لهيب الندم….الكاتبةأمينة أحمد حسن متولى
أنتِ طالق
طالق
طالق
★كيف استطعت النطق بها!
★لقد تأخرت كثيرا فى النطق بها ، كان يجب أن أنطقها منذ زمن ، منذ أن بخختِ السم فى أذنى من ناحية امى ، منذ أن جعلتِنى أتجرأ وأرفع صوتى عليها، منذ أن جعلتِها تشعر بأنها عبء علىَّ وهى التى ليس لها سواى، منذ أن طلبتِ منى أن أودعها دار العجزة والمسنين ، وانا كالمخمور نفذت طلبك بكل سهولة ،أخرجى من بيتى ومن حياتى ، إرحلى إلى الأبد.
دفعها بقوة خارج المنزل ، ثم أغلق الباب ،وسقط على الأرض يندب حظه وخيبته
حاول النهوض وأزاح عن وجهه بقايا الدموع ، والخراب الذى عشش على حياته منذ عامين، ثم ركض بكل قوته ،نحو دار المسنين التى ألقى بوالدته فيها بلا رحمة .
ركض حتى انقطعت أنفاسه .
وصل إلى هناك ، واستقبلته المشرفة على الدار …
سألها عن والدته..
نظرت إليه نظرة استياء قائلة:
★أخيرا تذكرت أن لك أم تسأل عليها!!
لم تفارق الدمعة عينها منذ أن ألقيت بها إلى هنا ولم تسأل عنها ولو مرة واحدة . من أين أتيت بهذه القسوة ! لن يغفر الله لك
★أين هى ،اشتقت إليها، سآخذها معى ، سأعوضها عن كل لحظة عاشتها بدونى ،وعن كل دمعة سقطت من عينيها، أين هى خذينى إليها..
★لقد توفت والدتك منذ أسبوع وقبل وفاتها أمْلَتنى خطابا لأكتبه لك، لم نعرف لك عنوانا حتى نرسله .
إنتظر لحظة ،سأحضره لك.
سقط هذه المرة ليس بجسده فقط ،ولكن سقطت معه الحياة ،سقطت معه الفرصه فى التكفير عن ذنبه تجاه والدته.
بكى بحرقة ،كطفل صغير تاه بين الزحام.
فتح الخطاب ويداه ترتعش.
إبنى وقرة عينى، اشتقت لك ، كنت أنتظرك كل يوم، ويمضى يوم بعد يوم ولا تأتى ، لم أكن أتخيل أنك ستُلقى بى إلى هنا وترحل للأبد، ولكننى سامحتك ، سامحتك حتى لا يفعل بك أبنائك ما فعلت بى،سامحتك حتى لا تشقى بذنبى ،لا تلُم نفسك يا حبيبى ، لا تشعر بالذنب ،اتمنى لك دوام الخير والسعادة .
وداعا يا نبض قلبى .
بعد قراءة الخطاب ، احترق قلبه ،كما احترقت حياته .
عاد يجر أذيال الخيبة والحسرة والندم والألم .
تبرع بكل ما يملك لصالح دار المسنين التى سكنتها أمه، يذهب إلى الدار باستمرار، ينظر إلى وجوه العجائز ، يبحث من بينهم عن وجه أمه …
ظل وحيدا ، ليس له رفيق سوى لهيب الندم ،الذى سيظل يكتوى به مدى الحياة.