المقال

زخة مطر بقلم: سهام رمضان محمد

زخة مطر

فتحت باب غرفته تنظر إلى صندوق ألعابه، كتبه وأقلامه، وشهاداته المعلقة على الحائط، تتحسس صوره، تبتسم تارة ً وتدمع تارةً أخرى. تمسك إحدى مذكراته لتقرأ آخر صفحة بها، والتي كُتب فيها؛ أحُلم بأن يطأ العدلُ أرضي، وأن ترسو سفن الحبَ بشاطئي، وأن تخمد زخات المطر نيران أشعلتها الحروب، أحُلم بأن يطرح الأمل حتي تخضّر الصحاري، وأخر أحلامي ألا يجف قلمي حتى تجف روحي. فاليوم عيدٌ كما أخبرها صباحاً والفرحة تملأ عينيه، تستعجب أمه من كلماته، أي عيد؟ لكنها لا تهتم بما قال فيكفي ما رأته في عينيه من فرحةٍ. بينما تقف متأملة غرفته، تسمع صوتاً مدوياً، تسقط المذكرة من يدها فتتناثر الأوراق في كل مكان كما تناثرت دمائه والأحلام، فتنطق ابني، ثم تركض خلف ذاك الصوت كمن فقد عقله، لتجد أن دمائه قد اختلطت ودماء الأبرياء، تحتضنه فيبتسم : لا تبكِ يا أمي فأنا اليوم شهيد وهذا هو العيد. تصرخ الأم بقلب مكلوم، لم تكن يا فلذة كبدي شهيداً، فالشهداء هم من سقطوا بجوارك، من يحموا أوطانهم. وقبل أن يلفظ نفسه الأخير،
قال: لقد ظُلمت يا أمي وجردوا مِن الأحلام، لقد أطفئوا نور الأمل داخلي، فأحرقت نار الظلم قلبي،
ردت الأم بقلب مُنفطر: لكنك اليوم ظلمت نفسك يا بني، إن لم تجد العدل في الأرض فلديكَ عدل السماء. يسكب آخر دمعاته ويغمض عينيه تحتضنه بشدة وتدوي بصرخةٍ كادت تُصم الآذان.
حقاً فالظلم قنبلة موقوتة، فالظلم نار تكاد تلتهم الأخضر واليابس. فرب العرش قد حرم الظلم على نفسه، فكيف حللتموه! تغمضون أعينكم وعين الحق لا تنام. ويوماً سيسود العدل أرضي والأوطان. فالعدل كالصبار ينبت على زخة مطر.

# سهام رمضان محمد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى