إشراقات أدبية

وهم المثالية……بقلم / مي العشري

يسعى البعض حين يبدأون التغيير أن يكونوا أشخاصا مثاليين لا يخطئون أبدا ،وإذا أخطأوا يجلدون ذواتهم ليلا ونهارا ، لكن في الحقيقة هم يركضون وراء وهم زائف لاوجود له ، أن تحاول التغيير بهدف أن تكون شخصا مثاليا لايُخطيء ولا يتقبل الخطأ هذا سيدخلك في دائرة المعاناة وجلد الذات والنتيجة ستكون عكسية ، أتعرف لماذا؟

لأنك في الحقيقة تركض وراء سراب ، ولأن من يقاوم الظلام فالظلام حتما سيقاومه لأن تركيزه دائما على جانبه المظلم ومحاربته بالقوة وليس على السعي نحو النور ، وبالتالي سيجلد ذاته حين يخطيء وسيدخل في دائرة التدمير الذاتي ، ولا يمكن لإنسانٍ أن يتطور أبدا وهو في حالة من التدمير النفسي …

لذا عليك أن تحترم بشريتك لأنك هنا في تجربة أرضية لتخطيء وتتعلم لا لتكون مثاليا أبدا، ولو أرادك الله أن تكون مثاليا لاتخطيء أبدا لخلقك ملاكا وانتهى الأمر ،وهذه ليست دعوة لاستباحة الخطأ ، ولكنها دعوة لتقبل الذات والرفق بها عند الخطأ ،دعوة لتقبل الإنسان لبشريته ثم الانطلاق من تلك النقطة إلى تعديل سلوكه بكل رفقٍ ومحبة ، فلا تغيير دون محبة وتقبل للذات أولا ، فمن تلك النقطة سيصبح كل شيء يسير ، ستخطيء وتتعلم وتنمو بكل رحابة وسعة صدر…

فلا تسعى للمثالية لأنها ستقودك لجلد الذات ، وجلد الذات سيقودك إلى التدمير الذاتي ، بل كن كالطبيعة متقلبة الأحوال و الفصول لكنها متقبلة لذاتها في ذات الوقت ، احترم طبيعتك ولا تسجن نفسك في سجن المثالية الزائف حتى لا تصبح جلادا لذاتك ، وتذكر دائما أن المثالية الحقيقية هي أن تكون بشريا لديه جانبين (ظلام ونور) ، بشريا يصيب ويخطيء لينمو من خلال خطأه لا ليجلد ذاته من أجل أن يكون شخصا مثاليا ، بل عليك أن تتقبل خطأك لأن لولاه لما تطورت وزاد نماؤك ، فلا تستسلم أبدا وتقنع عقلك بهذا الوهم الزائف …
فالسعي نحو المثالية ماهو إلا وهم زينه لك العقل البشري المحدود .

بقلم / مي العشري

الإدارة

صحيفة جزائرية إلكترونية ورقية أدبية فنية ثقافية شاملة

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى