القصة

أحلامي لم تعد بِكر بقلم: “سوسن نهائلي”

أحلامي لم تعد بِكر..
ها قد تساقطت ورقة أخرى من العمر، إنها الورقة ذات العدد ثلاثون، كم هي طويلة رحلة العمر داخل قطار يعج بالمكتظين، لكن أغلبهم بائسين من وجهتهم الأخيرة، لقد اِحترقت صفحة العشرينات، كنت حينها أُحلِّق كطائر الهدهد أُغرِّد بصوتي الطربي والفريد، وأُظهر جمال اِبتسامتي وبريق الأمل الذي يستعمر العيون، كنت حينها أنفُخ ريش شبابي البهي كطائر الطاووس، أتلألأ مثل النجوم في سماء تطلعاتي، سابقتُ الزمن في كل شيء واِستطعت الحصول على تذكرة السفر، لم أدرك حينها أنني قطعت أميالا من سنين العمر هاربة لمستقبل كفيف، حين إلتفتُ ورائي، وجدت أني أحرقتُ شبابي بالركض خلف طائرات ورقية، صنعتها بأناملي ونفخت فيها من روحي، أمرتُها بالتحليق، فحلّقت و حلَّقت، كنت أركض وأركض.. لكن لم أدرك أنها أحلامي، وأني ما صنعته كان وهما، ألهَث خلفه عمياء البصر والبصيرة، لم أدرك حينها أنني كنت سجينة أربعة جدران، وأن كل تلك المسافات التي قطعتها ماهي إلا أركان غرفتي، و القفزة التي ظننت أني تخطيتها لم تكن إلا قفزة من فوق سريري، وتلك الرسمات البالية من دمع العيون، ماتت فيضا وغرقا بها، كان القطار جد مكتظ بأحلام يئِست مني ومن تحليلي، ومن سجننا الذي قيَّدَنا داخل متاهات الحزن والوحدة، ضاع الشباب وتساقطت أوراقه، و أضحت باقي السنين تتطلع فقط للأمان، تتوسل اللطف بي، تستنجد بالعفو عن تعذيبي، وترك نوافذ السلام و باب الحياة مفتوح.
بقلم سوسن نهائلي

الإدارة

صحيفة جزائرية إلكترونية ورقية أدبية فنية ثقافية شاملة

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى