القصة

مفتاح و سماعة بقلم: “سهام رمضان محمد”

الاسم/ سهام رمضان محمد
البلد/ مصر–اسوان
القصة/ مفتاح و سماعة
• لماذا تتصرف معهم هكذا ؟
• لا أرغب في التعامل مع هذه الفئة
• لماذا
• ثقافتهم محدودة او ربما منعدمة ، و أشياء أخرى لا أحبذها
• لكن كل منا يحتاج الأخر، إن لم يكن اليوم سيكون الغد
الهاتف يرن ، يضحك الطبيب
• ألم أقُل لكِ ،هم يحتاجونني لأنقذ أرواحهم
• لكن لما قد أحتاج أنا لهم ؟
• نظرتك خاطئة للأمور
• هل لديكِ دليل علي صحة كلامكِ أنتِ ؟
• انظر إلى ما بداخل الكوب
رد الطبيب متعجبا
• ما هذه السخافة ،انه ماء
• حسنا ،أخبرني مما يتكون الماء ؟
ضحك الطبيب
• يبدو إنكِ اشتقتِ لذكريات الجامعة و معمل العلوم
• اكسجين و هيدروجين
ردت زوجته ضاحكة
• اذا هما عنصران لا يتكون الماء بأحدهم دون الآخر
• حتي و إن كان الهيدروجين له النصيب الأكبر إلا إنه لا شيء بدون الأكسجين
• و أنظر أيضا إلي تلك اللوحة بجوار مكتبك.
• ما بها ؛إنها في غاية الجمال
• الجمال الذي تتحدث عنه ما كان ليظهر لولا تتداخل الألوان
• أي ما ظهر جمال الأبيض لولا الأسود ، و ما رأينا البرتقالي لولا اندماج الأحمر بالأصفر
ابتسم الطبيب
• راقت لي فلسفتك ،لكنها أخرتني عن المرضي.
• يجب أن أذهب الآن
بينما ينتظر الطبيب في غرفته استقبال الحالات ، دخل الممرض
• حضرة الطبيب ، هناك حالة حرجة
الطبيب يتفحص الحالة
• هل تعرض لهذه النوبة سابقا
• نعم أكثر من مرة
• مطلوب بعض التحاليل و الأشعة للاطمئنان علي القلب
بعد مرور ما يقارب ساعة استعاد المريض و عيه
• حمد لله علي سلامتك
• شكرا أيها الطبيب ، لقد أنقذت حياتي
• لا شكر على واجب ،فهذا واجبي بالطبع.
• كاد أن يدمر التدخين قلبك ،فهي جلطة صغيرة بالقلب
• لقد سمعت إنك لا ترغب في زيارة الاطباء و هذا أيضا قد يدمر صحتك
• عليك باتباع العلاج و المتابعة الدورية
ضحك الرجل وقال
• اتركها بيد الله يا طبيب
تعجب الطبيب من كلامه ،وردد في نفسه
• ما هذا الهراء ؟
• لكن الله كما خلق لك الداء أوجد الدواء
تمضي الأيام و مازال الطبيب عند رأيه ،يؤمن بأن الاختلاف ما هو إلا غصة بعقله تثير الفوضى حوله ،لا يعلم إنه لولا هذا الاختلاف ما ظهر الجمال الكامن بكل شيء حولنا أو داخلنا ،لولا المرض ما كانت للصحة من قيمة ،و بدونك أنت ما كنت أنا ، و ما كنت أنت بدوني .
استيقظ الطبيب و المياه في كل مكان في البيت كادت أن تغرق شقته بأكملها ،فقد تعطل صنبور المطبخ ،و هو عاجز عن عمل شيء حيال ذلك ،قالت له زوجته
• استدعِ لنا سباك حالا
• سباك ، حسنا ،كان لدي رقم سباك أعطاني إياه أحدهم
بعد كثير من البحث و جد رقم الهاتف
• ها قد وصل السباك
• هل تقابلنا سابقا ؟
• نعم في المشفي ، لقد أنقذت حياتي
ضحك السباك قائلا
• بالأمس أنقذت حياتي من الموت و ها أنا اليوم أنقذ شقتك من الغرق
فضحك الطبيب أيضا ،بعدما أيقن خطئه في الحكم علي الأمور.
• لقد حقت زوجتي حين قالت أن كل منا يحتاج الأخر
حضرت زوجته لتجده شاردا و بيده سماعته و اداة من ادوات السباك
• فيما أنت شارد ؟
• كانت فلسفتك محقة جدا ، فالمفتاح الانجليزي هذا لا يقل أهمية عن سماعتي
• و ها أنا اليوم أدركت أن تلك الاختلافات لم تخلق عبثا إنما ليكمل كل منا الآخر ،ليستدل كل منا علي الآخر.

الإدارة

صحيفة جزائرية إلكترونية ورقية أدبية فنية ثقافية شاملة

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى