المقال
عزائي فيك حامل المؤهل بقلم: “الدكتور / عبدالمجيد محمد باعباد”
(عزائي فيك حامل المؤهل)
الدكتور / عبدالمجيد محمد باعباد
خيبة الآمال في وطن يسوده الجهال، ومجتمع يحترم فقط رأس المال، ولا يوقر حامل أي مؤهل، والكادر في هذا البلد مركل بحوافر الجهل،أجل أكمل الحكاية…انتفض أبو شياكة من دار عشاشته، وانطلق يسرع في مشيته، ويرفل وجه بشاشته، ويحمل بيده ملفات شهاداته، ويخفف عن أوجاع حشاشته، بإطلاقه للمارة ضحكات هشاشته، وقد هجر السهر مع ريشته، وامتنع عن نقر شاشته، ونام باكرًا حتى وقت غباشته، استيقظ مبكرًا من منزله ليبحث عن رزق معاشته، وطرق الجهات حسب مؤهلات شهاداته، زار معظم الوزارات، وقصد مكاتب الإدارات، ولكن دون جدوى بعد تكرار الزيارات، ومراودة مرافق الإدارات خاب أن خسر وثائق تلك الملفات، واستنفاذ من يده مئات الحوالات، ونتابه اليأس بعد تكرار المحوالات وفشلها، أيقن أن وظائف الدولة مفصلة بمقاسات سياسية ومناطقية وحزبية وعنصرية، وشواغر مخصصاتها محالة إلى وساطات الجهل والجهلة، وبقبضة جهات متنفذة بسلطات الدولة، وفرص العمل في هذا الوطن من الأشياء المستحيلات، ولكن فرص القتل مستحلات جماجم الناس ليلَّ نهار، وهذه هي فتنة الفلوس، وقد طغت عليها سياسة الدول، وأرغمت بها معاملات الناس، وأصبحت أولى المسلمات بين الناس وأصبحوا ينظرون إلى مقابل المال دون أي اعتبار قانوني ولا احترام للإنسان المؤهل وغيره: فقط عذرًا أخي الجاهل، عفوًا لكل خريج في هذا الوطن لا تستعجل، فقط أبحث لك عن مصدر دخل لتعيش؛ وإلا ستسحق في هذا الوجود المادي، ولن تعترف بك الحياة مادمت حيًا بدون مكسب مال، ولن تنال القبول بين الناس بمؤهلك وخلقك وعلمك ما دمت تبحث عن رضى الله في دينك فلن يضروك في أمور دنياك، ولكن بحجم مالك ومساحة جيبك هي من تحدد مكانتك بين الناس والمجتمع في هذا العصر مادي دنيوي مالي يؤمن بهذا المعيار السائد في كل مناحي الحياة، وعلى هذا المآل تنال ما تريد من حياتك(تتعلم تتوظف تتعالج تسافر وتدرس تترفه….إلخ) لكن بحجم ما تملك من مال، تنال احترام الحياة وقبولك بين الناس به، وبحجم رجاحة علمك وآخر مستوى مؤهلك لا تحاول إثبات وجودك بين إناس جهلاء لا يعرفون مستوى قدرك، لأن الناس أعداء ما يجهلون فلاتوءم مستواهم العقلي العملي والمؤهلي، والحياة تجري على شاكلة الضيعف يرضى بالضعيف، مثله القوي يقبل القوي، وعلى ذلك قس الجاهل يرضى بالجاهل، والفاضل يرضى بفاضل مثله، وهكذا تقاس الموازين إلا أنها انقلبت على عقب، في هذا الزمان صار الرويبضة يتدخل في شؤون العامة، والتافه هو من يحكم أمور الكافة، حتى صار التفهاء والجهلة سادة وقادة في كل بلدة وهم لم يتقنوا قيادة أنفسهم أولًا المال والفلوس هي التي تغير من قناعات الناس، والبر العاجل وخيره في طبعات أبو تل، والشيء المهم في نظر المجتمع بأكمله توفر المال، ومن لا يمتلك أي مصدر دخل، ولم يجد له فرصة لجمع المال سيلفقون عليه تهم بائسة (عاطل__ جاهل_فاشل_وهلم جراء) مع العلم أن الجهلة والفشلة هم الذين يتصدرون عموم مرافق الدولة الوزارات الإدارات والجامعات والكليات ومناصب الدولة بشكل عام، فقد كنت طالبًا في عدن، واجلس مع فطاحلة من شتى الاختصاصات في الإعلام وفي اللغة وفي القانون وغيرها من مجالات العلم، فما أن يشتد بيني وبينهم المشادات، والنقاشات معهم عقيمة، والثقافة التي يمتلكونها بمستوى متدني وهم في مراكز مرموقة في عدة جهات حكومية وإدارية ومؤسسات تعليمية ليسوا أهلا لإدارتها، وقد رأيتُ ذلك بأم عيني وكان لي معهم مناظرات ومحوارات ولقاءات جدية كثيرة، ولكن المؤسف جدًا لا تجد بينهم ما يستطع إعراب آية(وكفى بالله وكيلا) أو جملة بسيطة من أهل الاختصاص دونك غيرهم الجهلة في مراكز الدولة المختلفة إذا كانت هذهِ حال البلاد، فما بالك فالوطن بأكمله لا يحترم الإنسان المؤهل والكفاءة في هذهِ البلاد كثيرة ولكنها مدفونة على اعتبارات سياسية تبعيات محسوبيات؛ ومناطقية الدولة مفصلة لجهات معينة فقط(والوطن للجميع)عبارة تبكيني كثيرًا العزاء والفاتحة على روح أبي الطيب والمواساة مني لجميع القراء.