فرح بقلم: “أمينة أحمد حسن متولى”
الكاتبة: أمينة أحمد حسن متولى
نوع العمل :قصة قصيرة
إسم العمل :فرح
******
فى منتصف منزلها الفخم المرصوف بالتحف الباهظة ، تجلس هند ونظرها مثبت على مجلة للأمومة والطفولة تحوى صورا للأطفال ، تنظر للمجلة التى طُمِست معالمها ،بسيل الدموع المنهمر من عينيها، تنظر للجدران تارة ، وتنظر للسقف تارة أخرى ، ثم تعود للمجلة تبتسم لصور الأطفال ، ثم ما تلبث أن تجهش بالبكاء ، تسكن منزلا لا ينقصه شىء سوى الفرحة ، زوجها رجل صالح ، ذو مركز مرموق يتبرع شهريا بمبلغ لدور الأيتام ، يعمل اليوم بأكمله ،ثم يعود فى وقت متأخر ، يتبادلان الحديث الذى لا يخلو من الحسرة ، ثم يتوسدان الألم فى الليل الحزين
مر على زواجهما 10 أعوام ، ولم يُرزقا بطفل ، لم يتركا طبيبا إلا وذهبا إليه، ولا دواء لم يقوما بتجربته.
يُطَمأن كل منهما الآخر ، وبداخلهما بركان من النيران
★لقد سمعت عن طبيب جديد دعينا نذهب إليه
★لا لن أذهب إلى أى مكان ،لقد تعبت …
تعبت من كل شىء ، من الأدوية ، ومن السفر للأطباء ، ومن نظرة الناس لى وكأن الذنب ذنبى وكأن الأمر بيدى ، أنا التى أتوق لطفل ، أتمنى أن أكون أما ولو ليوم واحد ولو أموت بعدها ، أنا التى يخشى الجيران على أبنائهم منى ، يظنون أنى سأحسدهم ، حتى أختك لا تسمح لى بأن أقترب من أطفالها أنا المغلوبة على أمرى ، أسكن منزلا فخما يؤنسنى فيه السكون والوحدة
اااااه لقد تعبت
أنظر لتلك الدمى والعرائس
إنها عرائسى منذ الصغر احتفظ بها لإبنتى ، انظر لتلك الملابس الصغيرة ،انظر لتلك الحقيبة ،كل تلك الأشياء كانت لى فى طفولتى احتفظت بها لسنوات طويلة لطفلتى ، حتى أقول لها لقد تشاركنا نفس الأشياء يا حبيبتى ، ولكن أين هى بنتى أين هى أحلامى
اللهم لا اعتراض على امرك يا الله.
قالت كلماتها ثم جثت على ركبتيها تبكى بحرقة ومرارة
جلس مؤمن إلى جوارها واحتضنها حتى أفرغت ما فى جعبتها من الدموع .
★ولكنك مؤمنة وتعرفين أن الله لا يظلم أحدا.
★أعرف ذلك ولكن طاقتى على الإحتمال قد انتهت .
★فلتقرئى بعض آيات القرآن الكريم حتى تهدئى
★سأفعل(قالتها هند بصوتها المتقطع)
مر عام….
كل يوم يشبه الآخر
ما بين الأمل والرجاء
يتضرعان لله فى جوف الليل
أحيانا يغلبهم اليأس
وأحيانا كثيرة يهزمون اليأس بإيمانهم بقضاء الله وقدره
★أريد أن أذهب إلى دار الأيتام
★حاضريا حبيبتى ،ولكن لماذا؟
★أريد أن أشترى لهم بعض الهدايا
★إذن فلنذهب غدا بإذن الله
يكاد قلبها يقفز من مكانه ،وهى تتجول بداخل الدار ،وتنقل أنظارها بين الأطفال وبجانبها زوجها الذى لا يقل حنينه لكلمة بابا عن حنينها لكلمة ماما
أعطتهم هند الهدايا ،ولم تترك من بينهم طفلا إلا احتضنته ودموعها على خديها.
فجاة سقطت هند
إنتفض قلب زوجها ،وقام بنقلها إلى المشفى للإطمئنان عليها
فى غرفة الطبيب
….
★أيها الطبيب ما بها زوجتى ، أظنها تعانى من الإرهاق ،لأنها لا تأكل جيدا ،ولا تنام جيدا.
★لا يا سيد مؤمن ،إن زوجتك تعانى ضعفا نتيجة حمل،وهذا ما سبب لها الإغماء.
★ماذا قلت أيها الطبيب!!!(قالها مؤمن وهويستند إلى المقعد المجاور لمكتب الطبيب)
★ما الغريب فى الأمر إن زوجتك حامل فى أسبوعين.
تجمد مؤمن فى مكانه ولم يستطع الحركة.
أما هند فاعتدلت من جلستها ولم تنطق بأى شىء،لا تصدق شىء مما يدور حولها.!
ثم جثت على ركبتيها فجأة من قوة الفرحة.
وجهت كلامها للطبيب قائلة:
★أتقصد أيها الطبيب أننى سأكون أم!
أتقصد أننى سأذهب للعيادة النسائية كباقى النساء لأطمئن على جنينى(قالتها وهى تضع يدها على بطنها)
★بربك قل لى أيها الطبيب،هل هذه حقيقة ،ام أننى أحلم؟!!!!
★اللهم لك الحمد
خرج مؤمن من جموده ،وجلس إلى جوار زوجته ،احتضنها وتشاركا معا دموع الفرحة.
كل هذا والطبيب ينظر إليهما يكاد ينفطر قلبه من هول الموقف، سقطت من عينيه دمعة ،ثم بارك لهما .
مرت التسعة أشهر كالبرق ، ورزقهما الله بطفلتهما الأولى فرح.