القصة

أجراس القلوب بقلم: “أمينة أحمد حسن”

#أجراس_القلوب
#بقلمى
#أمينة_أحمد_حسن

دق جرس الحصة الثانية
أنهت جنة حصة الرياضيات الخاصة بها ، واتجهت إلى غرفة المُدرسات
جلست على طاولتها ،ومدت يدها تتناول دفتر تحضير الدروس الخاص بها
وجدت بجانبه كتابا لنزار قبانى وعليه ورده وكارت ذهبى كُتب عليه..
“أتمنى أن تنال هديتى إعجابك”
تأفأفت قائلة :” يالك من أحمق”
وضعت الكتاب جانبا ، واكملت تحضير دروسها
دخلت زميلتها ملك
لاحظت الغضب الواضح على وجهها
★ما بكِ يا جنة تبدين غاضبة؟
★أنظرى إلى هذا(قالتها جنة وهى تناولها الكتاب المُهدى لها)
★إبتسمت ملك قائلة:إنه من فؤاد أليس كذلك؟
★نعم وهل يوجد أحمق غيره
هزت ملك رأسها مستاءة وقالت:
★اخشى أن يصيبكِ الندم يا صديقتى
★ماذا تقصدين؟
★إنه يحبك ، وهذا واضح فى كل تصرفاته ،منذ تم نقله إلى مدرستنا .
★ولكننى لا أؤمن بالحب
★رغم أنكِ تقرأين كثيرا عن الحب ، وشاعرك المفضل هو نزار قبانى شاعر الحب!!
★ربما من كثرة ما قرأت عن الحب ،أشعر أن الحب الحقيقى لا يوجد على أرض الواقع !

يجلس فؤاد مع والدته فى منزلهم
★فؤاد ،إن خالتك قد وجدت لك عروساً مناسبة.
★ومن طلب منها ذلك! سأختار عروسى بنفسى.
★أتقصد انك قررت الزواج يا بنى(قالتها الأم بفرحة)
★ليس بعد يا أمى ،ولكننى وجدت العروس المناسبة ولن اقبل بغيرها شريكة لى واماً لأبنائى.
★فليحقق الله أحلامك يا حبيبى ويوفقك لما فيه الخير.
★وليحفظكِ لى يا أمى(قالها فؤاد وهو يطبع قبلة على يد أمه)
فى فناء المدرسة
على مقعد خشبى وسط الخضرة والهواء المنعش
تجلس جنة ، وبيدها فنجاناً من القهوة
ألقى فؤاد التحية واستأذنها للجلوس
أخذا يتبادلان الحديث
★جنة، ما هو رأيكِ بى بكل صراحة؟
★وما مناسبة هذا السؤال؟
★انتِ تعرفين جيدا ما مناسبته، تعرفين جيدا انى احبك

دق جرس انتهاء الفسحة (فوجدتها جنة فرصة للهروب من سؤاله)
★أستأذنك أستاذ فؤاد لقد دق الجرس
★ومتى ستدق أجراس قلبك
★وهل للقلوب أجراس(قالتها جنة باستهزاء)
★نعم للقلوب أجراس ايضا، ولكن هناك قلوب محظوظة تدق أجراسها فى الوقت المناسب، وقلوب لم يحالفها الحظ ، تدق أجراسها بعد فوات الأوان.
★أستأذنك الآن ،ولنكمل حديثنا فى وقت لاحق(قالتها جنة وهى تهم بالمغادرة)
أما فؤاد فظل جالساً على المقعد الخشبى بجانب فنجان قهوتها البارد كبرودة مشاعرها.
تمر الأيام يوما تِلو الآخر
يحلم فؤاد مع كل سطوع شمس أن تكون جنة له.
وجنة كعادتها لا تكترث لشىء
اليوم هو آخر أيام العام الدراسى
قرر فؤاد أن يفاتحها مجددا ،ويأخذ منها القرار الأخير
★أستاذة جنة ، لن أطيل الحديث هذه المرة ، ولكننى ارغب من كل قلبى فى الإرتباط بكِ
★ولكننى لا أفكر فى الزواج الآن
★سأنتظرك العمر كله
★أستاذ فؤاد ، انت شخص رائع ، والعديد من الفتيات يرونك فتى أحلامهم.
★ولكنكِ لستِ منهم ، أليس كذلك؟!
★انا لم أقصد ذلك
★حسنا أعدكِ بعدم الإزعاج مرة أخرى.
★اتمنى لك السعادة من كل قلبى
★شكرا لكِ
بدأت أجازة العام
جاءت ملك لزيارة جنة
★اووف متى تنتهى الإجازة بدأت أشعر بالملل(قالتها جنة وهى تناول ملك كوبا من العصير)
★أريد أن أتحدث معكِ فى موضوع
★ماذا هنالك يا ملك ،اتمنى أن لا يكون الموضوع هو ما خطر ببالي
★بلى هو ،اقصد فؤاد اتمنى أن تعيدى النظر فى الموضوع ،اتمنى أن لا تخسريه
★اعدكِ أننى سأحاول(قالتها جنة مبتسمة)
*****
أنهت والدة فؤاد صلاتها ،وتمتمت بالدعاء لإبنها .
جلس فؤاد بجانبها وقبَّل يدها ،ثم قال لها :يمكنكما تحديد موعد الذهاب لرؤية العروس التى اختارتها خالتى
إعتدلت الأم فى جلستها على سجادة الصلاة وقالت بفرحة :حقا يا فؤاد؟
★حقا يا أمى (قالها فؤاد متنهدا)
★ولكن الم تقل أن هناك عروسا أخرى تريدها؟
★ولكنها لا تريدنى يا أمى، لن أضيع ما تبقى من عمرى فى انتظارها.
احتضنته أمه ودعت له بأن يسعد الله أيامه ، ويُدخل السرور إلى قلبه.

تستمع جنة إلى كاظم الساهر وهى تقوم بترتيب غرفتها
رتبت كتبها على رفوف مكتبتها ،توقف نظرها على الكتاب الذى أهداه لها فؤاد ، الكتاب الذى لم تشكره عليه
حدثت نفسها قائلة :كم كنت منعدمة الذوق ،تباً لى.
وضعت الكتاب بين الرفوف
وتذكرت جُملة صديقتها ملك حين قالت لها : أتمنى أن لا تندمين يا جنة.
أحياناً يرى الآخرون أشياء نعجز نحن عن رؤيتها ، لِمَ لا أُفكر فى الأمر ؟!(أخذت تحدث نفسها)
هاتفت صديقتها ملك ..
★ملك أريد أن أخبركِ بشىء سيسعدك.
★أخبرينى بسرعة يا جنة ما هو؟
★سأفكر فى امر فؤاد
★حبيبتى أسعدتِنى كثيرا.
قررت جنة أن تصلى صلاة استخارة
دعت الله أن يقدم لها ما فيه الخير.

فى حفل عائلي بسيط..
قدم فؤاد الشبكة إلى عروسه
التى ستسكن بيته ولكن من الصعب أن تسكن قلبه ،فالقلب لا يتسع لأكثر من مُقيم واحد.
تم الإتفاق على أن يكون عقد القران بعد شهرين.

★أراكِ مبتهجة اليوم على غير العادة(قالتها ملك)
★نعم أشعر بارتياح وطمأنينة
★اتقصدين انكِ ستوافقين على الزواج من فؤاد؟!
★نعم أقصد ذلك (قالتها جنة مبتسمة)
احتضن الصديقتان بعضهما والفرح ثالثهما.
مرت الأجازة سريعا
وبدأ العام الدراسى الجديد
★متى ستخبرين الأستاذ فؤاد بموافقتك على الزواج منه؟(قالتها ملك بلهفة)
★اليوم سأخبره (قالتها جنة باسمة)
اتجهت جنة نحو غرفة المدرسين بحثا عن الأستاذ فؤاد ولكنها لم تجده.

