إشراقات أدبيةالقصة

وفيق بقلم الاديبة عبير صفوت

 

ظِلّ طِفْل
أَوْلَادِ مَنْ الظَّلاَل
امْرَأَة مُسِنَّةٌ ذَات مُلَابِسٌ رَثَّة
صِدِّيقُ الرَّجُلِ الْمُسْتَهْتِر
نَجْل الْمَرْأَة الْمُسِنَّة
بِنْت الْمَرْأَة الْمُسِنَّة

تَقِف الْمَرْأَةِ فِي بُؤْرَةِ مُظْلِمَة ، لَهَا خَلْفِيَّة بِهَا ظِلّ طِفْل .

تتجلي الْإِضَاءَة ، تَنْظُر الْمَرْأَة باِهتمام نَحْو الظِّلّ ، تَصْرُخ :
وَفِيق وَفِيق ، لَقَدْ قُلْت لَك مِرَارًا وتكرارا وَأَنْتَ لَا تَتَعَلَّم أَبَدًا .

صُمْت

يَخْرُج ظِلّ وَفِيق الصَّغِير ويحيطة أَصْدِقائِه متلسنين يقمون بِدَفْعِه ، حَتَّي يَقَع وَفِيق عَلَيَّ الأَرْضُ .

تَصْرُخ الْأُمّ باِنفعال :

اِحْتَرَس يَا بُنَيَّ ، أَنَّهُم أصْدِقَاء السُّوء .

يَجْهَر صَوْت ظِلّ الطِّفْل وَفِيق وَهُو يُتَابِع أَصْدِقائِه بِعِنَاد :
سأحاول وسانجح ، سَوْف أَخْرَجَ مِنْ الدَّائِرَة .

يَضْحَك أصْدِقَاء السُّوء ، يصوبون بإصابعهم نَحْو الْأُمّ .

يَنْهَض وَفِيق قَائِلًا بِعُنْف :

أَنَا هُنَا لِكَي أَصْل ، أَنَا هُنَا إنْسَانٌ جَدِيد .

يُسْرِع ظِلّ الطِّفْل وَفِيق ، وَيَصْعَد سُلماَ طَوِيلٌ .

تَصْرُخ الْأُمّ :
لَا تَصْعَدُ ، هُنَاك وُحُوشٌ .

صمْت

يتجلي ظِلّ شَابٍّ وَهُوَ يُرَافِق الفتايات ، يَلْهُو وَيَلْعَبُ وَيَضْحَك .

يَدْخُل صَدِيق الشَّابّ يُقَدِّمَ لَهُ مَظْرُوفٌ ، عِنْدَمَا يَرَاه يَنْفَعِل الشَّابّ ، يصواب الصِّدِّيق أُصْبُعَه نَحْو الْأُمّ .

يلكزة ظِلّ الشَّابّ وَيَقْذِف بِالْخِطَاب .

تندهش الْأُمّ ، تَجْلِس عَلِيّ حَجَرًا أَبْيَض تبتسم وتتذكر :

اسْتَيْقَظ يَا بُنَيَّ ، قَد حَانَتْ الصّلَاةُ ، لَا تَأْكُلُ قَبْلَ أَنْ تَغْسِلَ يَدَيْك ، نَعَمْ يَا حَبِيبِي سأظل بِجَانِبِك حَتَّي الصَّبَّاح ، أَيْضًا ساسرد لَك قِصَّةً طَوِيلَةً .

هُنَاك قَصَص كَثِيرَةٌ ، البطولية وَقَصَص الشَّرَف وَالْأَمَانَة ، الوَطَن أَمَانَةٌ وَحِبُّك لِلْأَرْض وَالِانْتِمَاء أَمَانَةٌ .

تَنْظُر نَحْو الْبَرَاح قَائِلُه بملامح مِنْ الرِّضَا :
نَعَمْ يَا بُنَيَّ عاداتنا وتقاليدنا هِي الْأَسَاس .

تَنْظُر نَحْو الْيَمِين قَائِلُه :
لَا تخشي الْوُجُود أَنْت هُنَا بمأمن .

تَنْظُر نَحْوَ الأَرْضِ :
وطنك هُو الْأَمَان .

تحتضن نَفْسِهَا :
بَيْتِك هُو الْأَمَان

تَقَفَّز مِنْ فَوْقِ الْحَجَر تتفاجأ :
لَا تُعَاتَب الْأَقْدَار لَا تَظْلِمْ الوَطَن والبشرية فَإِنَّ الْعَالِمَ أَثِير أَفْعَال الْبَعْض مِنَّا وَمِنْهُمْ .

تَجْرِي وَرَاء الدُّخَان تَقُول بِفَزَع :
لَا لَا تُذْهِبْ ، فَقَطْ اُنْظُرْ خَلْفَك سُتَرِي وُجُوه تُشْبِه وَجْهَك ، وكفوف بَيْضَاءُ مِثْلُ كَفِّك ، هُنَا الْأَرْضُ وَالْبَيْتِ وَالْبِنَاء .

تَعُود وَتَجْلِسُ فِي صُمْت ، تَنْظُر حَوْلَهَا ، تتنهد بذكري ثَقِيلَة :

كَانَت الأجْوَاء مريعة وَالْوَحْدَة قَاسِيَة وَالْبِشْر فِي حَالَةِ مِنْ الأَنانِيَّة الدَّائِمَة ، الْخَوْف يَسْكُن مفاصلي وَالْخَيَال يُعَاتِب وُجُودِيٌّ عَلِيّ أَرْضٍ غَيْرِ أَرْضِي ، دَائِمًا أَشْعَر بِالنَّدَم يَا أُمِّي ، اتتوق لرائحة بِلَادِي وَأَمِيل لاِحتساء كُوب مِن الشَّاي وَأَنْت تَنْظُرِين لِي بِحَنَان .

تتنهد :
هَذَا مَا كَتَبْته الشِّتَاء الْمَاضِي .

تَخْرُجُ عَنْ وقارها ، تَتَحَدّث بِسُرْعَة فَائِقَةٌ وقلق :
قُلْت لَك لَا تُذْهِبْ ، حَاوَلَ فِي بِلَادِكَ ، كُنْت ثَائِرٌ غَاضِبٌ نَافِر مِنْ كُلِّ الْأَشْيَاءِ ، قُلْت لَك كَيْفَ ستتركني ؟ ! هَل هَانَت عَلَيْك أُمُّكَ ، لِمَ تَبْكِي وَلَم تَهْتَزّ وَلَمْ تَفْعَلْ غَيْر شَيّ وَاحِد وَكَلِمَة :
سَأَفْعَل مِثْلَمَا يَفْعَلُ النَّاسُ .
و الرَّحِيل الرَّحِيل فَقَط .

تتنهد الْأُمّ بِحُزْن :

وَقَدْ تَرَكْت أُمُّك َ الوَحِيدَة .

تَدْخُلُ عَلَيْهَا فَتَاة عِشْرِينِيَّة ، تُحَاوِل إنْ تَلِفَتْ انْتِبَاه الْأُمّ إلَيْهَا .

الْأُمِّ لَا تَرَاهَا وَتَنْظُر لظل ابْنِهَا الَّذِي كَانَ غافلاً ومشغول فِي عَمَلِهِ ، تُرِي أَنَّهُ تَقَدَّمَ فِي عَمَلِهِ وَصَار مرموقاً ، تبتسم وَمِنْ ثَمَّ تَتَابَعَ فِي اهْتِمَام .

مازالَت الفَتَاة تُحَاوِل أَن تحدثها ، الْأُمّ تَتَابُع حَرَكَات الظِّلُّ فِي اهْتِمَام ، تُرِي احدي المتسللين يُحَاوِلْ أنْ يُغْتَالَ وَفِيق

تَصْرُخ :

وَفِيق انْتَبَه يَا وَفِيق انْتَبَه يَا بُنَيَّ

الفَتَاة تُحَاوِل إخْرَاجُهَا مِمَّا هِيَ فِيهِ وتفشل

يُصَوِّب صَدِيق السُّوء الخَنْجَر بِصَدْر وَفِيق الِابْن .

تَصْرُخ الْأُمّ :
ابْنِي ، وَكَأَنَّه قَلْبِي الَّذِي نَصْل يَا بُنَيَّ .

الفَتَاة تَمْلِك منكبيي الْأُمّ بِشِدَّة ، حَتَّي تَتَنَبَّه الْأُمّ ، ثُمَّ تَقُولُ الفَتَاة وَهِيَ تَبْكِي :

مَات وَفِيق مَات وَفِيق .

صُمْت

تَنْسَحِب الْأُمّ بِهُدُوء ، تَجْلِس عَلِيّ الْحَجَر الْأَبْيَض ، تَنْظُر الْبَرَاح تَقُول بِحَنَان وَهِيَ تَبْكِي بِحَرْقِه :

اسْتَيْقَظ يَا بُنَيَّ ، قَد حَانَتْ الصّلَاةُ ، لَا تَأْكُلُ قَبْلَ أَنْ تَغْسِلَ يَدَيْك ، نَعَمْ يَا حَبِيبِي سأظل بِجَانِبِك حَتَّي الصَّبَّاح ، أَيْضًا ساسرد لَك قِصَّةً طَوِيلَةً .

هُنَاك قَصَص كَثِيرَةٌ ، البطولية وَقَصَص الشَّرَف وَالْأَمَانَة ، الوَطَن أَمَانَةٌ وَحِبُّك لِلْأَرْض وَالِانْتِمَاء أَمَانَةٌ .

تُحَاوِل الفَتَاة أَنْ تُنَبِّهَ الْأُمّ تهزها بِعُنْف ، إنَّمَا تَسْتَكْمِل الْأُمّ .

تَنْظُر نَحْو الْبَرَاح قَائِلُه بملامح مِنْ الرِّضَا :
نَعَمْ يَا بُنَيَّ عاداتنا وتقاليدنا هِي الْأَسَاس .

تَنْظُر نَحْو الْيَمِين :
لَا تخشي الْوُجُود أَنْت هُنَا بمأمن .

تَنْظُر نَحْوَ الأَرْضِ :
وطنك هُو الْأَمَان .

تحتضن نَفْسِهَا :
بَيْتِك هُو الْأَمَان .

تَبْكِي الفَتَاة وَالْأُمّ مَازِلْت تتعايش مَع الْمَاضِي .

الإدارة

صحيفة جزائرية إلكترونية ورقية أدبية فنية ثقافية شاملة

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى