إشراقات متنوعةالقصة

مقتبس من قصة حقيقية بقلم: “فاطمة”علي عمران


#قصة
وكالعادة أنهيت واجباتي اليومية وجلست أتفقد حساباتي الشخصية على مواقع التواصل الاجتماعي فأتنقل بين التويتر والواتس اب والتلغرام و أنتهي برحلتي على فيسبوك ..تلك نهاية يومي اللطيفة المعتادة جلسة صفاءٍ الكترونية و احتساء لمشروبي المفضل “المتّة”..أصبحت أشعر بأن جدران معدتي صُبغت بالأخضر ولكن لا يهم..
هذا اليوم بالتحديد لم يكن كعادته بل كَسَرَ روتينه طلب صداقة على فيسبوك..
“Roro Roro”
إنه اسم مستعار..بالتأكيد الحساب وهمي يال السخافة
مضت بضع ساعات..أعلمتني رنّة الهاتف عن اشعارٍ بطلب مراسلة
و أيضاً “Roro Roro”
يال السخافة مرة ثانية ماذا تريد هذه الفتاة..وضعت في مخيلتي احتمالين
الأول : أنها معجبة بي طبعاً ولا تريد الفصح عن هويتها خجلاً اووه يال وسامتي إنني من الأشخاص المعجبون بنفسهم جدًا لا أعلم إن كان هذا مرض نفسي لا يهم
والثاني : أن الحساب لأحد أصدقائي الشُبّان يريد العبث معي بمقلبٍ تافه
هيّا لنخض التجربة أُحب التفاهة في أوقات الفراغ
و بدأنا بالحديث…طال الحديث جداً استغرق الليل بأكمله وأدركت أنني فاشلٌ تماماً بوضع الاحتمالات..
وبعد أن أصبحنا أصدقاء، أسرع صداقة مرت على تاريخ البشرية كانت تلك الصداقة
هل يعقل أن تنزع فتاة عقل شاب بأقل من ٢٤ ساعة؟
كم أنكم حيايا هكذا يُقال عنكم طبعاً
اتفقنا على موعدٍ للقاء لأنها احتاجت مني مساعدة ومهنتي قادرة على تلبية طلبها
لقد رتبت لهذا اللقاء جيداً لأظهر بأبهى صوري سأعكس لها صورتي المثالية كما أظهر على فيسبوك ليس على المرآة
فيلسوف و حالم و حنون و مثالي
(و على الجانب الآخر من القصة عند المسماة ب “راما” تُحاك الحبكة)
اخترتُ طاولة هادئة بكافيه راقٍ دافئ ذو أجواء شتوية و أتت راما..
جميلةٌ راما لم أكن أتوقع أنها جميلة لهذا الحد.. سقطت أمام ضحكتها ضحيّة
جلسنا وتحدثنا في موضوعها.. لم أرغب بمساعدتها مباشرةً وددت تأخير مد يد العون لها لألتقي بها مجدداً ولكن صُدمت بأنها “متزوجة تعيل ولديها وزوجها مفقود حرب” ليس لها في هذه الدنيا إلا نفسها و مساعدتي حالياً
وقفت حائراً هل هو حظي تعيس أم أن حياتها أتعس؟
شرحت لي الموقف بكل تفلصيله واستمعت لها جيداً باهتمام مبالغ فيه وعندما وجدت نفسي أغرق وأعلق قررت مساعدتها و قطع صلة الوصل بها.
جددنا اللقاء بنفس الموعد في اليوم التالي لتجلب لي كل الأوراق المطلوبة اللازمة لمساعدتها
في اليوم التالي:
اقترب الموعد.. وقفت أمام المرآة معجباً بوسامتي ومتحسراً على حظوظي العاطفية الفاشلة وقائلاً “يا خسارة الجمال ”
في حين كنت أُلقي شِعراً أمام المرآة بوصف نفسي و تحسري على جمالي رنّ هاتفي وكان المتصل الجميلة راما
_الو كيف حالك وسيم
_الحمدلله..انني بانتظار لقاءك
_هل تقبل عزيمتي إلى كافيه اخترته أنا هذه المرة..إنه المفضل لدي
كُنت ضعيفاً جداً لأرفض أمام هذا الصوت الناعم الممزوج بالغُنج يا الهي كيف لهذا الملاك الناعم أن يعيل طفلين وحده
فأجبتها نعم بالتأكيد كما تشائين
أعطتني العنوان و ذهبت.
إنه مكان لطيف لا بأس به.. لكنه شبابي جداً كُل رواده طلاب جامعة
وجدتها جالسة على زاوية بعيدة عن الازدحام قليلاً تعبث بأصابعها على الخشبة التي وُضع عليها رقم الطاولة تبدو متوترة غريبٌ أمرها..وباقترابي من الطاولة أصبح صوت طقطقة أظافرها على اللوحة الخشبية واضحاً يا الهي ما أجملها..
ألقيت التحية..وجلست و صمتٌ دام بيننا قليلاً
يبدو أن كلانا كان يُجمّع أفكاره و قاطع صمتنا حديثها..
_إذاً أحضرت لك الأوراق التي طلبتها..لا أعلم كيف سأرد لك هذا الجميل و بدأت تحدثني عن أولادها
و أنا أرتشف قهوتي وأسرح في تفاصيلها كونه اللقاء الأخير.
أخرجت هاتفها المحمول لتتصل و تطمئن عن أطفالها
لم أتوقع يوماً أن أرى أم قوية كهذه الأُم..بالرغم من الكوارث المتكدسة في حياتها وهموم معيشة طفلين إلا أن ضحكتها بلسم. حقاً هي ما يُقال عنها قوية كالحرب ناعمة كالسلام
_اووه للأسف لم يتبقى لدي رصيد لم أنتبه على ذلك يا الهي كم أنني غبية هل يمكنك استخدام هاتفك المحمول قليلاً
أشعر كم أتا ثقيلة عليك لكن أضطر لهذا أنا حقاً آسفة
_لا عليكِ أتمنى أن يكونوا بخير ألقِ لهم تحياتي
مَسَكت هاتفي المحمول وبدأت بالنقر على لوحة المفاتيح برقم منزلها…رنيين ثم جواب آلو..
استأذنت لتنفرد بحديثها مع أطفالها وتركت أغراضها على الطاولة..حقيبة أنيقة و ظرفٌ مغلق بإحكام يحوي ألأوراق التي أحتاجها لمساعدتها.
مضت خمس دقائق..أيعقل لمكالمة أن تطول هكذا؟!
خرجتُ لتفقدها..ولكنها لم تكن في الخارج
عدت للطاولة فتحت حقيبتها وجدتها تحوي على علبة سجائر فارغة و بالنسبة للظرف فقد كان يحوي على أوراق بيضاء ليس لها أي أهمية
علمت وقتها أنتي وقعت في الفخ خرجت ووقفت حائراً ضربت الكف بالكف ندمًا.
أوقفت تكسي و صعدت لا أعلم أين أدله ليذهب فوصفت له الفتاة..ضَحكَ كثيرا وقال لي هذه سالي ليست راما وهي تسكن في السكن الجامعي هنا..نزلت من التكسي غاضباً متوجهاً للسكن الجامعي وسألت الحارس إن رآها فوصفت له شكلها و ضحك … ضحك كثيراً وقال إنها ليست راما إنها ثراء عدت للكافيه و سألت أصحابه عنها بما أنها قالت أن هذا الكافيه المفضل لديها أيضاً ضحكوا ضحكوا كثيرا وقالو إنها ريتا ليست ثراء..
وها أنا الآن أضيع بين أقسام الشُرطة لأجدها.
و أشعر بأن إنسانيتي الغير عقلانية ستأخذني في ستين ألف داهية يوماً.
وأستسخف ضعف قلبي أمام المخلوقات الجميلة.
|فاطِمَة علي عمران |
#مقتبس_من_قصة_حقيقية_لكن_بتصرف❤

الإدارة

صحيفة جزائرية إلكترونية ورقية أدبية فنية ثقافية شاملة

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى