هزيمة غير منقوصة… بقلم بلال حفصاوي
وبينما نسير في موكب حافل بنا، شردت أنا في ذلك الصبي يرعى غنمات له يتقوى عليهن بعكاز أبيض اسودت أرنبته وجذعه وجزء من نهايته كأنه قطعة من ليل، وفجأة صوب الفتى عصاه تلك وكأن له فيها مآرب أخرى، وجه العنزة المعقوفة نحو أخ له يجلس على صخرة يراقب ما حمل الوادي من غنم. بث ذلك في نفسي الرعب وهرعت أتفرس الموقف ألاحظ ما يحدث، لكن هيهات أن أفهم، فما رأيته كان من سبيل حب قد وقر بالقلب واشتد، وكأن الصبي وجه سلاحا نحو أخيه، يريد إرداء البؤس الذي يعتلي هامته لا هي.
كانت الأغنام لاهية، وعقول القوم من حولي لاهية، والحافلات لاهية، والطريق لاهية، إلا أنا وتلك الرصاصة فأنا بكيت والرصاصة انطلقت، وهناك غير بعيد تحرك ماهو أكبر وأحقر وأبشع، كان البؤس حيا وانتبه فتفادى الرصاص. والتفت إلي الصبيان أحدهما يبكي خطأ الرصاصة والاخر يبتسم لحب أخيه له، وأنا بقيت أشتم البؤس والبراري والحافلات والقلم والقوم من حولي.
من سفر غير بعيد، رأيت البكاء فبكيت