إشراقات أدبيةالنثر

يا رجاءُ سيزيف المُتكررِ في حزننا “بقلم المبدعة سكينة الرفوع

“يا رجاءُ سيزيف المُتكررِ في حزننا ”

أشجارٌ كيثفةٌ تنتشرُ في باحاتٍ رحبةٍ بالأملِ ، حدائقُ ملأى بالحٌبّ ، تغازلُ روائحَ زهورها حبّات الطّلّ التي تتراشقُ الأسئلةَ حول إغفاءةِ طيورِ الفردوسِ وقد طربتْ أجنحتها لنسماتٍ ربيعيّةٍ ، فراحتْ تشدو بلحنها المُرنِّ ، أغنيةَ فرحٍ ترقصُ على وقعِ أنغامها فراشاتٌ مُخمليّةٍ تنتشلُ الضّجرَ من عجاجِ الوقتِ ، ترمقُ ببريقِها حِبالَ الظّلِ ، فتزدهي عصافيرُ الشّوقِ وقدْ تقزّحتْ بالضّوءِ ، فأينعتْ أفياءٌ الحُلمِ .
في مشهدٍ خياليّ يبعثُ على تأويلاتٍ يُبدعُ في وصفِها رسامٌ تستدرجه أحلامُ اليقضةِ ، فيبتدعُ لحظةَ سُكونه حلماً جميلاً ، كراهبٍ يمارسُ طقوسه في صومعته ، فراحَ يرسمُ بريشةِ تبصرُ الحقيقة لوحةً من شجنٍ ، تُؤلمه تفاصيلها وقد استشرى فيها اللّون الأحمر كفتيلٍ يشعلُ جذوةَ الألمِ ، ليقضيَ بسطوتِه على كلّ معاني الأملِ ، تَحبطه رؤاها ؛ وكأنّهُ تنبأ بنهايةٍ ما يهربُ من دلالتها ، فيعزفُ عن إتمامها ، بعدما غرسَ لوحته بخنجرِ اليأسِ ، مشهدُ يستثيرُ شاعر يُصارعُ أنّاتِ الحنينِ ، في بُوتقةِ المنفى ، ليخطّ قصيدتَه بقافيةٍ تفتحُ نوافذَ على حُلمٍ يحملُه بين ضلوعه ، تُضنيه غُموض مصيره ، تُباغته نوارس تعزفُ لحنَ الغيابِ ، في إيقاعٍ حزينٍ وقد
دلقَ الشّتاتُ فوقَ إيحاءاتٍ تُننبىءُ عن جراحاتٍ تُذكّره بمصرعِ لُوركا ونهايته قبل أنْ يحققَ حلمه، يُبكيه الشعر الذّي حملَ دمَ هذا الغجريّ وجثته الضّائعة وحلمه الذي أودى بحتفه، إلى آخر بقاع الأرض ،
ورحيله في قصةٍ تراجيديةٍ غامضةٍ …
فيتركَ قصيدته مبتورةً بلا عنوان ، بلا رائحة ، كرحيقٍ جفّ في ثغرِ الزّهورِ.

تُرى …
إلى متى سيظلُ الحلم نرسمه ، كنعقاء تتناقلها الأجيال خرافةً في حكاياتِ السّندبادِ ، وألف ليلة وليلة ؟؟؟
إلى متى سيظلُ السّلامُ حُلماً نسمعُ به ولا نراه ؟؟؟
تساؤلاتٌ تنبعثٌ منها روائحُ الأُمنياتِ ، لكنها تجددُ فينا الأملَ الذّي لم يملنا لحظة….
نصغي لصوته ، فنرددُ معه :

يا رجاء سيزيف…. المُتكرر في حزننا …
لن نستسلمَ لليأسِ …
ستطولُ الرّحلةُ ، وستزدهرُ الآهاتُ.

#سكينة_الرفوع

7 أغسطس 2020

الأردن – البحرين

الإدارة

صحيفة جزائرية إلكترونية ورقية أدبية فنية ثقافية شاملة

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى