إشراقات فنية
كلمة السيدة وزيرة الثقافة و الفنون بمناسبة افتتاح الموسم الثقافي 2021/2022
بسم الله الرحمن الرحيم والصلاة والسلام على أشرف المرسلين
السيدات والسادة أعضاء الحكومة،
السادة مستشارو رئيس الجمهورية،
السيدات والسادة رؤساء الهيئات والمؤسسات الرسمية،
السيدات والسادة رؤساء لجنتي الثقافة في مجلس الأمة والمجلس الشعبي الوطني،
ضيوفنا الأعزاء من أدباء وفنانين ومثقفين، كل باسمه ومقامه الكريم،
السيدات والسادة إطارات قطاع الثقافة والفنون،
الأسرة الإعلامية،
الحضور الكريم،
السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته،
نفتتح الموسم الثقافي 2021/2022 في ظل ظروف خاصة تندرج ضمن تدشين عهد واعد في كنف الجزائر الجديدة، التي باشرت إعادة بناء مؤسساتها الدستورية تحت قيادة رئيس الجمهورية السيد عبد المجيد تبون، وحالة استثنائية نتيجة ما تعيشه بلادنا من تداعيات وآثار جائحة ضربت العالم كله وعطلت الكثير من قدراته.
وها نحن اليوم بفضل الله ومجهودات الدولة بكل مؤسساتها، وبفضل وعي المواطن الجزائري، نتخطى الصعاب ونسعى لأن نتدارك ما فات ونسارع الخطى لمضاعفة الجهود وتكثيف العمل.
نفتتح موسمنا وكلنا أمل في أن القادم سيكون أفضل وأجمل بعزيمتنا جميعا وتجندنا لإنجاح البرامج المسطرة وبلوغ الأهداف المنشودة.
إن الثقافة هي ما استمر ووصل إلينا من السابقين، وما تبقى منا للقادمين، فمرحبا بكم وشكرا لكم أن لبيتم دعوتنا لحضور فعاليات هذه الطبعة التي وضعنا لها شعار “قوتنا في تلاحمنا، وتميّزنا في تنوّع ثقافتنا”، فكم نحن بحاجة أكثر من أي وقت مضى إلى تلاحم شعبنا، للوقوف في وجه الدسائس المُدبّرة التي تستهدف وحدتنا وسيادتنا والتشكيك في تاريخنا وإسهاماتنا في صناعة الحضارة الإنسانية.
لعلّ الثقافة هي أحد أوجه الرّد على مثل تلك الخطابات والرسائل، التي لم تعد مشفّرة بل أصبحت واضحة، بعدما أن استرجعت الجزائر هيبتها وقوّتها، وأعادت لدبلوماسيتها بريقها وعزّزت قدراتها لردع المكائد والمخططات الدنيئة.
كما أن هذا الشعار الذي يشدّد على تميزنا وتنوعنا الثقافي، يعكس أصالتنا وتمسّكنا بمقوماتنا التي ترصّ وحدة الشعب والأمة، وانتمائه إلى ثقافة متجذّرة بكلّ مكوّناتها الإسلامية والعربية والأمازيغية.
ارتأينا أن يكون الدخول الثقافي انطلاقا من هذا الصّرح الثقافي الذي يحمل اسم واحد من رموزه، ألا وهو شاعر الثورة المرحوم مفدي زكريا، وفي ذلك مؤشّر صريح عن مدى تمسّك الأجيال المتعاقبة من المثقفين والفنانين بقيم ثورتنا المظفّرة، وبالنهج الذي تمّ تسطيره بفضل التضحيات الجسام.
سيداتي، سادتي،
في الوقت الذي نُقِيم فيه فعاليات الدخول الثقافي بصفة رسمية وبحضوركم المميّز، تعيش مصالحنا في كل الولايات نفس الحدث عبر كافة التراب الوطني، لتعلن عن عودة البسمة والأمل في النُّفوس المُرهقة جراء الوباء الذي صفع بنا وبكل المعمورة، ولا يسعني في هذه المناسبة إلا استحضار ذكرى من رحلوا عنا من فنانين ومثقفين وإعلاميين وموظفين في القطاع والترحم على أرواحهم بدعوتكم لالتزام دقيقة صمت.
(……………………………………. الوقوف دقيقة صمت ………………………………………)
صدق الله العظيم.
إن آثار جائحة الوباء كوفيد 19 على الفنانين وعلى الحركية الثقافية والمؤسسات الثقافية العمومية والخاصّة كانت قاسية جدا، وحالت دون تمكين القطاع من تحقيق الوثبة الثقافية المرجوة، وتفعيل دور المؤسسات والجمعيات، وهو ما نصبو إلى تصحيحه وتداركه، لاسيما وأنّ برنامج عمل الحكومة قد حدّد آفاق العمل الثقافي وأولوياته.
رُبّ ضارة كانت نافعة، حيث أنّه خلال فترة الحجر الصّحي، وبفضل اعتماد تكنولوجيات الاعلام والاتصال والمنصات الرّقمية، تمّ تنظيم أعمال ثقافية افتراضية، سمحت بصقل مواهب شبابية والتعريف بالمقومات الثقافية في شتى مجالات الفنون والآداب، وبتراثنا المادي وغير المادي وبالقدرات الخلاقة وابتكارات المؤسسات الناشئة، التي أنجزت تطبيقات وبرمجيات لتقريب الثقافة من المُتلقّي. وهو ما جعلنا نولي أهمية لتوظيف هذه التكنولوجيات في برنامج عملنا لترقية التوزيع الثقافي والفني، والاستثمار في هذه الوسائل بغرض الترويج للثقافة الوطنية.
أيتها السيدات الفضليات، أيها السادة الأفاضل،
إن المقاربة الاقتصادية للثقافة التي انتهجتها الحكومة، ستجعل من هذا القطاع رافدا للتنمية المُستدامة من خلال تحفيز استثمار القطاع الخاص في الصناعات الثقافية، واستغلال المواقع الأثرية والمعالم التاريخية لصالح التنمية من خلال توفير الخدمات السياحية والترفيهية لصالح المواطنين، ممّا سيسمح بخلق الثروة ومناصب الشغل.
كما أنّ التوجّه الذي نعتمده لتنفيذ السياسة الثقافية للدّولة، والقائم على ترقية المضامين الثقافية التي تثمّن عبقرية مبدعينا وتراثنا الثقافي بكل تجلياته وتنوّعه الزاخر، سيكون الخيار الذي سننتهجه في مسعانا الحثيث، مع العمل على ترقية الذائقة الفنّية لدى الأطفال والناشئة، لبناء جيل مرتبط بثقافته وأصالته ومنفتح على العالمية.
ولا تفوتني المناسبة دون الإشادة بالقدرات وبالطاقات الإبداعية للمثقفين والفنانين الجزائريين المقيمين في الخارج، الذين أوجّه لهم الدّعوة للمساهمة في التنمية الثقافية الوطنية ومشاركتهم في تحريك المشهد الثقافي، والترويج أينما وجدوا للثقافة الجزائرية، وهذا إلى جانب المثقفين والفنانين المقيمين، من خلال الاستثمار في العمل الثقافي وتنظيم فعاليات على أرض الوطن وخارجه.
ولا تتحقّق هذه الأهداف دون إشراك مختلف القطاعات المعنية والجماعات المحلّية والمجتمع المدني والفاعلين الحقيقيين من فنانين ومبدعين ومثقفين، الذين سنسعى لضمان وترقية حقوقهم الاجتماعية والمهنية ومرافقتهم وفق الآليات القانونية والاجرائية المُعتمدة. وفي هذا السياق، سنسعى في حدود الإمكانات المتوفّرة، على تكثيف الفعاليات الثقافية وتسخير الفضاءات التابعة للقطاع لتجسيد مبادراتهم وضمان توزيع أعمالهم.
ومن هذا المنطلق، أسديت تعليمات لمديريات الثقافة وللمؤسسات الثقافية بغرض ترقية الخدمات الثقافية في المدن ووضع أجندة للفعّاليات الأدبية والفنية، مع السّهر على تجسيدها بالاعتماد على الطاقات الإبداعية المحلّية والوسائل الذاتية، وتحقيق المردودية المرجوة الكفيلة بضمان التمويل الذاتي والمساهمة في خلق الثروة.
إن سعينا الهادف إلى إعادة المكانة المستحقّة للسينما، باعتبارها إحدى المجالات الثقافية التجارية من خلال منح استغلال القاعات من قِبل الخواص وفق دفاتر شروط محدّدة خلال بداية السنة الجديدة، كفيل بتحريك المشهد الثقافي وتنويع الخدمات المقدّمة لصالح الجمهور.
وأدعو بالمناسبة المواطنين للتقرّب من المؤسسات الثقافية والاطلاع على البرامج المسطّرة، لحضور مختلف الفعّاليات والانتفاع بالنشاطات التي سيتم تنظيمها.
لا أريد الإطالة في كلمتي المتضمنة إعطاء إشارة افتتاح الموسم الثقافي في هذا المجمع البهيج، وأختتم بدعوة المبدعين لإطلاق العنان لعبقريتهم، والمستثمرين عن توظيف قدراتهم، والمواطنين للانتفاع بما يتم توفيره من خدمات لصالحهم.
أتمنى لنا جميعا موسما ثقافيا حافلا وأشكركم على كرم الاصغاء،
الله المستعان،
والمجد والخلود لشهدائنا الأبرار.
منقول