن بخير وعلى خير😍
هادفي جيهان ..الجزائر ..(القصة حقيقية)