الخواطر

هَذا الحِلُو كَااااتِلْنِي يَـــــا عمـَـــَّة …..عهود عدنان

أيها الأنتَ … يا مَن تورطتُ بعشقكَ الأزليِّ رغم تصحّر العلاقاتِ بيننا، وانحسار فتن التلاقي .. رغم أني لا ((اشم عطرك)) ولا (( تشمّ عطري)) .. ورغمَ أنّي ((أختنق واتنفسك)) غير أنَّكَ لم ترجعْ لتردَّ الرّوحَ إليّ …. لم ترجع لأيِّ سببٍ من الأسباب المتعلّقةِ بي .. تركتني تتقاذفني أمواج الغربة، تحملني إلى أطياف ذكرياتنا المرّة والحلوة على حدّ سواء .. رجعُ الحنين موجعٌ يا أنت … زوايا الأمكنة كلّها مرصّعةٌ بالأشباح والتيهِ والخذلان … ولمَ يحدثُ كلُّ ما يحدث؟ ((آنا شقلت يا معوّذ وانت زعلت عليّا ..)) ! لم يتوجّبُ على كلّ عاشقٍ أن تُفتَرسَ روحه شقاءً .. خرابًا … انتهاءً ولا تأخذ بعزائها حتى ظلال أطلالٍ لشرفاتِ حكايته العتيقةِ عبرَ معادلةِ الهوى والجوى ؟!
في مشهدٍ عسليّ التّمني … تحتلّني بكلِّ تفصيلاتكَ وانا ((قاعد وافكّر بيك)) .. تشتدُّ تقاسيمكَ الصغيرةُ قبلَ الكبيرةِ فتكًا بي فأنتَ بكاملِ أبّهتكَ ((مملوح كلَّك مِلح)) ………….. حتّى خطاياكَ ماعادت خطاياك !
في مشهدِ الرّائحةِ … أراني أحضّرُ نفسي .. آخذ كامل فتنتي .. أفتح شرفاتِ الانتظار.. أحتسي نبيذ الشجن … أغرقُ في بركةٍ من ياسمين .. تستعرُ الرّغبةُ بكَ ولا تأتي … تركتني على رصيف الوهم والوهنِ والوحدةِ !! وأنا .. (( أمل منك؟ أصِد عنك ؟! .. كـ / شذب من قال آعوفنك ، لو حطوا بدربي النار بدمع عيني لطفيها وادق بابك واشوفنك …)) أراك ولا أراكَ ولا أعرف إن كانت الرغبةُ برؤيتك ستستمرُّ إلى المالانهايةِ .. هذا العمرُ قصيرٌ … وأنا لا أريدُ أن أموتَ غريبة طريدةً وحيدة ! أريدُ ببساطةِ شريعةِ الحبِّ أن أستردَّ حقوقيَ منكَ كلّها …. أتقافزُ كفراشةٍ من غزلٍ إلى حضنٍ إلى قبلةٍ بريئةٍ فوقَ الجبين… أريد أن نلعبَ الغمّيضةَ أختبئُ فتلقاني على غصنِ قصيدةٍ أو نايٍ أو زهرةِ نارنج… أريدُ أن أثورَ كما يحلو لي (( ماحبك بعد روح … ولا اريدك بعد روح ..)) لأستدركَ كطفلةٍ (( ما شيلك وسط عيني .. بس بالقلبِ والروح..)) ……….
في مشهدِ الحقيقة …(( هذا الحلو كاتلني ياعمّه …….)) أنانيٌّ أنت يا وطني … أنا لا أريد كلَّ أغنيات المجدِ ورفيفُ الأمنياتِ التي تعدني بها … أنا لا أريدُ مستقبلا مجيدًا لا أكونُ فيه.. لا أريدُ أن أمضي هذا العمر وأنا أقرأُ تاريخكَ المتخمِ بجراحنا وبالأكاذيبِ وبالجوعِ والفقرِ وسفكِ الأحلامِ وضياعِ الجنانِ واستشهادِ الأمّهاتِ وهيامِ الإعلامِ بتكسير ريش الحمام ….. أنتَ قاتلي أيها المستبدّ فينا المستكينُ على جراحنا ….. تلفظنا كزبدٍ زائدٍ عن حاجاتك وحساباتك وأنتَ كلُّ احتياجاتنا ونصفها وبعضها وكثيرها وقليلها وأنت الأنتَ .. الذي لا حولَ ولا قوة لنا إلا بكَ تزدادُ طحنا لنا بينَ راحتي صمتكَ وأنينكَ على حدٍّ سواء .. السّيفُ ليس لك ..و هم يقصلون رؤوسنا على مسلّات تاريخكَ المضمّخِ بدماءنا …. فمن يتبقى لك بعدنا؟! ومن تزهرُ به وجناتُ أرضكَ وسمائك؟ لم يبقَ لنا جلدٌ على فراقكَ أيها العصيُّ علينا .. وليس بنا أملٌ إلى وصلٍ منك بكلِّ ما فيك .. رائحتكَ بارودٌ وياسمينكَ كيمياء .. لم يتملك منا الضّجر ولكننا غاضبون .. أنا غاضبةٌ … ربما لأني .. في هذا العمرِ .. لم أعتب عليكَ ولم أعاقبكَ في يومٍ قَطّ … ولم يخنّي قلبي مع سواك ولم أنتظر منكَ أن تتلطّفَ بي … غاضبةٌ أنّي وأنت تعقدُ العزمَ على تقديمنا قرابينَ الواحدَ تلوَ الآخر لم أضمّد جراحي وحتّى أنّي لم أنفرْ منكَ .. إنّما في كلّ مرّةٍ كنتُ أحترقُ بنيرانك أنبعثُ لكَ تعذبني من جديد كما تشاء ! غاضبةٌ … لأنَّك تشاءُ ولا تشاءُ ، تكونُ ولا تكون … سئمتُ من احتيالكَ على قلبي يا وطني بأغنيةٍ ورغيفِ خبزٍ وهالِ الحنين وبعضِ ملامحِ الحقولِ وارتعاشاتِ برَديّةِ الرّؤى قاسيونيّةِ العطرِ .. لا نهايةَ لكلِّ بداياتك التي أشتهي ولا بداية لكلِّ نهاياتك التي لا نشتهي .. لكن.. ودون أي مناسبة .. دونَ مبرّرات ارتجاليةٍ .. دعني أعترف لك أنّك هزمتني .. فأنت هو ذاته ومهما حدث كنتَ وبقيتَ وستظلُّ .. ((هَذا الحِلُو – الــ – كَاااااااااااتِلْنِي يَـــــا عمـَـــَّة … )) !!!!!!

عهود عدنان نايلة / 24-حزيران-2020م

الإدارة

صحيفة جزائرية إلكترونية ورقية أدبية فنية ثقافية شاملة

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى