المقالتارخية

ليـــــــــــــــــلة الإســــــــــــــــراء و المعــــــــراج بقلم محمود احمد الورداني

***** ليـــــــــــــــــلة الإســــــــــــــــراء و المعــــــــراج *****

يقول الله – عز وجل – في كتابه الكريم …

[ سبحان الذي أسرى بعبده ليلاً من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصا الذي باركنا حوله لنـُريه من أياتنا إنه هو السميع البصير ] .

نحتفي في تلك الأيام بذكرى غالية على قلوبنا نحن المسلمون و هي ذكرى ليلة الإسراء و المعراج و هي الرحلة التي قام بها الرسول و النبي محمد ( صل الله عليه و سلم ) من بيته بمكة المكرمة و المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى و مكانه في القدس الشريف أو بيت المقدس كما كانوا يسمونه قديماً بهذا الإسم ، و هذه الذكرى العاطرة لها دلالات كثيرة و معاني إنسانية راقية في تاريخنا الإسلامي و الدعوة المحمدية منذ بعثة الرسول في قومه في مكة و قبل الهجرة النبوية إلى المدينة المنورة ، و كلنا أو أغلبنا يعلم كيف جاءت بعثة النبي ( صل الله عليه و سلم ) و كيف كان يعيش الرسول بين قومه و هو الملقب بينهم بالصادق الأمين ، و كيف جاء الوحي الإلهي إليه و هو في غار حراء و كيف أستقبل خبر السماء بالخوف و الرهبة و دليلاً على ذلك الأيات الكريمات التي في صدر سور المدثر و المزمل و هي [ يا أيها المدثر ، قم فأنذر ، و ربك فكبر ، و ثيابك فطهر ، و الرجز فاهجر ، ولا تمنن تستكثر ، و لربك فاصبر ] و قوله أيضاَ [ يا أيها المزمل ، قم الليل إلا قليلاً ، نصفه أو انقص منه قليلاً ، أو زد عليه و رتل القرأن ترتيلاً ، إنا سنلقي عليك قولاً ثقيلاً ] صدق الله العظيم ، و كيف واجه النبي الكريم قومه بهذه الدعوة و كيف أذوه و سبوه و كيف تحمل على نفسه مشاق الرسالة و تحملها و كيف آثر على نفسه بأن لا يدعو على قومه مثل ما سبقه من الأنبياء و الرسل السابقين .

ثم جاء بعد ذلك حادثتان كانتا أشد و أقوى عليه من إيذاء المشركين له و هما وفاة زوجه السيدة ( خديجة بنت خويلد ) و عمه ( أبو طالب ) اللذين كانوا معيناً له و يؤانسانه و يؤازرانه في هذه المحن الصعبة ، و لذلك سـُمي هذا العام الذي توفي فيه عمه و زوجه بعام الحزن مما زاد عليه الأذى و التكذيب من قـِبل الكفار ، و في سبيل هذه الرسالة ذهب الرسول الكريم إلى مدينة ( الطائف ) وحبداً يدعو الناس لعبادة الله و الإسلام و لكنهم طردوه و ضربوه و سلطوا عليه صبيانهم و سفهائهم يرمونه بالحجارة حتى دميت قدماه الشريفة و ذهب يشكو إلى ربه في دعائه المشهور و هو [ اللهم إني أشكو إليك ضعف قوتي و قلة حيلتي و هواني على الناس يا أرحم الراحمين أنت رب المستضعفين و أنت ربي إلى من تكلني ، إلى بعيد يتجهمني أم إلى عدو ملكته أمري ، إن لم يك بك علي غضب فلا أبالي و لكن عافيتـُك هي أوسع لي ، أعوذ بنور وجهك الذي أشرقت له الظلمات و صلح عليه أمر الدنيا و الأخرة ، بأن تنزل بي غضبك أو أن يحل علي سخطك ، لك العـُـتبي حتى ترضى ولا حول ولا قوة إلا بك ] ، ثم يأتي ( جبريل ) عليه السلام بأمر من الله ( عز و جل ) و معه ملك الجبال و يقول للرسول الكريم [ لو شئت لإطبقن عليهم الأخشبين – أي الجبلين – فلا يبقى منهم أحداً ] لكن الرسول الرؤوف الرحيم المبعوث رحمة للعالمين يقول له [ لا لعل الله يخرج من أصلابهم من يوحد الله ] و قد صدقت نبؤة الرسول فيما بعد و دخل الناس في دين الله أفواجاً و ذلك في فتح مكة ، و لنا في هذا حديث قريب إن شاء الله .

و جاءت بعد ذلك حادثة الليلة و هي موضوعنا اليوم و هي حادثة ( الإسراء و المعراج ) و قصتها هي أن الرسول ( صل الله عليه و سلم ) كان نائماً عند الحجر فأتاه ( جبريل ) عليه السلام فهمزه في قدمه فجلس النبي و لم يرى شيئاً ثم عاد إلى مضجعه الشريف ، فأتاه جبريل مرة ثانية و همزه في قدمه فجلس الرسول و لم يجد شيئاً و عاد النبي إلى مضجعه مرة أخرى ، ثم أتاه الثالثة فهمزه للمرة الأخيرة و أخذه بعضده و حينها قام النبي معه و خرج به إلى باب المسجد فأتاه ملك آخر و شق صدره الشريف ( صل الله عليه و سلم ) ثم جاء بالرسول الكريم و رأى دابة بيضاء و هي ما بين البغل و الحمار و في فخذيها جناحان تحفز بهما رجليه و كانت تـُسمى بالبراق و أخذت الرسول و جبريل و سارا معاً من المسجد الحرام و وصلت بهم إلى بيت المقدس و المسجد الأقصى و دخل الرسول فوجد جميع الأنبياء و الرسل فأمهم عليه الصلاة و الرسول في صلاته ، ثم جاءه جبريل بوعائين و قيل ثلاثة و كانت الأوعية عبارة عن قدح من لبن و الثاني من خمر و الثالث من ماء ، فاختار النبي ( صل الله عليه و سلم ) اللبن و قال له جبريل ( عليه السلام ) : هديت للفطرة و هديت أمتك يا محمد و حرمت عليكم الخمر ، ثم انطلقا معاً إلى السماوات السبع و عـُرج به إلى جميع الأنبياء ( صلوات الله عليهم ) فوجد في السماء الأولى سيدنا ( أدم ) عليه السلام ثم في السماء الثانية وجد ( عيسى و يحيى ) عليهما السلام ثم في السماء الثالثة وجد ( يوسف ) عليه السلام ثم في السماء الرابعة وجد ( إدريس ) عليه السلام ثم في السماء الخامسة وجد ( هارون ) عليه السلام ثم في السماء السادسة فوجد ( موسى ) عليه السلام ثم السماء السابعة فوجد ( إبراهيم ) عليه الصلاة و السلام و كان مستنداً ظهره إلى البيت المعمور . ثم إنتقل النبي الكريم إلى سدرة المنتهى و هناك أراه الله من أياته الكبرى و أوحى الله عندها لرسوله الحبيب و فرض عليه الصلاة فكانت خمسين صلاة ثم لقي الرسول في طريق عودته ( موسى ) عليه السلام ثم دار بينهما حوار حول تخفيف الصلاة إلى انتهى الأمر بفرض خمس صلوات في اليوم و الليلة ، ثم رأى النبي بعض من أيات الله أثناء رحلته هذه الكثير من الأيات و المعجزات التي سوف نتحدث عنها في لقاء آخر بإذن الله .

ثم جاء النبي في صباح اليوم التالي و قد قابل زعماء قريش و أخبرهم بتلك الحادثة الجليلة و الليلة العظيمة فقال أكثر القوم : إن هذا القول لا يـُصدق أفيذهب محمد و يرجع في ليلة واحدة و كانت النتيجة أنه قد أرتد كثير ممن أسلموا مع رسول الله ، و ذهب كثير من الناس إلى ( أبي بكر ) فقالوا : إن صاحبك يزعـُم أنه قد جاء من البيت المقدس و صلى فيه و رجع إلى مكة ، فرد عليهم أبو بكر قولته المشهورة : [ و الله لئن كان قال هذا الكلام لقد صدق فما العجب في ذلك ! فوالله إنه ليخبـُرني أن الخبر يأتيه من السماء إلى الأرض فأصدقه ] . و من هنا سـُمي أبو بكر بإسم ( أبو بكر الصديق ) لإنه صدق الرسول الكريم في حادثة الإسراء و المعراج .

و للحديث عن تلك الحادثة فإننا نحتاج إلى مقالات و كتب و مراجع كثيرة كي نتعرف على أسباب و نتائج هذه الحادثة العطرة و معرفة إذا كان الرسول ( عليه الصلاة و السلام ) أسرى بالروح أم الجسد أم بالأثنين معاً و نوع الأنتقال و الشواهد التي رأها الرسول في رحلته هذه ، و كيف ألتقى بالأنبياء و صلى بهم و كيف كان حديثه معهم ( صلوات الله و سلامه عليهم أجمعين ) ، و كيف كان لقائه برب العالمين و كيف فرضت الصلاة و كيف كان حديث موسى عليه السلام مع الرسول و غير ذلك و كله سوف يكون في حديث آخر إن شاء الله .

و أختم هذا المقال بأيات من سورة النجم و هي التي تحدثت عن المعراج المبارك للنبي حيث يقول الله عز و جل :

[ و النجم إذا هوى ، ما ضل صاحبكم و ما غوى ، و ما ينطق عن الهوى ، إن هو إلا وحي يوحى ، علمه شديد القوى ، ذو مرة فأستوى ، و هو بالأفق الأعلى ، ثم دنا فتدلى ، فكان قاب قوسين أو أدنى ، فأوحى إلى عبده ما أوحى ، ما كذب الفؤاد ما رأى ، أفتـُمارونه على ما يرى ، و لقد رأه نزلة أخرى ، عند سدرة المنتهى ، عندها جنة المأوى ، إذ يغشى السدرة ما يغشى ، ما زاغ البصر و ما طغى ، لقد رأى من أيات ربه الكبرى ] .

صــــــــــــــــــــــــــدق الله العظيـــــــــــــــــــــــــــم ..

و إلى لقــــــــــــــــاء آخــــــــــــــــــــــــــر بــــــــــــــــــــــــــإذن الله …

و كــُل عــــــــــــــــــام و الأمة العــــربية و الإســــــــــــلاميـــــــــــــــــــــــــة بخيـــــــــــــــــــــر و صحــــــــــــــــة و ســــــــــــــــــــلامــــــــــــــة و سعــــــــــــــــــــــــــادة يـــــــــــــــــارب العــــــــــالميـــــــــــــــــــــن …

هكـــــــــــــــــــــــــذا أنــــــــــــــــــــــــــا و هكــــــــــــــــــــــذا علمتنـــــــــــــــــــــــــــــــــــي الحيــــــــــــــــــــــــــــــــــــــاة …

مـــــــــــــــــع أطيـــــــــــــــــــــــــــــب تحيـــــــــــــــــــــــــــــــاتي للجميــــــــــــــــــع / عــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــاشق الكلمــــــــــــــــــــــــــــــــــــــات / محمود احمد الورداني

الإدارة

صحيفة جزائرية إلكترونية ورقية أدبية فنية ثقافية شاملة

مقالات ذات صلة

‫3 تعليقات

  1. Thanks , I have recently been searching for info approximately this subject for a long time and yours is the greatest I have came upon so far.
    However, what in regards to the conclusion? Are you positive about the
    source?

  2. I was curious if you ever considered changing the page layout of your site? Its very well written; I love what youve got to say. But maybe you could a little more in the way of content so people could connect with it better. Youve got an awful lot of text for only having one or two images. Maybe you could space it out better?|

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى