المقالقراءات نقدية

مقال نقدي بعنوان: مصطلح الشعرية بين العرب والغرب

مصطلح الشّعرية بين الغرب و العرب
يعدّ مصطلح الشِّعرية من المصطلحات الجديدة في الخطاب النَّقدي المعاصر قام بترجمته العديد من النُّقاد، يصطلح عليه في “النَّقد الفرنسي (Poetique) وفي الإنكليزي (Poetics)، وكلاهما منحدر من الكلمة اللاتينية(Poetica) المشتقة من الكلمة الإغريقية (Poietikos).بالصيغة النعتية التي تداولها الفرنسيون-خلال القرن 16م- بمعنى كل ما هو مبتدع مبتكر خلاق”Iventif” أو بصيغة الاسم المؤنث (Poietike) المتداولة خلال القرن السابع عشر بالمفهوم الذي خطه أرسطو في كتاب الشِّعر، وكلُّ ذلك مشتق من الفعل الإغريقي (poiein) بمعنى:فعل أو صنع” فهو من أكثر المصطلحات زئبقية.
يصعب تحديد مفهومها، فقد تشابكت مسيرة هذا المصطلح في تقلُّباتها بين الدّلالة التاريخية التي تعود بنا إلى أرسطو(ت322ق.م) ،الذي استلهم منه الفلاسفة العرب
قوانين الشّعرية ومحدّداتها في كتابه “فن الشعر” الذي يعدّ أوّل عمل منهجي في الشّعرية، نجد هذا الأخير اهتمّ بالشّعر اهتمامًا كبيراً فقد وصفه بالمحاكاة في قوله “الشعر محاكاة تتّسم بوسائل ثلاث قد تجتمع وقد تنفرد وهي الإيقاع والانسجام ، واللغة” فمعيار الشّعرية عند أرسطو يتحدّد من خلال تلك العلاقة بين هذه العناصر الثّلاثة التي قد تجتمع وقد تنفرد لتُشكِّل شِعرية ، ويرى “أرسطو” أنّ ما يجمع بين الإيقاع و اللّغة هو الانسجام الّذي جعله وسط العناصر.

معيار الشِّعرية عند أرسطو

الإيــــــــقـــــــــــــــــــاع الانسجام اللّغة

استلهم “أرسطو” العنصر الأوسط “الانسجام” من “هيراقليطس” الّذي حصر مفهوم الشّعرية في الانسجام الجمالي الّذي ينبع من الأضداد ، الاتّفاق ، الاختلاف ، فهذا التّناقض في حدّ ذاته يصنع وحدة و انسجام وتناسق يُشكِّل جمالية النّص الشّعري .
وإذا عدنا إلى مصطلح الشِّعرية عند النقاد الغربيين نجد أنَّها “وُلدت في مطلع النَّهضة اللِّسانية الحديثة، مع الفكر البنيوي في طوره الشَّكلاني، ولكنّ اتّساع ضفاف الشِّعرية جعل منافذها متعدّدة
و اشتغالاتها تكاد تكون مختلفة من حيث زاوية النَّظر و الاشتغال” ، فهي تمسّ جميع جوانب الخطاب الأدبي.
انبثقت الشِّعرية من رحم الدراسات الحديثة التي أتى بها “دوسوسيرF.Dossossur “كما “أنّ الشعرية يمكن أن تشكل قسما من اللسانيات، هو بمثابة العلم الشامل للبنى الألسنية، بيد أنّ عددا هاما من الإجراءات التي تتناولها الشِّعرية لا يتوقف عند حدود المشكلات اللّغوية، بل يتجاوزها إلى التعلّق عموما بنظرية العلامات la theorie des signes ” ،هذه النظرية التي تشير بدورها إلى السيميائيات.
كما أنّ الشعرية يتعدّد مجال اشتغالها، وكلّ ناقد له نظرته الخاصّة فهي عند “جون كوهن J.cohen”علم موضوعه الشعر” La poetique est une science dont la poisie est l’objet ” ، وجعله في الانزياح.

الإدارة

صحيفة جزائرية إلكترونية ورقية أدبية فنية ثقافية شاملة

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى