القصة
ليلة قاســـية بقلم الأديبة “عبير صفوت”
قصة قصيرة
ليلة قاســـية
بقلم الأديبة عبير صفوت
اِهْتَزّ وَجْهُ الْمَرْأَةِ مشدوها بِغَرَابَة تَقَلَّب كفوفها فِى حَيِّز ضِيق ، تُحَاوِل أَن تَتَذَكَّر ، مَاذَا حَدَثَ ؟ ! فِى تِلْكَ الْأَحَايِين ، عِنْدَمَا تَحْدُث (آدم) بِثِقَة مِنْ الطِّرَازِ الْأَوَّلِ ، حَتَّى . . عَادَت تَصارُعُه فِى مَنْطِق مَا حَدَثَ وَلَمْ يُحْدِثْ ، قَالَت بخيبة أَمَل نَحْو الْمُحَقِّق :
حِكَايَة وَهْمِيَّةٌ اتعايش بِهَا ، حَتَّى وَقْتِنَا هَذَا .
أَنْصَت الْمُحَقِّق بِإِمْعَان وَاسْتَمَرَّت الْمِرْآةُ كَأَنّهَا تُعِيد تَكْرَار الْأَحْدَاث .
صَبَاحِ الْخَيْرِ سيدتي ، كَانَت أُمْسِيَّة رَائِعَة ونعتذر عَن الصَّخَب وَالضَّجَر الَّذِي أَسَاء لَكُم فِى تِلْكَ اللَّيْلَةِ .
شَيّ غَرِيبٌ يُحَدِّث ، كَأَنَّ الْمَرْأَةَ جأت هُنَا مِنْ قِبَلِ . . آكَد الْكَثِيرِين ذَلِك
هاهي نَفْس الغُرْفَة الَّتِى كُنْتُمَا بِهَا لَيْلَة أَمْس سَيِّدِي .
تَفَضُّلًا ، أَعْلَمُ كَمْ رَاقَت لَكُم هَذِهِ الْغُرْفَةِ ، لِذَلِك ، فَهِي لَكُمَا .
بِالطَّبْع شَيّ غَرِيبٌ يُحَدِّث ، تَبَيَّنَت الْمَرْأَةُ ذَلِكَ ، حِين طَلَبَت فِيزا كَأَرَتّ لِدَفْع الْإِقَامَة ، حَتَّى تَدْخُلَ الِابْن قَائِلًا :
لَا عَلَيْك يَا أُمِّي ، سأتولي الْأَمْر
تَعَجَّبْت الْأُمّ وَقَالَت بِحَدِّه :
كَيْف لَك ذَلِكَ ؟ ! وَأَنْتَ لَا تُمْلَكُ مِنْ النُّقُودِ شَيّ
بَاتَت ضَحِكُه هَارِبَةً مِنْ الِابْنِ خلثة ، حَتَّى قَالَ مُذَكَّرًا إيَّاهَا :
بُدِئ مِنْ الْأَمْرِ وَقَدْ ناولك النِّسْيَان أَوْرَاقَه
تثمرت الْأُمّ جَالِسَةٌ بِذَلِك الصَّمْت ، و كَانَت الصَّدْمَة المروعة .
خَرَج الْمُحَقِّق عَن صَمْتُه قَائِلًا :
إذَا كَلَّ الشُّهُودِ تَقُول ، أَن بِالْأَمْس كَانَا كُلًّا مِنْكُمَا بِالفُنْدُق
قَالَت الْأُمّ : نَعَم
اسْتَكْمَل الْمُحَقِّق :
تَمّ جَلْب الْمُحَامِي ، لتنازلك عَنْ كُلِّ مَا تَمْلِكِين لِابْنِك الْوَحِيد
خَرَجَت الْأُمِّ عَنْ شُعُورُهَا مَذْعُورَةٌ :
أَبَدًا لَمْ يُحْدِثْ
جَلَس الْمُحَامِي يَشْهَد :
نَعَم تَمّ التَّنازُل بِالْأَمْس فِى هَذَا الْفُنْدُق
شَهِد عَامِلَيْن هَذَا الْفُنْدُق :
نَعَم تَمّ بِالْأَمْس ذَلِكَ الْأَمْرِ
أَصَرَّت الْأُمِّ عَلَى النكران ، حَتَّى كَانَتْ الْمُفَاجَأَة ، هِى قَد تنازلت بِالْفِعْل .
كُلّ التحركات وَالْأَوْقَات الَّتِى تَمَّ بِهَا التَّنازُل ، قَام بِاتِّبَاعِهَا وَتَصْوِير اللَّحْظَة عَنْ كَسْبِ .
اتَّبَع الْمُحَقِّق كُنْهِه الْأَمْر :
هاهي الْمَرْأَة تتنازل وَالْمُحَامِي يَجْعَل الِابْن يَتَمَلَّك مِيرَاثُة قبل الأوان
تَسْأَل الطَّبِيب :
كَيْف لِامْرَأَة ذَكِيَّةٌ حَرِيصَةٌ ؟ ! أَن تتنازل بِهَذِهِ السُّهُولَةِ لِابْنِهَا الْوَحِيد الطَّامِع بِهَا .
قَالَ الْمُحَقِّقُ مُنْتَبِهً:
اُنْظُرْ هُنَا ، تُرِي مَا يَسُرُّك .
قَالَ الطَّبِيبُ الشَّرْعِيّ أَخِيرًا :
تَبَيَّنَ مِنْ الْأَمْرِ ، تِلْكَ الْوَاقِعَةِ ، قَبْلَ الذَّهَابِ إلَى الفُنْدُقِ ، مَرِضَت الْأُمّ وَحَضَر الْمُحَامِي وَالطَّبِيب ، بُدِئ مِنْ تَصْوِيرِ الْأَحْدَاث ، الْأُمّ تَقُوم بِالْإِمْضَاء عَلَى عِدَّةِ أَوْرَاق ، قَالَ عَنْهَا الِابْن أَنَّهَا تَخُصّ توريدات الْمَصْنَع ، إنَّمَا كَانَتْ الْمُفَاجَأَة ، أَثْبَت الطِّبّ الشَّرْعِيّ ، تَارِيخ الْإِمْضَاء لَمْ يَكُنْ مُنْذ الأمْس بَلْ كَانَ مِنْ تِلْكَ اللَّيْلَةِ الَّتِى مَرِضَت بِهَا الْأُمُّ
قَالَ الْمُحَقِّقُ :
إذَا هِى الأُحْبُولَة
تَمْتَم الطَّبِيب :
تَمَّت الْمُوَاجَهَة وَقَال المتواطئيين مَا يَلِي :
عَلِم الْمُحَامِي بِسُوء نِيَّة مُوَكِّلَتِه وَالشُّرُوع فِى حِرْمَان ابْنِهَا الْوَحِيدِ مِنْ سَلَّطَه التَّحَكُّم فِى الْأَمْوَالِ بَعْدَ رَحِيلِهَا ، عَلِمَ الِابْنُ الَّذِي كَانَتْ تَرْبِطُة صَدَاقَة قَوِيَّةٌ بِهَذَا الْمُحَامِي ، بَعِيدًا عَنْ الْأُمِّ ، لِذَلِك دُبُرًا قِصَّة الْإِمْضَاء ، فِى ذَلِكَ ، لِأَنّ الْمُحَامِي لَهُ حَقُّ إدَارَة أَعْمَال الْأُمّ
اسْتَكْمَل الْمُحَقِّق :
مِنْ هُنَا دُبُر الْمُحَامِي قِصَّة الْإِمْضَاء مِنْ أَجْلِ التوريدات ، لِيَكُون الْإِمْضَاء تَنَازَل لَيْسَ إلَّا
ثُمَّ قَالَ الطَّبِيبُ :
قَدْ شَهِدَ الْجَمِيع بِالتَّوَاطُؤ بَعْد اِكْتِشاف الْحَقِيقَة ، خَادِمَيْن الْفُنْدُق وَالْمُحَامِي وَالطَّبِيب مَعَ الِابْنِ الْجَاحِد .
الْمُحَقِّق :
حَقًّا عَلَيْنَا أَنْ نَقُوم بِبِنَاء أَخْلَاق أَبْنَاءَنَا قَبْلَ بِنَاءِ الْقُصُور