وهم السعادة بقلم الكاتبة نريمان نزار محمود
وهم السعادة
عاشت القسم الأكبر من حياتها في ركض ووثب ، تنقل مستمر، تجري تحقيقات صحفية ومقابلات مع كل عابر سبيل تصادفه في بحثها الحثيث ، تحاوره في موضوع شغل تفكيرها لأعوام مضت ، وسيبقى شاغلها لأعوام لاحقة ، حتى أنها خالت بأن السعادة محض وهم .
استمعت إلى حكايا متعددة ، وتواصلت مع أشخاص كل منهم طعم ونكهة تختلف عن غيره ، فهناك من أيقن بأنه يشعر بسعادة تساوي الدنيا بأسرها كلما نظر إلى طفله الصغير وهو يلعب ضاحكاً ، راجيا الله عزّ وجل أن يكون من الذرية الصالحة البارّة ، ووالدان يدركان بأن سعادتهما تتمثل راحة البال وطمأنينته عند رؤية أولادهم وقد حصدوا عطاء السعادة من دنياهم ، ولو كان ذلك بشقّ الأنفس ، وآخر يخال أن سعادته تكمن في مبلغ من المال ، يتساقط عليه من السماء ، وينفقه على ملذات الحياة وترفها ، فكما قال ربّ العزّة ( المال والبنون زينة الحياة الدنيا ) .
وفتاة ترى أن سعادتها قد تكون في ارتباطها بشريك حياة محب ومتفهّم تمضي معه ما بقي من سني عمرها حتى آخر نبض .
وبعد استقصاء وبحث عميق ، وصلت إلى رؤية بأن السعادة قضية نسبية ، تختلف من شخص لآخر ، بحسب نقاء الروح وعفويتها ، فبقدر ما تكون الروح جميلة شفافة تغرس وتحصد سعادة في كل تفصيل قد يعدّه البعض شيئا تافها .
أمّا من كانت روحه مغلفة بالأنانية والسواد ، يعتقد بأن ما نجده في الواقع ليس سوى أشلاء سعادة زائفة ، وفتات أوهام فرح .