إنسكابات حرف بقلم الشاعر مطلق المرزوقي
إنسكابات حرف
//////////////////
سأسكـبُ كلَّ حبـرٍ من حرُوفـِي
علـى الأوراقِ مـنْ وحـيٍ لروحي
إذا ما هامــتِ الكلمــاتُ فِـكـرا
إلــى غـَـابـاتِ أغْــوارِ السفــوحِ
أُطيــرُهَـا الحَمائـــِمَ كلَّ حِــيــنٍ
مَتــَي غَنَّتْ على لحن الجروح
تَكاشَـحَ لـي بــُــرُوقٌ من سَنـَاهـا
فَتدعُونِـي لكـي ألقـَي طُروحِي
أَرَى مُــدْنَ القــَوافـِي تَهْتَوينِـي
وإنـِّي أَرْتَجـِي عـَـصْــرَ الفتــوحِ
أرى الثلـجَ المُعَربدَ فـِـي فُتـُونٍ
تَــمـَرّدَ حــَولَ غاباتِ الكُشــُـوحِ
أرى الخصلاتِ منْ فوقِ الروابي
كأغــدارِ السنـابـلِ والشــــــروحِ
أرى العصفـورَ يدنـو منْ غِصُونٍ
لينـقُـرَ مِنْ جَنى زَهـْــرٍ نضيحِ
أرى فـي غَصَّـةِ الأشـْوَاقِ دمعًا
تسَاقَـطَ فَـوْقَ أنَّــاتِ الجـريــــحِ
متـى عاثـتْ بنـا الأشْـواقُ غـيّـا
كـخـمـــرٍ راجَ فـي أقــداحِ ضوحِ
يُخامِـرُنــِي كــرومٌ مـِنْ شذاهَـا
فأثمــلُ من نـدى زهـرٍ وشيــحِ
فتسقيني رضابُ الشعــرِ عشقـاً
فذاك الصحـوُ من بعـدِ الذريح
أمــا والله مــا يَمّـمْـتُ شطـــراً
ولا خطّيت حــرفـاً من قريحِـي
لجَالَتْ هَمْسةُ الذكـرى بشـوقٍ
يُعَطِّرُها الشذا من ريــحِ شيـحِ
لعمــرُكَ إن للإصـبـاحِ نـــــورٌ
وفجــرُ الكونِ نورُك ذَا الصبوحِ
إذا أشرقــتِ أشرقَ كُلَّ كَونــي
غِيابُك فاضــحٌ سِري وبـَوحـِي
إذا غبتِ الفضا يكتظُ حـُزنــاً
كأن الليلَ أقصى لي طُموحِـي
تعَالـِي بَددِي شَكـِّي وَخَوفِـي
وأثري في سَمَا الأَطيابِ شِيحِي
تعالـي مابقى في الكأسِ خمْرٌ
سوى قطراتِ ثلـجٍ من صفيــحِ
فخمرُكِ لـمْ تجـاذبــهُ الأيــادي
ولَم تُحْسَ المشاربُ من نَضيحِ
سأسكـرُ في هَواها دونَ صَحـْــوٍ
وألثــمُ قــَولـَهـا حين الـمُــزوحِ
فَمن أقْداحِهــا كـانَ اغـتبـاقـي
ومن ألحاظِهـا طيـبُ الصبــوحِ
هنا الحـرفُ المعتَّقُ ينْتشينـي
هنا دِفءٌ من الصوتِ البحــوحِ
لها لغــةُ المشاعـرِ عــزفُ نــايٍ
يطيب الشعر في مدح المديح
متى كَانَ اللِقا منْ غَيـرِ صـَـرْفٍ
رمت عن جيدها الشال الطريح
إذا أرختْ على الأكتافِ شِعْــراً
تــَبَدّى لي سمارٌ من نـفيــــحِ
أُعَانــي منْ ثُمالاتِ المعَانــِـي
ومن غيبوبـةِ العَصْـرِ القبِيــح
أنا روحــي تُعَانــِي من جَفَاهَا
كأنــي فــي هــَواهـَا دُونِ روحِ
وَعَينـي تَذرفُ الدمعاتِ حُزْنًا
كسيــلٍ فاضَ بالماءِ النضــوحِ
فكـم حــرفٍ تشنّـجَ في وريدي
وكــم آهٍ لها طبـــعُ الجمـوحِ
وكم فجـرٍ تجلـَّى من رُبـَـاهـَـا
وكـــم غيــمٍ تهــادى للنـــزوحِ
تُبَـعِّدُنـي وتُدْنِينـِـي بعِطـْـــرٍ
فيا لقساوةِ العِطـْـرِ الشَّحِيــحِ
تلاطفنـي بليلِ الشـعـرِ حرفًــا
فديتُ الحرفَ إذ يدنُو ليوحِـي
إذا أهـْـدابـُـهـــا أوحــتْ بقــولٍ
لهـا في القولِ أنغـامُ الفصيــحِ
لها صوتٌ من الغنَــجِ المُغَنــى
كمزمارٍ أتــــَى مـن غيـــرِ ريـــحِ
لهـا رمـشٌ أصابَ القلبَ سهــواً
ولَــمْ يسجدْ لسهــوٍ بالصريـــحِ
وإن الشوقَ يدعـونـِـي ولــكن
توارى دونها الكون الفسيح
فلمـا العشــقُ أسدلَهـا جناحًــا
دنــوتُ لأجـلِ تقبيــلِ المليـــحِ
مطلق المرزوقي