المقال

الحب لحظة بقلم: نسرين الزيادنه

الحُبُّ لحظة
في الخامسِ والعشرين من صباح مايو، أسيرُ في شارعٍ وحدي بخطى مشوشة مضطربة، أتدبرُ يومي وأمسي وأيامي الفائتة والمُقبلة من عُمري الضَّجِر، الشارع الضيّق المُكتظّ الحاوي للجدران والمباني القديمة، الحاضن للضحكات والنحيب، للكبير والصغير، الشارع الضاج بشذا النسرين والياسمين حتى أنك تحسبه قارورة من العِطر.
كنت أَمضي فيه بلا وجهة، وناظري يلوح يُمنة ويُسرة، إلى أن استقرَّ على ذاك البعيد، نظرة واحدة كانت كفيلة بأن يلتفت إليه القلب ويَعتزلني، رأيتُ فيه الضوء الذي في آخر نفقٍ دامس، شعورٌ ما باغتني، راحة مُغايرة استوطنتني كانت أشبه براحة مؤمن بعد أداءه صلاته، ابتسمتُ له؛ فشقَّ على ثغره ابتسامة أسرتني، لِتُهلك ناظري عشقًا له. شعرتُ بنفسي بُعيدها أتراقص فرحًا وأنا هامدٌ موضعي، ترصّدتُ ملامحة الأخّاذة بحدةٍ، أدركتُ حَشو نظراته، وشغف كلماته المسطّرة على وجنتيه، حتى اهتياج حركته أَلمَسَني ما يكنّه من حُب. لم يَكُن عابر سبيل؛ كان كبرد تشرين وقيظِ نيسان، آنستُ فيه أربعة الفصول، رأيتُ فيه النهار عُقبَ ليلٍ طويل، حتى أعلن قلبي طوارئهُ بعد أن غَزته جائحة عشقه، جُلَّ هذا بلحظة!
بلحظة.. حَيَيْنا، بادرنا، أشعلنا، اعتنقنا، عشقنا، رأيتُ به آدَمْ ورأى بي حوّاء وكأننا في جنة الهوى، والصبْو يغوي بيننا.

معه لاطفتُ الحب الذي لطالما وشمته في مخيّلتي، به تركتُ الأحلام وعانقتُ الواقع، وصِرت بحضرة الحب إلى ما بعد الفناء.
|نسرين الزيادنه|

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى