مَقَالٌ بَيْت الْعَجَائِز بِقَلَم الأديبة عَبِير صَفْوَت
مَاذَا صَنَعْتَ لِتُفْعَل بِنَفْسِك ؟ ! أَلَمْ تَكُنْ لَك يَوْمًا مِنْ صانعات الْمَعْرُوف ، عَطَاؤُهَا عَطَاء الْفَخْر وَالْمَجْد ؟ ! كَانُوا الْحَيَاة وَالنُّور وَجَمَال الطَّبِيعَة وَالْأَمَان ، يَضْحَكُون تَضْحَك الْحَيَاة ، يَبْكُون تَبْكِي الرِّجَال وَالْأُمَم ، كَانَتْ تَصْنَعُ جَسَدِك وَغَيْرِهَا يَصْنَع تَارِيخ الرِّجَال ، هَل تسألت يَوْمًا ؟ ! عَن معلمتك .
هَل تسألت مَنْ كَانَتْ تحملك عَلَى عَاتِقِهَا ؟ ! تَتَحَمَّل الْمُعَانَاة والارهاق وَالوَهَن .
إنَّهَا أُمِّي وَأُمّك ، مَنْ قَامَتْ بِالِاعْتِنَاء فِيك ، مِن قَامَات بِإهْدَار الْأَوْقَات مِنْ أَجَلِك .
لَكِن . . ) مَنْ أَنْتَ ؟ ! وَمَنْ هِيَ ؟ ! وَمِنْ هَؤُلَاءِ .
هُم الْبَشَر اللَّذَيْن تَحَرُّكُهُم الْمَوَاقِف ، وَسِرّ الْمَوْجُود والعائز ، الزَّمَانِ وَالْمَكَانِ والعنصر الْبَشَرِيّ ، كُلُّ ذَلِكَ يَصْنَع مِنْك بِحَجْم عُمُرِك ، رَجُلًا يافِع قَادِرٍ أَوْ طِفْلًا لَمْ يَنْضَجْ بَعْد ، الظُّرُوف وَطَبِيعَةٌ البِيئَة الَّتِي أَنْتَ بِهَا ، تأخذك نَحْو الْفِعْل .
لَكِن . . ) هَلْ أَنْتَ مُجْبَرٌ ؟ !
مُنْذُ البَدْءِ ”
نَأْتِي أَطْفَالًا لَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ بِنَا ، نَشْعُر بِحَنَان فِي مَكَان مَا ، يصوبنا إلَيْه الْحَنَّان ، وَتَأْخُذ قُلُوبِنَا الطُّمَأْنِينَة ، نَعيش أَمْتَع اللَّحَظَاتِ فِي حِضْنِ هَذِه الْأُمّ الّتِي أَنْجَبَت طِفْلَهَا الْوَدِيع ، أَنْت أَمَانَةً مِنْ اللَّهِ فِي الْأَرْضِ ، مَاذَا سَيَكُون حَالُك ؟ ! إنْ لَمْ تَهْتَمّ بِك أُمُّك , مَاذَا سَيَكُون عَالَمِك الْفَارِغ بِلَا هَذِه الْعُيُون ؟ ! وَهَذِه الأحْضَان وَهَذِه الْأَنْفَاس وَهَذَا الْجَسَد العملاق ، يأخذك بَيْن زراعاه ، قِطْعَةَ لَحْمٍ صَغِيرَة تَتَنَفَّس لترعاك ، إنْ لَمْ تَكُنْ هِيَ بجوارك ، سَيَكُون الخَواء جِوَارِك ، وَرُبَّمَا حَلِيفِك مُسْتَقْبِل الْأَجْرَام .
مَنْ نَحْنُ ؟ !
نَحْنُ مِنْ قَالَت لَنَا أُمَّهَاتِنَا ، أَنَّ الشَّمْسَ إشْرَاقٌ وطموح وَالنَّهَار جَدّ وَعَمِل وخاصرة الْيَوْم لِلِاجْتِمَاع العائِلِيّ ، صَاحِبِه الْقَصْر الصَّغِير أُمِّي ، بَيْتِنَا التَّوَاضُع أَو الْفَخْر ، حَيَاتِنَا الثَّرَاء أَوِ الْفَقْرَ ، أَبِي الْبَسِيط أَو الْجَاحِد ، أَخِي المهووس أَو الْهَادِي وَأُخْتِي الحالمة الْمُرَاهِقَة ، وَالْأَطْفَال الأبرياء اخواتي ، مَنْ يَحْمِلُ كُلُّ الصُّعُوبَات والتحديات ؟ ! أَنَّهَا مِرْآة الْمُجْتَمَعِ البَشَرِيِّ .
تَعَدَّد المراحل الْبَشَرِيَّة ”
إِجْبَارِيّا نَمِر بالعديد مِن المراحل ✓
مَرْحَلَة الْحَضَانَة وَالتَّعْلِيم النَّاشِئ بِرِعَايَة الْأُمِّ وَالْأب..)
هِي مَرْحَلَة تَعْتَمِد عَلِيّ الْأَمَانَة ، وَالْعَلَاقَةُ بَيْنَ اللَّهِ وَهَذِهِ الْمَرْأَة المعيلة ، تَتَوَقَّف الرِّعَايَة عَلِيٍّ حَسَنٌ الْخُلُقِ وَحُسْنُ النَّشْأَة وَحُسْن تُقْبَل الْأُمِّ لِهَذِهِ الزيجة وَالْحَبّ وَالْكُرْه لِهَذِه الانجال ، هُنَا تُحْسَم الْأُمُور ، إِذْ كُنْتَ ستنشئ بِرِعَايَة صِحِّيَّةٌ أَوْ ضَارَّهُ .
مَرْحَلَةٌ مَا قَبْلَ الْمُرَاهِقَة ✓
وَهِي مَرْحَلَة رُبَّمَا تَخْتَلِط بِهَا الطُّفُولَة والأحاسيس الْمُخْتَلِفَة الَّتِي تَخْتَرِق افكارك مُبَكِّرا . . )
هَذِهِ الْمَرْحَلَةِ ، أَنْتَ بِهَا الوريث الْوَحِيد ، لمخلفات السُّلُوك الْعَدْوَانِي ، أَوْ الْمِيرَاثِ الدِّينُ وَالْخُلُقُ ، أَنْت تَرِث الْأَهْلِ فِي طَبِيعَة حَيَاتِهِم ، تَتَبَّع وتسلك نَمَط الْعَادَات والتقاليد ، يَتَرَسَّخ بِك الدَّيْنِ مِنْ أَبَاك الْفَاضِل ، اويهمش الدَّيْنِ مِنْ أَبَاك الْمُتَّهَم فِي عَالِمَة الْمُتَكَسِّر المهدود ، لَيْسَتْ كُلُّ العائلات مُتَشَابِهَةٌ ، إنَّمَا هُنَاك دَائِمًا مِنْ يَنْظُرُونَ إلَيَّ السَّمَاءِ وَهُمْ الْأَفْضَل ، أَنْت أَمَانَةَ اللَّهِ فِي الْأَرْضِ ، تؤهل مِن تجاربك صَاحِبِه الأحاسيس والمسميات الزائفة ، لِتَكُون رَجُلًا صَامِدا قَوِيٌّ الْفِكْر وَالْخِبْرَة ، حَازِمٍ فِي أَخْذِ القَراَرَات ، بِفَضْل مِن رعاك وَأَتْقَن تَعْلِيمَك فِي نَشْأَة ذادها النَّحْت فِي طَيِّه الْأَخْلَاق وترسيخ الدِّين ، أَو قذفك فِي بِئْرٍ الْحِيرَة وَالْعَبَث .
مَرْحَلَة الشَّبَاب اليَافِع المتهور ✓
مَرْحَلَةٍ خَطِيرَةٍ بَيْن الْمُرَاهِقَة وَالْمُجَازَفَة ، وَالْوُقُوعَ فِي الْمَشَاكِلِ الَّتِي هِيَ دَائِمًا عَاتِق عَلِيّ اكتاف الْأَبِ وَالْأُمِّ . . )
تَذَكَّر مَعِي جَيِّدًا ، مَاذَا سَيَكُون حَالُك إنْ اتَّبَعْت أصْدِقَاء السُّوء ، أَو دَامَت الْأَهْوَاء نَحْو الزُّجّ فِي عَلاَقات مستنكرة ، أَوْ كَانَ مصيرك اتِّبَاع عَقْلِك الْغَيْر رَاشِد ، اُنْظُر أَنَّهَا المراحل الْفَاصِلَةُ بَيْنَ الْإِقْدَام لِلْإِمَام وَالرُّجُوع لِلْخُلْف ، هَؤُلَاء هُنَّ مِنْ صُبَّت الْمَعَارِكِ فِي جوفهن وَالْقَلَق باجفانهن ، كَانَتْ لَا تَنَامُ ، أَنَّهُنّ الْأُمَّهَات .
هَل دَخَلَت الْمُحْبَس ؟ ! هَل ظَلَمْت ؟ ! هَل شَهِدَت الزُّور ؟ ! هَل أَكَلَت الْحَرَام ، هَل اِبْتَعَدْت يَوْمًا عَنْ اللَّهِ ؟ !
إذْ كَانَتْ الْإِجَابَةُ بِنَعَم ، فَاعْلَمْ أَنَّ الْآبَاءُ وَالْأُمَّهَاتُ هُم اللَّذَيْن يَجْعَلُون مِنْك رَجُلًا جَدِيدٍ أَوْ يَجْعَلُونَ مِنْهَا امْرَأَةٌ صَالِحَةً ، هَؤُلَاء اللَّذَيْن نَعيش مَعَهُم هُمْ مِنْ يَصْنَعُون الْحَيَاة الْفَاضِلَة ويضيئون الْأَنْوَار لَنَا نَحْوَ الْمُعَبَّر فِي الظُّلْمَةِ ، يَنْتَظِرُون وينتظرون ويتصبرون بِالْأَمَل حَتَّي نَمِر بِأَمَان .
مَرْحَلَة الرُّجُولَة ✓ .
مرحلة الرشد والخوض في حياة جديدة ، ربما يتلاشي دور الأم قليلا في هذه المرحلة ..)
تختلف المراحل العمرية ، وتختلف الاحاسيس ،وتتغير المشاعر قليلا ، هل تعرف لماذا؟! لان الاحتياج يخرج من سر الطفولة الي الرغبة المستفحلة ، تري الام وتعي ذلك ، ربما تسعد برجولتك التي باتت تشحذ من أجل الارتباط ، يهنئ قلبها ولا عاتب عليكم ايها الأبناء .
تذهبون ونحيا نحن البشر في ترتيب زمني متشابهة ، نتزوج ونري الامانات تخلق من جديد في الأبناء لابائنا وأمهاتنا الاحفاد .
مرحلة الكهولة ✓
هل تعلم ؟! أن الذكري لا تلد الا الرجال ، ولا تصنع الا الشرفاء ، ولا يكون منها إلا رجال وحماة الوطن .
أنهم رجال وامهات يردون الجميل لصانع المعروف ، صناع الامل وثقل الحياة بالنية السليمة وترسيخ الدين ، هؤلاء هم اباك وامك ، لا غيرهما .
هل التعامل الجديد ؟! يفقدك الشعور بالحق ”
تلك التعاملات الأولي ، تعلمناها من ابائنا وأمهاتنا ، مرت المراحل ، واختلفت التجارب ، وتغيرت المشاعر ، وتمكن منا الادمان علي مسايرة طاحونة الحياة ، الزواج والانجاب والاهتمام. والتربية لأجيال المستقبل ، هذا هو دورك بالطبع .
إنما ، هل ننسي ؟! من لهم الفضل في نشأة صالحة وضمير حي وتهذيب مخلوق ، كان سيدمر نفسة ، الا بمعاونتهم .
كيف لك أن تتحمل بك الأثقال وتعرب زوجتك عن رحيل امك ، واولادك يطهقون ، كيف تتمني موت امك التي قادها العجز رفات ضعيفة باقية من الزمن الجميل ، هل هذا هو التقدم والتغلب علي الإعاقة والسيطرة علي. زمرة الوقت .
ابدا والله ، فأن لم يكن لك خيرا بامك واباك ، فلن يكون لك الخير من الله ، من صنع معروفا كان لة بالميزان ، ومن كان خير دليل للبشرية وحمل الامانات ، انحنت له الاوطان .
المشاكل الاجتماعية ”
المشاكل الاجتماعية حتما هي التي تدفعك لذلك ، أن تلقي بكهولة الام الي بيت العجائر .
مشاكل عائلية ”
قلة المال ، عدم التفاهم العائلي ، عدم مواكبة الأحداث العائلية الصاخبة ، التنصل والزهد من المجتمع ، العمر الملم ببعض الاضطرابات ، المرض ، أو نشأة الاولاد الغير طيبة ، أو عدم تحمل الابن هذه العجوز وكذلك طهق زوجتة من المسؤولية ، ضيق الوقت لرعاية مسنة ، ثقافة العصر الخاطئة ، أو صنيع الأمهات الجاحدات ، التي اخطئت في تربية الانجال .
الوطن هو أمي ”
مجتمعات وعائلات ، البعض له أعراف غير الآخرين ، وسلوك لا شبيه لها ، انت بشري فضلك الله وخصص لك رعاية أبدية من هذه الروح النقية والجسد للأم والاب التقي .
رد المعروف بالمعروف والخير بالخير ، واحتضن من كان يحتضنك يوما .
كنت طفلا صغيرا بحضن امك ، والان حان دورك لتكون احضان الأمان لاباك وامك .
” لا تقل لهم افا ولا تنهرهما ”
رُبَّمَا يَوْمًا تُرِي هُنَاك عِنْدَ الشَّاهِدِ ، ذِكْرِي ورفات أُمُّك وضريح أَبَاك ، حَاوَلَ أَنْ تتذكرها وَلَو بِحَسَنَة رَائِعَة ، كَانَت الدَّلِيل لَنَا وَالْعَوْن بَعْدِ اللَّهِ .
عزيزتي الزَّوْجَة ، يَوْمًا ستكونين امْرَأَةٌ مِنْ الْمَاضِي ، عَجُوزٍ شَمْطَاءَ ، مَاذَا رُتِّبَت لِهَذَا الْيَوْمِ ؟ ! مَاذَا صَنَعْتَ مَع الصِّرَاع المصيري الْمُتَحَامِل عَلِيّ قدراتك الْمَحْدُودَة .
الْإِجَابَة : لَا شَيّ .
مِنْ الْآنَ وَإِذَا عَلَيْك الِادِّخَار لِمَا سيفيدك فِي الْمُسْتَقْبَلِ ، بِالطَّرِيقَةِ الَّتِي تتماثل مَع أَدِيم الْعَمَل وَالْمُسْتَقْبَل ، واعلمي سيدتي ، إِنَّكَ إِنْ لَمْ تقومين بمراودة الْقَدْر بِالْحُسْبَان ليوما مَجْهُولٌ .
فَإِن يَوْمًا مَعْلُوم لَن يُفِيدُ فِيهِ النَّدَمُ أَبَدًا .
التَّغَلُّب عَلِيّ الظُّلْم وَالْقَهْر ”
قَائِد السَّفِينَة ، رُبَّمَا يَوْمًا يَكُونُ رَمْزًا قَيِّمٌ لَا أَكْثَرَ ، يتناسي ذَكَرَه ، خَصَّتَا إذْ كَانَ خَلِيف رَبّان فِي أَدِيم لَزِمَ الْآمِرَ بِهِ ، أَنْ يَخُوضَ مِن الْأَدْوَار ، لَزِمَ مِنْ أَجْلِهَا التَّنازُل ، وَإِنْ كَانَ الْأَمْرُ كَذَلِكَ ، إلَّا تَتَعَلَّمُون ؟ ! .