إشراقات أدبيةالنثر

مرض الكسل بقلم الأديب محمود أحمد الورداني

لــــذو العقـــــــــول النــــــاضجـــــــــة …

( مــــــــــــرض الكســــــــــل )

***** إعتـــــــــــــزال عـــــــــــــاشـــــــق *****

إنني أعاني كثيراً في هذه الفترة الأخيرة من حياتي من مرض شديد بعض الشئ و هو مرض إسمه [ الكسل ] و هو ما يجعلني أحياناً لا أريد أن أكتُب أو أقرأ أي شيئاً من مكتبتي الزاخرة بشتى أنماط الثقافة العربية و العالمية المترجمة و ألوان المعرفة الإنسانية المُقدسة ، و هو ما يجعلني أيضاً ينتباني شعوراً بالملل و السُقم من كُل ما أملكه من الأوراق و المجلدات التي تُزين أروقة حجرتي المتواضعة و جعلني أفكر في إعتزالي الثقافة و القراءة و الكتابة و التي بدأتها منذ عقدين و نصف من عُمري أي من ربع قرن مضى ، و أصبحتُ أنا في هذه الأيام الخالية و حتى تلك الساعة التي أسطر فيها هذا الموضوع و هذه الكلمات ما بين كاتباً كسولاً وقارئاً خمولاً ، و بدأت فعلاً أضجر من تلك الكتابات و القراءات التي كنتُ – وما زلت إلا قليلاً – شغوفاً بها و حريصاً على إطلاعي على أمهات الكتب في جميع محلات و أكشاك البيع و أسواق المكتبات و على أرصفة الطرق و الشوارع و أقتني ما يفتنني و يجذبُني من الكُتُب و خصوصاً ذات الورق الأصفر القديم و بعض الكتب الحديثة التي نادراً ما أشتريها و أحب أن أقرأ في جميع المجالات الثقافية مثل [ الأداب و العلوم و التاريخ و الفنون و الطب و التراث و العمارة و الرياضة و الفكر و الحضارة … إلخ ] و أجلس في كُل يوم بل في كل ساعة من أوقاتي القليلة و في راحتي الأسبوعية التي لا يخلو وقت منها إلا قد دوامت على تلك القراءة و الكتابة في أي موضوع من الموضوعات و المجالات التي ذكرتها أنفاً .

ولا شك في أن شعوري بهذا المرض الرهيب و خاصة في هذا الوقت الراهن مما يجعل البعض من قـُرائي الأفاضل و خاصة تلك المرأة التي أعشقها و التي تعرف ذاتها جيداً ليعلمون بأن هذا أمراً صعباً ، و خصوصاً عندما تعودت هي و تعود الجميع على كتاباتي الطويلة نسبياً في أي مقال أو موضوع أو دراسة أو قصة أو قصيدة …. إلـــخ ، ولا مِراء أيضاً أن هُناك أسباباً أو عوامل نفسية أو إجتماعية أو صحية و أيضاً ثقافية وراء هذا الشعور المرضي و قرار إعتزالي المفاجئ للجميع ، و من تلك الأسباب على سبيل المثال لا الحصر .

أولاً : إنه هناك بعض الأعضاء و الأصدقاء المتواجدين سواء ممن معي على صفحتي الشخصية أو المشتركون معي في هذه المجموعات الثقافية و الإجتماعية لا يحبون تلك الكتابات التي أكتبها و بعضهم يتململون من فكرها و طرحها على هذه الشاشة السخيفة ، و حُجتهُم في ذلك – كما وضح لي بعضها في تعقيباتهم و تعليقاتهم لي – إن كتاباتي أحيانا تكون طويلة جداً و يضجرون من هذه المقالات و المنشورات الموضوعة أمامهم و يحبون بأن تكون مجرد سطور عابرة و كلمات قليلة دون إستيعاب أو فهم منهم ، و الحق إنهم لو كانوا فعلاً قرأوها جيداً بعيون عقولهم و بصائر أفئدتهم لكان رأيهم و تعقيبهم عليها غير الذي تفوه البعض منهم عن منشوراتي و مقالاتي و خواطري و قصائدي و لكن لهم العذر في ذلك و لعلهم يفقهون ! .

ثانياً : إن البعض الأخر من الناس يظن في تلك الكتابات و المنشورات و خاصة المقالات الإجتماعية و الإنسانية و التاريخية و الدينية و الفنية و أيضاً العلمية و كذلك القصائد النثرية و الشعرية إنها شيئاً مكروراً و ليس عندي أفكار جديدة أو أراء أو موضوعات أخرى أطرحها في هذا المنتدى ، و لكن أحب أن أوضح و أقول لهؤلاء ضعاف الفكر و النفوس ، إنه و إن كان لاحظ بعض التشابه أو التكرار في بعض من هذه الأشياء ، فإن مقصدي – و الله أعلم بذلك – ما قصدت أن أعمد لتكرار الشئ – إن وجد – إلا فقط تأكيداً للحقيقة و تثبيتاً للمعنى في عقول بعض القراء المهتمون بشؤون وطنهم العربي و مجتمعهم الإنساني حتى تعُم الفائدة على الجميع و يأخذون من أرضها جذور معرفتهم و نبتة ثقافتهم ليُزهروا بها حدائق أفكارهم و بساتين مشاعرهم الوارفة في واحة الحياة ، و لكل هؤلاء أو هؤلاء خالص شُكري و تقديري العميق لهم .

ثالثاً : أن الملاحظ بل و المؤكد في أن أغلب هؤلاء الذين ذكرتهم في السبب الأول ليسأمون من كتابات الرجال و ليس أنا فقط ، و يودون أن يكون كاتب هذه المقالات و الخواطر و القصائد أن يكتبُها غيره و خاصة لو كانت إمراة أربعينية أو ثلاثينية أو تكون أنثى عشرينية لا يهُم ، ولا يهُم أيضاً جنسيتها أو دينها أو لونها أو ملامحها أو بلدها أو عرقها ، ذلك لإن عندهم تاء التأنيث هي أفضل لهم من بعض الرجال ، و لو أن الأمر كذلك لكان الإقبال عليها و التعقيب على كلماتها و محتواها مننا نحن الرجال و بعض النساء مثلهن و المتلصصون و المترقبون لأي حرف أو كلمة تكتبُها أي إمراة أو أنثى حتى و إن كانت تحية صباح أو تحية مساء و يكأنهم ينتظرون ربة جديدة من ربات الجمال من عهد أساطير الرومان أو ألهة أخرى من ألهة الإغريق القدامى أو ملكة من ملوك العصور الوسطى تتوج على عروش قلوبهم المنافقة أو أميرة من حكايات ألف ليلة و ليلة تستحوذ على مشاعرهم الخادعة أو سلطانة من عصر الحرملك تسلُب أرواحهم الغادرة ، و كأنهم يتطلعون في فلك السماء و النجوم و ينتظرون إنبلاج تلك الربة الجديدة و الألهة الأخرى حتى يُشعلون لها مشكأة حياتهم العاتمة و ينثرون على أقدامها ورود سعادتهم الزائفة بوجودها و يذبحون على رؤياها نحر الحروف الباخسة حتى تنبجس لهم أنهار من الحُب الواهم و تنهمر عليهم زخات العشق الواهن و يصطلون بلظى الأشواق الملتهبة و شُهُب الحنين الواهي لها ، و إنني أقول هذا الكلام – و عذراً للبعض منكم – لإنني رجُلاً أعرف جيداً طبيعة الرجال و بعض نفوسهم الخبيثة و عقولهم الملوثة و مقلياتهم المتطلعة على أجساد النساء و يحبون الركض عليهم و يلهثون خلف نزواتهم و شبقهم و شهواتهم دون وعي كامل أو إحساس صادق بالحُب أو مشاعر صداقة حقيقية بين الطرفين ، و لعل هذا السبب الأخير هو السبب الفعلي و الرئيسي في النقطة التي أشرت إليها في هذا المقال من سعي الرجال خلف النساء و عدم المبالاة بغيرهم من الرجال مثلهم .

و في الختام /

أقول بأنني لست معارضاً لكتابات النساء أو أني ضدها فمنهُن حبيبتي و منهن صديقاتي و شقيقاتي و أخواتي و زميلاتي في جميع أركان الوطن العربي كله ، و لكن عتابي على هؤلاء العقول المريضة التي تتعامل و تتفاعل معها ، و هذا هو أولاً .

ثانياً : إنني جدياً أعاني من هذا المرض النفسي الذي أشرت إليه في أول حديثي معكم و هو مرض الكسل ، و إنني حتماً أفكر في إعتزالي الكتابة و لو لفترة زمنية – لا يعلم مداها إلا الله – و حتى يتسنى لي أيضاً بأن أستعيد عافيتي و ذاكرتي و قواي الفكرية و أعود إلى ما كنت أليت عليه ذاتي في هذا المنتدى و مضياً على طريق المعرفة العربية و الثقافة ، و أكون على قدر مسؤلية قُرائي الأجلاء ، و أحب أن أنوه للجميع – و يشهد الله العلي القدير – بأنني أحاول أن أقتصد في تلك الكتابات الطويلة لكن إحساسي الصادق بتلك الموضوعات و بأصحابها و مشاعري النقية و واجبي الإنساني معها في أي قصيدة أو مقال أو قصة أو دراسة أكتبه يجعلاني أنفعل إنفعالاً كُلياً معها دون قصد أو عمد مني ، و ليعرف الجميع أيضاً بأني أسطر هذه الأشياء و أقرأ عنها و عيني و روحي على كل إنسان هنا في هذا العالم كله و من يُريد الثقافة العربية و التثاقف الحقيقي لذاته و قلبه و عقله ، و قبل أي شئ فأنا أكتب تنفيساً عن ذاتي و تعبيراً صادقاً لما أراه حولي من البشر ولا أسعى أبداً لكلمات الإطراء و الثناء أو إكتساب شهرة أدبية أو نجاح مادي زائف على حساب تلك الأفئدة الضعيفة .

و في النهاية ، إنني في تلك الأقصوصة و هذا المقال الأخير لي – و لعله فعلاً أخر ما أدونه على صفحات المجموعات الخاصة و الإجتماعية و الثقافية على الأقل خلال هذه الفترة الحالية – لإشكر كل قلب و كل عقل و كل عين و كل قلم و كل يد قرأت أو سمعت أو فهمت أو أحست بما قدمته في هذا المجتمع الفيسبوكي الكبير و هذا البيت الإفتراضي للجميع و قدمت لي العون و المشورة و النقاش في هذه الأشياء ، و أما من أساء الفهم أو لا يُدرك من هذه الموضوعات المنشورة شيئاً فهو حُراً في شأنه ولا عتاب على ذو العقول المحدودة و أرباب الفكر الضيق و المخ الصغير ، و لسوف فعلاً سأعتزل بعض الوقت عن الكتابة في المنتديات العامة إلا فقط في صفحاتي سواء الشخصية أو المنتدى الخاص بي و هو [ طريق المعرفة العربية ] ، و ربما سأعود قريباً أو بعيداً للجميع و إلى أن يأتي هذا اللقاء و تلك الساعة أرجو منكم أن يغفروا لي خطئي و سهوي و ليسامحوني إن تجاوزت أو أساءت لأي شخص أو فرد منكم سواء رجلاً أو إمراة ، و ليكُن الله معنا و في عوننا جميعاً حتــــــــــــــــــــــــى أخـــــــــــــــــــــــــــــــر العُمـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــر .

هكــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــذا أنــــــــــــــــــــــــــــــــــــا و هكـــــــــــــــــــــــــــــــذا علمتنــــــــــــــــــــــــــــــــــــي الحيـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــاة ….

و إلــــــــــــــــــــــــــــى المُلتقـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــى قريبـــــــــــــــــــــــــــــاً و عـــــــــــــــــــــــــــودة جــــــــــــــــــــــــديــــــــدة بـــإذن الله ….

مـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــع تحيــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــاتي / عـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــاشق الكلمــــــــــــــــــــــــــــــــــــات / محمود احمد الورداني

الإدارة

صحيفة جزائرية إلكترونية ورقية أدبية فنية ثقافية شاملة

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى