قصائد

مَا غَـدِي … الشاعر سمير الزيات

يَا حَبِيبِي ! ، لَسْتُ أَخْشَى مِنْ غَدِي
غَيْرَ يَأْسٍ وَسَرَابٍ فِي يَدِي
إِنْ يَكُنْ أَمْسِي تَوَلَّى وَانْقَضَى
فَغَدِي آتٍ ، قَرِيبُ الْمَوْعِدِ
كَانَ أَمْسِي مِثْل حلْمٍ قَدْ مَضَى
فَرَّ مِنِّي ، وَانْقَضَى لِلأَبَدِ
كُلُّ شَيءٍ ضَاعَ مِنِّي ، لَمْ يَعُدْ
أَيُّ دِفْءٍ فِي زَوَايَا مَعْبَدِي
***
لَسْتُ أَدْرِي – يَا حَبِيبِي – مَقْصِدِي
أَوْ طَرِيقاً فِيهِ تَخْطُو قَدَمِي
لَسْتُ أَدْرِي مِنْ شُجُونِي مَنْ أَنَا ؟
لَسْتُ أَدْرِي أَيَّ نَارٍ فِي دَمِي ؟
وَهَوَانِي وَابْتِلائِي بالْهَوَى
وَشَقَائِي فِي دُرُوبِ الأَلَمِ
وَسُكُونِي ، وَجُمُودِي ، لَيْتَهُ
فِي الْغَدِ الْمَزْعُومِ يُشْفَى سَقَمِي !
***
فَأَنَا رُوحٌ ، وَقَلْبٌ ضَائِعٌ
وَأَنَا وَهْمٌ ، وَعَيْنٌ لاَ تَرَى
وَأَنَا حِسٌّ وَلَحْنٌ خَافِتٌ
وَأنَا ظِلٌّ بِلَيْلٍ قَدْ سَرَى
إِنَّنِي أَحْيَا كَأَنِّي مَيِّتٌ
أَيُّ عُمْرٍ فِي الْهَوَى قَدْ يُشْتَرَى ؟
مَنْ تُرَى مِثْلِي تَهَاوَى فِي الْهَوَى ؟
لَيْسَ مِثْلِي مِنْ شَبِيهٍ فِي الْوَرَى !
***
إِنَّنِي أَحْيَا فَرِيداً فِي الْبَشَرْ
أَيْنَمَا أَمْضِي أَرَى مَا لاَ يَسُرْ
وَإِذَا سَارَ الْفُؤَادُ فَإِنَّهُ
يَتَهَاوَى بَيْنَ آَلافِ الْحُفَرْ
فَمُقَامِي بَيْنَ جُدْرَانِ الْهَوَى
فِي حَرِيقٍ وَجَحِيمٍ مُسْتَعِرْ
وَلِبَاسِي مِنْ حَنِينٍ شائِكٍ
وَشَرَابِي غَيْر كُلُّ النَّاسِ مُرْ
***
لَسْتُ أَدْرِي – يَا حَبِيبِي- مَا غَدِي !
ضَاعَ عُمْرِي فِي جُنُونٍ مِنْ أَمَلْ
وَشُرُودٍ ، وَسُهَادٍ ، يَا لَهُ
مِنْ ضَيَاعٍ بَيْنَ أَشْبَاحِ الْمَلَلْ !
وَاشْتِيَاقٍ ، وَانْتِظَارٍ لِلْغَدِ
وَضُرُوبٍ مِنْ ذُهُولٍ وَخَبَلْ
قَدْ سَئِمْتُ ، وَسَاءَنِي ظُلْمُ الْهَوَى
وَفُؤَادِي – فِي هَوَاهُ – لَمْ يَزَلْ
***
لَسْتُ أَدْرِي – يَا حَبِيبِي- مَا غَدِي !
هَلْ يَجِيءُ الْغَدُ يَمْحُو مَا مَضَى
وَيَعُودُ الْحُبُّ يَمْلأُ مَعْبَدِي
وَيَطِيرُ السَّعْدُ فَوْقِيَ وَالرِّضَا
إِنَّهُ حُلْمٌ بَعِيدٌ عَنْ يَدِي
إِنَّهُ مَاضٍ تَوَلَّى وَانْقَضَى
فَغَدِي يَوْمٌ بَعِيدُ الْمَوْعِدِ
إِنَّهُ حُكْمٌ بِهِ البَيْنُ قَضَى
***
الشاعر سمير الزيات

صحيفة نحو الشروق

صحيفة جزائرية إلكترونية ورقية أدبية فنية ثقافية شاملة

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى