هبة الله بقلم: رحيمة حزمون
هبة الله
مشيت في شوارع خالية من البشر أتساءل من انا ومن اكون
ومن هم اهلي …وبقي السؤال يراودني إلى أن وصلت أمام
منزل سيدة عجوز فطرقت بابها دون شعور وحين فتحت لي
الباب انتابني شعور جميل فيه حلاوة لا استطع وصفها
فطلبت مني الدخول في البداية كنت مترددة ولما الحت علي
دخلت فإجلستني قرب نافدتها واخذت تنظر الي في دهشة
واستغراب
وهي تتمتم بكلمات لم استطع فهمها وقد قضيت معها اجمل
الاوقات ولم تمسني بسوء وقد رعتني احسن الرعاية ولما
طلبت منها السماح لي بمغادرة بكت بصوت منخفض وهي
تقول لي لماذا تردين تركي بعد ماتعلقت بك هل بدر مني
شيئا ازعجك
– لا لكن لا اريد ان اتعبك معي
– لا تقولي هذا ياصغيرتي تعبك راحة لو تعلمين مدى سعادتي
حين قبلتي دخول منزلي ومشاركتك خبرتي دون ان اعرف ما
اسمك ومن اي عائلة انت
– وهل تصدقين إذا قلت لك انني لا اعرف ماهو اسمي ومن
هم اهلي ولدت وجدة نفسي في الشارع تائهة لا مأوى لي
ملبسي من الشارع واكلي من الشارع ونومي في الشارع لا
احد يحترم شعوري ويقولون عني لقيطة وكلاما يجرح القلب
مما جعلني اعزم على البحث عن اهلي لكنني لم أجدهم ولم
أشعر بنفسي الا وانا أطرق بابك هذه هي قصتي
-سامحيني يا صغيرتي لم اقصد ان اذكرك بماضيك المؤلم
– لا تتأسفي مني فأنت متل جدتي التي لم أملك مثلها في
حياتي
– إذا كنت تعتبرنني مثل جدتك اسمحي لي اهبك هذا الاسم
لاناديك به
– بكل سرور
– إذا اسميتك هبة الله وكم سررت بهذا الاسم من شدة فرحي
لم أتمالك نفسي نفسي و روحت اخدها بالاحضان وانا اقدم
لها شكري
مرت الأيام وانا لا ازال أعيش في حضن هذه العجوز الطيبة
التي احبتني وضحت بالكتير لأجلي ولم تتخلى عني حتى
بعد ما وجدت اهلي وصرت أعيش معهم وكم سررت بلقائهم
والعيش بالقرب منهم لكن هذه الفرحة لم تنسيني عطف تلك
العجوز التي منحتني كل هذا الحب والحنان الذي لم أجده
في اي امرأة سواها ولقد علمتني أشياء كتيرة لم اكون اعرفها
من قبل ولم يهدأ لها بال حتى سلمتني إلى شريك العمر
واطمأنت علي وصارت تزورني برفقتي اهلي إلى أن أخذ الله
امانته وكم كان فراقها صعب علي ولم استطع نسيانها حتى
بعد ما صرت ام لطفلان وحينها أدركت مدى تعبها علي
وعرفت ان الحياة من دون جدة حنونة كالمنزل بلاسقف
يحميه من تسرب الأمطار والثلوج إليه قد وصتني بعدم قطع
صلة الرحم باهلي وعدم قطع زيارتها بقبرها فلم ارد وصيتها
حتى إلى يومنا هذا وهكذا عشت مع باقي أسرتي
رحيمة حزمون/ الجزائر