ألوان الطيف بقلم: “الكاتبة/سهام رمضان محمد حسن”
الكاتبة/سهام رمضان محمد حسن
مصر/اسوان
قصة قصيرة بعنوان
الوان الطيف
يا ليته كابوس ،استفيق منه .<خالد يحدث نفسه>
ليت كل شيء سيء يضحي كابوسا ينتهي بمجرد ان نستيقظ .
خالد شاب يبلغ من العمر سبعة وعشرين عام، لديه عمله الخاص ،متزوج ولكن الله لم ينعم عليه بالذرية بعد. ينعم بحياة هادئة و سعيدة ،لكن تأتي الرياح بما لا تشتهي السفن .
الساعة العاشرة مساءً ،بينما خالد في غرفة مكتبه بالمنزل ؛ يراجع بعد الأوراق ،ينتابه ألم شديد يكاد يفتك برأسه و فجأة بات الظلام حالك ،هل انقطع التيار ؟،هل هذا كابوس ؟
تدخل زوجته المكتب مسرعة ،وقد افزعها صراخه ،تدخل الغرفة ،الأوراق متناثرة في كل مكان و بجوارها خالد منهار يرثي نفسه ،خالد الذي انقلبت حياته رأسا علي عقب، لتسأله زوجته و الخوف يملئها ،
• ما خطبك؟
• انا لا أرى ،لا أري إلا الظلام و السواد حولي.
حاولت زوجته تهدئته و استدعت الطبيب و بعد اجراء الفحوصات و التحاليل اللازمة كانت المفاجئة ،كانت العاصفة التي هزت لخالد كيانه وعصفت بقلبه، لقد فقد خالد بصره ،فقد النور و لن يري مرة أخرى حسب ما قاله الطبيب ،فلن يجدي الدواء نفعا ،فهذا مرض نادر وليس له دواء حتي الآن.
وهل قدرة الطبيب تفوق قدرة الله! حاشي لله. تُري هل سيري خالد النور ام ان الظلام قدره ؟!
بين ليل ونهار يولد الأمل ،بعد مرور وقت ليس بالقليل تصل اشعة الشمس لاحدي نوافذ قلب خالد ،فأخبرته زوجته أنها حامل ،ليضحك ضحكة يخالطها البكاء ،ففرح بشدة ،فكم تمني هذا من قبل ،لكن سرعان ما الحزن يملئه ،كيف سيأتي مولوده الجديد وهو لا يراه ،كيف يتبين ملامحه ،و كيف سيلّون حياته وهو لا يعلم شيء عن تلك الألوان ؟
بين صبر كثير و بصيص أمل تمضي حياة خالد ،بين نور و ظلام يولد ولي العهد ،تعم الفرحة أرجاء البيت و يهتز قلب خالد فرحا ،فمنذ زمن لم يفرح هكذا ،لكنها فرحة ناقصة، فرحة غير معلومة الملامح ، فينتصر الحزن هازما تلك الفرحة فينزوي خالد بغرفته يرثي أمنيات لم يحققها القدر حزينا ليس ساخطا علي قدره ، تدخل زوجته خلفه واضعة الطفل بين يديه ،محاولة منها لتهدئته وبث الأمل فيه و استئناف الصبر، طالبةً منه ألا ييأس و ان يتمسك بالأمل مهما طال الليل فمن بين عتمة الليل يشق النور عنان السماء ،و من باطن الصخر ينبع الماء.
تمر الأيام وأخيرا لليل من نهار وأخيرا سينقشع الظلام ، يصاب خالد بوعكة صحية فيذهب للمشفي للاطمئنان، يا لا ترتيب القدر! ،يا لها من صدفة! ،فيقابل طبيب عيون يُجري ابحاث حديثة علي الأمراض النادرة وعلاجها ،فيكون خالد من ضمن الحالات التي اُختيرت لإجراء هذه العمليات.
يُجري خالد العملية ،يرتّد له بصره ،يرتّد له النور ،تتلّون الحياة من حوله. فيفرح خالد فرحة لم يتذوقها قلبه من قبل، فرحة اهتز لها كيانه ،فرحة لا يضاهيها شيء ،فرحة حولت الأسود الي الوان الطيف، فرحة بالعمر كله.