مقال:هَلْ أَنْتَ حَكِيم ؟ بقلم الأديبة عَبِير صَفْوَت
مَقَالٌ
هَلْ أَنْتَ حَكِيم ؟
بقلم الأديبة عَبِير صَفْوَت
مَا عِلاقَة المؤامرة بِالْهَدَف ؟ ! وَدُور الْوَاقِع وَمَا نَسَبَهُ الْجَمَالَ فِي كُلِّ ذَلِكَ .
وَمَا دَخَلَ الْحِكْمَةُ فِي ذَلِكَ ؟ !
•••••
المؤامرة //
هِي تكابل بَعْضًا مِنْ العَنَاصِرِ ضدك ، أَخَوات •• أصْدِقَاء •• أَقَارِب مِنْ مُخْتَلِفِ الدَّرَجَات ، بَعْض الْمُقَرَّبِين إلَيْك بِدُون قَرَابَة .
كَيْف تَخَلَّق المؤامرة ؟ !
تَخَلَّق المؤامرة مِن الضَّمَائِر الْغَيْر حَيَّة ، وَمَن الشُّخُوص المقهورة والحاقدة ، وَمَن فاقدين مَزَايَا النِّعَم ، وَمِنْ أَصْحَابِ الْآمَال الَّتِي هُدِرَت مِنْ الْعَلَاقَاتِ الْخَاطِئَة ، وَمِنْ حُسْنِ الظَّنِّ بِالْآخَرِين ، تَأْتِي مِنْ بَعْدِ قَتْلِ الشَّكّ وَلَكِنْ بِلَا يَقِين .
تَأْتِي المؤامرة مِنْ عِدَّةِ اِتِّجَاهَاتٌ ، أَوَّلًا مِنْ الْقَدْرِ ، ثُمَّ تَأْتِي مِنْ صَنِيعِ أَفْعَالُك وَطَرِيقَة السُّلُوك العشوائية ، تَأْتِي مِنْ الْجَهْلِ وَعَدَمِ الْوَعْي ، تَأْتِي مِنْ عَدَمِ اتِّبَاع الْحَدَاثَة وَالتَّقَدُّم ، تَأْتِي مِنْ الْعُزْلَةِ ، تَأْتِي مِنْ الْغَزْوِ الثَّقَافِيّ والأيديولوجيا الْمُزَيَّفَة المحرفة ، تَأْتِي مِنْ فِقْدَانِ الْهُوِيَّة ، وَتَأْتِي مِنْ تِلْكَ النَّظْرَة الَّتِي تَمِيل لِلْوَطَن باستهانة .
المؤامرة تَكَبَّر //
تَكَبَّر المؤامرة وتترعرع مَعَك وَأَنْت بالمهد ، رُبَّمَا مِن خَالَتِك أَو عَمِّك أَو أَبَاك أَو وَالِدَتُك أَو احدي الشُّخُوص الشِّرِّيرَة .
تترسخ المؤامرة فِي عُقُول ، تمرست العُنْف وَتَعَدَّت ظُرُوف بالِيَة وَإِبِل مِن الصُّعُوبَات ، رُبَّمَا تَكُونُ أَنْتَ بالمهد عائِق لِمَن يواليك أُومِن شَخْصٌ لَك بِهِ الصِّلَة الكبري ، المؤامرة تَكَبَّر ، رُبَّمَا احقادا مِنْ جَارِهِ لَمْ تَلِدْ وَلَدًا مِثْلَك ، مِنْ نِعَمِهِ أَنْت محسودا عَلَيْهَا ، مَدْرَسَة رَائِعَة تَعَلَّمْت بِهَا ، مِنْ لُغَةٍ مُمَيِّزَة تَحَدّثَت بِهَا ، هِنْدام وَمَلْبَس أَنِيقٌ ، عَيْشُه راقية بُهَيَّة ، المؤامرة يكدها لَك الْآخَرِين ، غَيْرِهِ مِنْ أَبَاك المثقف وَمَن وَالِدَتُك مُدَبَّرَة الْآدَاب وَالِاحْتِرَام ، المؤامرة وَالْحِقْد ، مِن طِفْل . الْمَهْد السَّعِيد الَّذِي يُرَبِّي عَلَيَّ الْهَدْيُ وَالتَّقَوِّي .
المؤامرة التراكمية //
هَلْ قَالَ ؟ ! الْمُعَلِّم لَك يَوْمًا :
أَنْت فاشِل ، . لَم يُعْطِيك فِرْصَة لِلْإِجَابَة ، أَو التَّعْبِيرِ عَنْ نَفْسِك ، أَو . التَّحَاوُر مَعَه حَوْل الدَّرْس بِكُلّ دَقَّه ، أَبَدًا وَلَمْ يَكُنْ .
هَلْ شَعَرْتَ يَوْمًا بالمؤامرة ؟ ! هَلْ رَأَيْتَ طَمُوحًا وَامْلأ ؟ ! تُدْفَن فِي رَبِيعٍ شَبَابُهَا .
هَلْ رَأَيْتَ طُلَّاب الْمَدَارِس ؟ ! يندفعون لتسلق أَسْوار الْمَدَارِس .
هَلْ رَأَيْتَ الْأَوْلَاد وَالْبَنَات ؟ ! ينفلتون فِي الشَّوَارِعِ يتسكعون ، يتمرسون الْجُرْأَة ، ويمرحون بتجارب ضحلة لَا رَجْعَةَ بِهَا ، إلَّا ينحتون الْآلَام وَالْمَعَاصِي .
هَلْ رَأَيْتَ شَبَاب الجِيل يُهَاجِر بِلَا أَنْ يُهَاجِرَ ، يَهْجُر وَطَنِه وَيَفْقِد الْهُوِيَّة ، يَتَنَازَل عَنْ الْحِلْمِ وَيُقَيَّد معصمة وَيُقْفِل عَقْلُه .
هَلْ رَأَيْتَ الْفَرَاغ حِينَ يَكُونُ قَاتَل ، عِنْدَمَا تُوضَعُ بَيْنَ خِيَارِ الِانْحِرَافُ أَوْ الْهُرُوبُ مِنْ المسؤلية .
هَلْ رَأَيْتَ الْآخَرِين ؟ ! فِي ثَبَات متجمدين بِلَا حَرَاك ، تتوة عُقُولِهِم مغيبين عَن الْوَعْي .
هَل . رَأَيْت أَقْلَامٌ تناست فِي غُضُونِ الْحَدَاثَة والتطوير .
هَلْ رَأَيْتَ أَقلاَما اُتُّجِهَت للإثارة وَتَحْرِيك الرَّغْبَة بِأَسْمَاء الْأَدَب بِلَا أَدَبٍ .
هَلْ رَأَيْتَ العولمة وَالْحَدَاثَة والتَّطَوُّر ، وَكُلّ وَسَائِل الْحَيَاة الممهدة لَك أَيُّهَا الْإِنْسَانُ ، وَعَقْلُك فَوْق الرُّفُوف .
تَتَأَمّر عَلَيْنَا اللَّحَظَات و الرَّغَبَات والطموح ، كُلّ قَرَار يُؤْخَذ يَعُود بِالْخَيْبَة وَاسْتِغِلاَل الْآخَرِين لَك .
مُؤَامَرَة الذَّات //
أَنْت عَدُوَّ نَفْسِك ؟ ! تَتْرُك الصَّالِح وتنتقي الطالح ، لِمَاذَا ؟ ! لِأَنَّك بِلَا وَعِيّ وَدِرَايَة ، بِلَا إرَادَة وتحدي ، بِلَا تَخْطِيطٍ ، بِلَا مُتَابَعَة ومصادقة النَّفْس ، عَلَيْكَ أَنْ تَتَجَوَّل بِنَفْسِك وتتصالح مَع نَفْسِك ، قُم بمؤانسة نَفْسِك ، واذد مِنْ الْوَعْيِ وَانْظُر لِلْوَاقِع وَتَقْرُبُ مِنْ اللَّهِ .
أَيُّهَا الْإِنْسَانُ لَن تكل وَلَن تَمَلّ نَفْسِك ، هِي تودك مَكْسُورًا هَالِكٌ مُحَطِّم ، عَنِيد ظَالِم مُتَكَبِّرٌ ، هِي تُرِيدُ أَنْ تشغلك بِأَبْسَط الْأُمُور ، الَّتِي تضخمها فِي ذَاتِكَ ، لِتَفَقُّد ثَبَاتِك وتعيش فِي ذُلِّ وَهَوَانٌ .
المؤامرة والهدف //
مَا عِلاقَة المؤامرة بِالْهَدَف ؟ ! الْعَلَاقَة الوَحِيدَةُ بَيْنَ المؤامرة والهدف ، هِيَ صِفَاتُ عكسية .
المؤامرة ” مِنْ أَجْلِ فِعْلِ يَسْتَنْكِرُه الْجَمِيع ، وَرُبَّمَا بُرَيْدَة الْجَمِيع ، مِنْ أَجْلِ حِمَايَة الوَطَن . أَمَّا الهَدَف هُوَ فِعْلُ يؤيدك عَلَيْه الْجَمِيع .
التَّخْطِيط ، كَلِمَة تَنْطَبِق عَلِيّ المؤامرة والهدف .
الهَدَف لَا يَأْتِي مِنْ فَرَاغِ //
الهَدَف هُو التَّخْطِيط الِاسْمِيّ لِكُلّ الْأَفْعَال .
يُولَد الهَدَف مِنْ عُنُقٍ الْعِلْم وَالتَّطَلُّع وَالْحُسْبَان .
الهَدَف الْمَحْسُوب ، يَأْتِي مِنْ الْحَذَرِ وَمَن تضيل التَّعَامُلَ مَعَ الآخَرِينَ ، عَدَم مُخَاطَبَة الْجُهَلَاء ، أَو الفضوليين ، عَدَم تَضِيع الْوَقْت وحسبانة .
الْعَمَل عَلِيّ الْإِرَادَة ، ثَقُل النَّفْس بِالْقِرَاءَة ، ومزيدا مِنْ الْعِلْمِ تَرْتَقِي بِهِ النَّفْسُ وتملاء الْعَقْلِ وَالدِّينِ بِالْعِلْم وَالْإِيمَان .
الهَدَف هُو بِدَايَة تَخْطِيط ، هُو مَرَاحِل تَقَدُّمِيَّة نَحْو نِهَايَةٌ الْمَطَاف .
هَلْ هُنَاكَ ؟ ! نِهَايَةٌ لمطاف الهَدَف .
بِالطَّبْع لَا ، لِأَنّ الأَهْدَاف لَن تَنْفُذ إنَّمَا تستهلاك .
المؤامرة والهدف وَالْوَاقِع //
صِلَةُ القَرَابَةِ بَيْنَ الهَدَف والمؤامرة ، هِي التَّخْطِيط مِن الْبَدْء .
لَكِن . . )
أَيْن الْوَاقِعِ فِي ذَلِكَ ؟ !
الْوَاقِعَ هُوَ الْمَسْرَحُ الَّذِي يُمَثِّل عَلَيْه ممثلين الْحَيَاة ، أدوارهم بِكُلّ جِدَارِه .
الْوَاقِعُ بِهِ . ادوارا مَنْسُوخَةٌ طِبْقَ الأَصْلِ .
التَّارِيخ يُعِيد نَفْسِه //
لِمَاذَا التَّارِيخ يُعِيد نَفْسِه ؟ !
لِأَنَّنَا أَجْيَالٌ تَرِث البِيئَة الْأَصْل ، الْمُعْتَقَدَات وَالْعَادَات والتقاليد ، والجينات أَيْضًا .
الْجَدِيد أَنَّنَا تَرِث الْحَدَاثَة وَالْمُجْتَمَع السلوكي الْجَدِيد ، بِوَعْي أَوْ بِلَا وَعِيّ بِعِلْمٍ أَوْ بِجَهْلٍ .
نَرِث الأمْجَاد وَنَقُوم بتحويلها لأنقاض ، تَرِث اللَّهْو والحذاقة وَتَحَوُّلَهَا لِتَارِيخ وامجاد .
نَحْن أَجْيَالٌ لَا تُرِي إلَّا تَحْتَ اقدامها ، وعيها وخيالها ، يَعِيشُ فِي مَنْطِقِهِ مَهْجُورَةٌ مِنْ الْعِلْمِ وَالتَّقَدُّم .
لَمْ نَتَعَلَّمْ مِنْ التَّارِيخِ وَمَن أَقْوَال الشُّعَرَاء ، وَمَن الْأَدِيب الْأَصِيل وَمَن تَارِيخ الأفلام الْقَدِيمَة .
تَاهَت التَّضْحِيَة وتاه الْحَبّ الْأَصِيل ، وتاهت الْمَعْرِفَة ، وتاهت الْأَصَالَة فِي نَشْرِ الوَعْيِ ، مَاتَت المصدقية فِي تَوْرِيد الصَّلَاح ، أَصْبَح التَّغَيُّب رِسَالَة ، الْغَزْو الثَّقَافِيّ ، وَاسْتِخْدَام العولمة فِي السُّوء ، اسْتِخْدَامٌ الْعَالِم الافتراضي ، فِي فَنِّ تَرْوِيج الاستِقْطَاب والمتاجرة بِالْإِعْرَاض وبالشخوص .
التَّلَاعُب بِالْعُقُول ، تَرْوِيج الْبِضَاعَة الْفَاسِدَة ، اِسْتِقْطاب الْأَمْوَال ، الضَّغْط عَلِيّ الْأَوْجَاع وَاسْتِغِلاَل الطامحين .
الْمَجْهُول //
الْمَجْهُولِ هُنَا ، هُو الْغَيْبُ الَّذِي لَا يَعْلَمُهُ إلَّا اللَّهُ ، يُدْبِر الْإِنْسَان سَاعِيًا يُنْكِر بِسُوء الْفِعْل ، يَعِيش بِلَا قَيِّم بِلاَ هَدَفٍ بِلَا تَخْطِيطٍ صَالِح ، ويلهو كَالْأَطْفَال ، يتناسي الْحَقّ والمحقوق ، يتناسي الْقَدْر وَالْغَيْب .
مَا هِيَ ادوارنا ؟ ! تُجَاه المؤامرة وَالْوَاقِع والهدف وَالْمَجْهُول .
دُورِنَا يُنَصِّبَ فِي الْحِكْمَةِ .
هَلْ أَنْتَ حَكِيم ؟ ! إنْ كَانَتْ الْإِجَابَةُ بِـ لَا ، فَاعْلَمْ أَنَّ الْخِبْرَة وَالْعِلْم وَالثَّقَافَة تُثْقِل عَقْلِك بِالْحِكْمَة . .
الْمَجْهُولِ هُنَا ، هُو الْغَيْبُ الَّذِي لَا يَعْلَمُهُ إلَّا اللَّهُ ، يُدْبِر الْإِنْسَان سَاعِيًا يُنْكِر بِسُوء الْفِعْل ، يَعِيش بِلَا قَيِّم بِلاَ هَدَفٍ بِلَا تَخْطِيطٍ صَالِح ، ويلهو كَالْأَطْفَال ، يتناسي الْحَقّ والمحقوق ، يتناسي الْقَدْر وَالْغَيْب .
مَا هِيَ ادوارنا ؟ ! تُجَاه المؤامرة وَالْوَاقِع والهدف وَالْمَجْهُول .
دُورِنَا يُنَصِّبَ فِي الْحِكْمَةِ .
هَلْ أَنْتَ حَكِيم ؟ ! إنْ كَانَتْ الْإِجَابَةُ بِـ لَا ، فَاعْلَمْ أَنَّ الْخِبْرَة وَالْعِلْم وَالثَّقَافَة تُثْقِل عَقْلِك بِالْحِكْمَة .
لَا تَتَحَدّثُ عَن مَالًا تَعْرِفُه ، لَا تَقُومُ بِمُصَاحَبَة الْعُقُول الْأَقَلّ مِنْك فِكْرًا ، كُنّ ونيس الْعُقَلَاء والراشدين ، اِبْتَعَدَ عَنْ مَالِكَيْن الدُّنْيَا ، وَأَصْحَاب الْغَرَائِز المنهمين ، لَا تنبهر بخادع ، أَو تَعَجَّب بفتاة جَمِيلَة فَارِغَة الْعَقْل ، أَوْ الْإِعْجَاب لرجلآ يتباهي بِنَفْسِه ، اِبْتَعَدَ عَنْ الطامعين ، والمتطفلين ، وَأَصْحَاب اللَّحَظَات الغارمة فِي ظُلْمَةٍ ، كُنّ حَكِيمٌ فِي الْفِعْلِ ، وَتَفَكَّر قَبْلَ الْقَوْلِ ، لِأَنَّ الْقَوْلَ هَذَا ، هُوَ الَّذِي سيحدد أَعْدَائِك مِن احبتك .
هَل تخطط ؟ ! أَوْ تَفَكَّرَ فِي هَدَفٍ مَاكِرٌ أَوْ طِيبٍ ، إذَا اصْنَعْ مَا يَحْلُو لَكَ ، وَلَكِن انْتَظَر عِنْدَ مَغِيبِ الْعُمْر ، سُتَرِي مَا تَخْبِئَةٌ لَك الْأَقْدَار .
اُعْتُبِر أَيُّهَا الْإِنْسَانُ ؟ !
“إن اللَّه يُمْهَل وَلَا يهمل” .