مفتاح السعادة بقلم قمر بن صالح #تونس
مفتاح السّعادة
السّعادة وردة فوّاحة يسعى كلّ فرد لقطافها علّ أريجها ينعش روحه و منظرها يفتن أنظاره.
السّعادة نور لا يأفل و لا يملّ من نشر أشعّة الأمل على البساط السّندسيّ للقلوب المتعبة.
لكن هل يعرف الجميع المعنى الحقيقيّ للسّعادة؟ لما يتذمّر أغلب النّاس من غياب شمس السّعادة عن سماء حياتهم؟
ما مدى أهميّة السّعادة؟
و كيف بإمكاننا أن نكون سعداء؟
أسئلة عديدة تدغدغ فكر الإنسان و إجابتها سهلة لا تستوجب الكثير من التفكير.
يشعر الإنسان بالسّعادة عند حصوله على الأشياء أو الشّيء الّذي يتمنّى تحقيقه. فمن النّاس من يحلم بالثّراء . هناك من يحلم بالتّخرّج أو الحصول على عمل أو الزّواج بمن يحبّ أو إنجاب طفل أو السّفر إلخ. و بمجرّد تحقيقه لحلمه يشعر بالسّعادة.
لكن المشكل الحقيقيّ أنّ الإنسان في رحلة بحثه عن السّعادة ينسى في بعض الأحيان أن يأخذ معه حقيبة الرّضا و القناعة ممّا يجعله يدوس في طريق وصوله لمحطّة السّعادة على سعادة الآخرين فتعمي أنانيّته عيونه.
أقدّم مثالا لبعض التّجّار الّذين تكمن سعادتهم في تحقيق الرّبح الوفير فيسلكون نهج الغلاء و التحيّل و الكذب على المشتري ليبيعوه بضاعة بأضعاف أضعاف ثمنها الحقيقيّ بتعلّة أنّ كلفتها باهظة أو أنّها مستوردة أو غيرها من الحجج.
فيضطرّ المستهلك لشراء هذه البضاعة على مضض و يفرغ جيبه ليملأ جيوب الباعة جشعا و طمعا. فهل تعتبر هنا سعادة هؤلاء الباعة سعادة مشروعة و مستحقّة؟ أ ليست سعادة بُنِيت على أنقاض جيب مسكين مضطرٍّ؟ هل سعادة هؤلاء الجشعين باكتسابهم سيّارات فاخرة و قصورا و أرصدة في البنوك سيكون مذاقها حلوا فعلا و هم يعلمون جيّدا أنّ كسبهم ذاك كان عن طريق الطّمع و التّحيّل؟ هل سيشعرون بالقناعة مع السّعادة أو سيكون همّهم الوحيد هو المزيد من الأموال؟ كيف سيلاقي هؤلاء البشر ربّهم يوم القيامة و هم طمعوا في رزق المحتاج و المسكين؟ ألا يعتبر صنيعهم نوع من أنواع السّرقة ؟
هناك فئة أخرى من البشر ممّن شعارهم في هذه الدّنيا الكذب و النّفاق و التملّق و الخيانة فتكمن سعادتهم عندما يثيرون الفتنة بين النّاس أو يرتابوا أو يهتكوا أعراض بعضهم بعضا زورا و بهتانا. نسيت هذه الفئة يوما عظيما ألا و هو يوم لقاء ربّ العباد فهل سعادتهم المبنيّة على أساس هشّ ألا وهو الرّياء و النًفاق ستدوم؟ أم سيتمنّوا لو يرجع بهم الزّمن ليتوبوا و يصلحوا ما أفسدت أفعالهم و أقوالهم في الدّنيا و لكن سيكون الأوان قد فات؟
هلّا توقّف كلّ امرئ بعض الدّقائق أمام مرآة الرّوح و سألها عن هدف وحيد له في هذه الحياة ألا و هو إرضاء الرّبّ ليشعر بالسّعادة الحقيقيّة.
فلو فعل كذلك لأينعت ورود الحبّ و التّسامح و الوفاء و الثّقة و المساواة و العدل في بستان الدّنيا الزّائفة و الزّائلة.
كم جميل لو اقتسم الغنيّ رغيف ثراه و جاهه مع الفقير دون منّ و لا تشهير بصدقاته أمام العلن. كم هو جميل لو يتكفّل كلّ غنيّ بعائلة فقيرة في حيّه تكون مساعدته دائمة لا مرتبطة بمناسبات أو أعياد فيشعر هنا الفقير بطعم الحنان و الإيخاء فلا نجد محروما و لا ناقما على مجتمع غير عادل في توزيع الثّروات و ستحلّ العدالة مكان الطبقيّة و ستنقص نسب الجريمة من سرقات و عنف و تمرّد و إرهاب.
كم جميل لو نعيش في مجتمع لا تسوده أحقاد العنصريّة يعيش فيه كلّ أنواع البشر دون تمييز و لا تفرقة. ستكون دنيانا جنّة نعيم و تختفي الحروب و الصّراعات و لن نرى سخطا و لن نعاني من أوبئة و لا أسقام.
إذا وحده تمسّك الإنسان بالقيم السّمحة و النّبيلة الّذي سيضمن له سعادة حقيقيّة لا تشوبها شائبة.
قمر بنصالح # تونس