وعند خروجها سمعت صوته فى غرفة المدير
ولكن ما سمِعته كان أشبه بالجمرة المتقدة التى أحرقتها .
(كان صوت المدرسين يباركون له بمناسبة عقد قرانه)
لملمت ما تبقى لديها من القدرة على الحركة ودخلت الغرفة
ألقت التحية على الجميع
وباركت للأستاذ فؤاد متمنية له حياة سعيدة.
شكرها الأستاذ فؤاد بكل ذوق

خرجت من الغرفة
تتسارع قطرات العرق على جبينها للحاق بدموع عينيها ليرسمون معا طريق الحزن على خديها.
وصلت غرفة المدرسات
ارتمت على طاولتها
وانخرطت فى البكاء
جاءت ملك مندهشة
★ماذا حدث يا جنة؟
★رفعت وجهها عن الطاولة بعناء قائلة :لقد تم عقد قرانه ..
★من هو؟!!!
★فؤاد ، ولكننى لا ألومه ، فلطالما عاملته بجفاء ، وصددت مشاعره ، وقابلت حبه بالإستهزاء واللامبالاة.
أتَذكُرين يا ملك حين قلتِ لى اننى سأندم؟!
لقد ندمت حقا ،ذقت مرارة الندم ولكن بعد فوات الأوان.
قالت كلماتها واجهشت بالبكاء
حاولت ملك التخفيف عنها قدر المستطاع ولكن بلا جدوى.
★سأقدم طلب نقل للمدير ،لا يمكننى أن أظل هنا ولو ليوم واحد
★لا ياجنة ،لا تذهبى وتتركينى فنحن لم نفترق أبدا من قبل(قالتها ملك دامعة)
★أنتِ صديقة عمرى وليس من السهل علىَّ أن نفترق ،ولكن لا أستطيع ،أقسم لكِ بحق قلبى المحترق أننى لا أستطيع.
انتقلت جنة إلى مدرسة أخرى
ظنا منها فى أن ذلك يمكن أن يطفئ نيران قلبها المحترق ولكن هيهات .
تجلس على طاولتها وبيدها دفتر التحضير الخاص بها ،وبجانبه فنجان قهوتها.
دق الباب
أجابت جنة “تفضل بالدخول”
كان الطارق هو الأستاذ فؤاد
لم تصدق جنه عينيها فانتفضت واقفة فجأة فانسكب فنجان القهوة على دفتر التحضير.
★هل تأذنين لى بالجلوس
★بكل تأكيد ،تفضل
★سأتكلم مباشرة بدون لف أو دوران ،يكفينا ما ضاع من الوقت فى البُعد.
★ما ذا تقصد أستاذ فؤاد ،أرجو التوضيح ؟!
★هل تقبلين الزواج بى؟
★ماذا تقول ، كيف ذلك وقد تم عقد قرانك .
★لقد فسخت الخِطبة .
★متى حدث ذلك؟!
★بمجرد أن أخبرتني ملك بما حدث خلال الأجازة ،وبأنكِ وافقتِ أخيرا .
فى أثناء حديثهما ،دق جرس الحصة ،فابتسمت جنة قائلة:
★”أتذكُر حين قلت لى أن للقلوب أجراس أيضا”؟
★نعم اذكر ذلك جيدا ،فلم يغِب عن ذاكرتى اى حديث دار بيننا.
★لقد كان كلامك صحيحاً، لم أكن أعرف ذلك إلا حين دقت اجراس قلبى لك.
★سأظل أُحبكِ حتى المشيب
★ستظل أجراس قلبى تدق لك وحدك.
ابتسم العاشقان وتراقصت السعادة على وجوههم
السعادة التى لا يعرفها سوى القلوب العاشقة.

الإدارة

صحيفة جزائرية إلكترونية ورقية أدبية فنية ثقافية شاملة

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى