القصة

العم عباس بِقَلَم: “الأديبة عَبِير صَفْوَت”

العم عباس
بِقَلَم الأديبة عَبِير صَفْوَت

كَانَ عَلِيٌّ مَرْمِيّ الْبَصَر ، يَصْدُر رَحِيقٌ الصَّبْر هَيْئَة مُسِنَّةٌ وَإِطَالَة مِنْ الزَّمَنِ تتجسد فِي هندامة الْمُثِير لِلشَّفَقَة البائسة .

كَم تَوَارَت ؟ ! شَاكِلَتِه وَرَاء التَّصَنُّع بالبهجة ، وَاللَّا مُبَالَاة ، يَسْقُطُ الْفِعْلُ مِنْهُ بِالسَّكِينَة وَاعْلَم ماتبقى مِنْه ، مَا يتكحل بِه صُعُوبَة الزَّمَن .

قَالَتْ أُمِّي يوماً :
جَارُنَا الْعَمّ عَبَّاس ، رَجُلًا مُطِيعٌ لِلَّهِ مُحِبٌّ لِغَيْرِه ، ثُمَّ صَمَتَتْ لَحْظَة ، كَان يَقْصِدْهَا الشَّكِّ فِي الْمَعْنِيّ وَالتَّفَكُّر بِهَا مُفَاد الْإِبْهَام . . ) وَقَالَت :
رُبَّمَا الْحُظُوظ يَحُدَّهَا الِاخْتِيَار الْإِيجَابِيّ مِنْ الْعَدَمِ .
وسردت أُمِّي أَقُوّلَا كَثِيرَةٌ ، شدني إلَيْهَا مَسْرُود أَخَذ لَبَّي ، وَرَأَيْت بِعَقْلِيّ . . )

ثَوْرَة جامحة وصراخ يجهرة الْجَار بِعُنْف ، يَرْكُض المتجاورين فِي الْعَقَارِ :
مَاذَا حَدَثَ ياعم عَبَّاس ؟ !

_ نَفَق أَوْلَادِي وَزَوْجَتِي وطاح الْمُجْرِم بِلَا أَدِلَّة أَو حَتَّي شُبْهَة ظِلال ، ضَاع عُمْرِي وميراثي مِنْ الْحَيَاةِ ، أَصْبَحْت بِلَا عَائِلَة ، أَصْبَحْت وَحِيدٌ فِي سموعة الْوُجُود ، يَرَانِي الرَّأْي وَلَا أُرِي مِن حَوْلِي

يَا لَك مِنْ مِسْكِينٍ ، يَا عَمِّ عَبَّاس ، تَرَامَت الذِّكْرِيّ بظلال اِنْسَكَب عَلَيْهَا إقْدَار الزَّمَن ، رَحَلْت أُمِّي باقوالها الْمَأْثُورَة الْمُؤَثِّرَة وتجسدت فِي حَاضِرٍ لَمْ يتبقي مِنْهُ إلَّا خَيَالٌ فِي صُورَةِ رَجُلٍ .

يَرْكُض الرَّجُلُ يَنْظُرُ بِوَجْهِي متسائلا بَلَّغَهُ مِنْ الْكِتْمَان فِي صَيْرُورَةِ عَمِيقَةٌ بِدَاخِلِه ، كَأَنَّهُ يُرِيدُ أَنْ يَقُولَ :
أَنْت المتبقي لِي مِنْ رَائِحَةِ الزَّمَن الْجَمِيل .

أَقُول بعيوني لَه :
رائحتك مِسْك الْمَاضِي ، وذكريات أُمِّي الْجَمِيلَة ، عَنْك يَشْهَد الْوُجُود بضالتك .

الإدارة

صحيفة جزائرية إلكترونية ورقية أدبية فنية ثقافية شاملة

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى