نقد الشعر عند قدامة بن جعفر د. محمد ضباشه عضو اتحاد كتاب مصر🇪🇬
نقد الشعر عند قدامة بن جعفر
د. محمد ضباشه
عضو اتحاد كتاب مصر
الشعر ديوان العرب وذاكرة الأمة وأحد الأعين الرقابية على أداء الملوك والحكام والحكومات ومن خلاله نستطيع الحكم على ازدهار أو اضمحلال أمة من الأمم ، ولهذا أهتم به الشعراء والنقاد في كل العصور وكان لأبي الفرج قدامة بن جعفر 326 هجرية الفضل في إخراج كتابه عن نقد الشعر والتى صدرت الطبعة الأولى منه عام 1302 م عن مطبعة الجوائب في القسطنطينية بالغ الأثر لدى الشعراء في هذا الوقت ومازال مادة خصبة يستعين بها النقاد حتى اليوم في الشعر .
ويذكر في مستهل حديثه أن العلم بالشعر ينقسم أقساما إلى علم عروضه ووزنه ، وقسم ينسب إلى قوافيه ومقاطعه وإلى علم غريبه ولغته وقسم ينسب إلى علم معانيه والمقصد به إلى علم جيده ورديئه ، ويؤكد في تعريفه للشعر بأنه قول موزون مقفى يدل على معنى ، ولما كان للشعر صناعة وكان الغرض من كل صناعة إجراء ما يصنع ويعمل بها على غاية التجويد والكمال فالشعر كذلك له طرفان إحداهما غاية الجودة والآخر غاية الرداءة وكان كل قاصد لشيء من ذلك فإنما يقصد الطرف الأجود، وأن على الشاعر إذا شرع في أي معنى كان من الرفعة والضعة والرفث والنزاهة والبذخ والقناعة وغير ذلك من المعاني الحميدة أو الذميمة أن يتوخى البلوغ من التجويد في ذلك .
ويرى أنه لما كانت الأسباب المفردات التي يحيط بها حد الشعر منه وهي أربعة اللفظ والمعنى والوزن والتقفية ، ويرى أن اللفظ والمعنى والوزن تأتلف ويحدث من إئتلاف كل عنصر مع الآخر معان كثيرة ولم يجد للقافية مع أي منهم ائتلاف الا أنه وجدها تدل على معنى لتلك المعنى الذي تدل عليه ائتلافا مع سائر البيت من الشعر وهي لفظة مثل سائر البيت ولها دلالة على معنى لذلك اللفظ.
ويذكر قدامة بن جعفر أنه إذا أراد الشاعر الوصول بقصيدته إلى غاية الكمال والجودة عليه أن يكون على دراية بالأجناس التي يجب مراعاتها عند كتابة الشعر ومنها
1- نعت اللفظ : أن يكون صحيحا سهل مخارج الحروف من مواضعها، عليه رونق الفصاحة مع الخلو من البشاعة .
2- نعت الوزن : أن يكون سهل العروض
3- نعت القوافي : أن تكون عذبة الحروف ، سلسة المخرج وأن تقصد لتسير مقطع المصراع الأول في البيت الأول من القصيدة وربما صرعوا الشعراء أبياتا أخرى في القصيدة بعد البيت الأول وذلك يكون من اقتدار الشاعر وسعة بحره وكان من يستعمل ذلك امرؤ القيس لمحله في الشعر.
4- المعاني الدال عليها الشعر : من المعاني الدال عليها الشعر هو جمال الوصف وفيه يختلف الشعراء من ناحية الغلو أو الفقر في المعنى ولابد من الإقتصار على الحد الأوسط فيما يقال منه، ولابد أن تتضمن المعاني صحة المقابلة وصحة التفسير والتكافؤ والالتفات وائتلاف اللفظ مع المعنى وائتلاف المعنى مع الوزن وائتلاف القافية .
6- نعت ائتلاف القافية : وهو ما يدل عليه سائر البيت أن تكون القافية متعلقة بما تقدم من معنى البيت تعلق نظم له وملائمة لما فيه ، ومن ضمن أنواع ائتلاف القوافي القافية مع ما يدل عليه سائر معنى البيت ، وهو أن يكون أول البيت شاهدا لقافيته ومعناها متعلقا به بحيث إذا سمع أول البيت عرف آخره وبانت له قافيته .
7- عيوب الشعر: يري قدامة أن عيوب اللفظ من عيوب الشعر ويجب ألا يكون ملحونا وجاريا على غير سبيل الاعراب واللغة ، بالاضافة إلى عيوب للوزن وهي الخروج عن العروض والإفراط في تزحيفه حتى يميل الى الانكسار ، وكذلك عيوب القوافي مثل الإقواء وهو اختلاف إعراب القوافي فتأتي مثلا قافية منصوبة وأخرى مرفوعة ، وأيضا عيوب المعاني بما فيها من استحالة التفسير والتناقض ومخالفة العرف والتقاليد وتعاليم الأديان .