القصة
خيالات بِقَلَم: “الأديبة عبيرصفوت”
خيالات
بِقَلَم الأديبة عبيرصفوت
اقْتَرَبَت الرُّؤُوس باهْتِمام ، حَوْلَ مَائِدَةٍ المقهي ، يَرِث ” السَّيِّد حامد” بَعْضَ الْأَقْوَالِ الْخَارِجَةِ عَنْ الْمَنْطِق ، يَتَحَدَّث بشفاة بارزة وَيَمُدّ عُنُقِه الطَّوِيلَة المائِلَةِ إلَى الْإِمَامِ ، إلَى “السيد جابر” يَتَحَدَّث إلَيْه وينتصت الْآخَر .
طَهَق “السيد جابر” مشدوها : هَذَا أَمْرٌ لَا يُصَدِّقُهُ الْعَقْل .
رَاوَدَه “السيدحامد” بِمَا رَأَتْ أُمُّ عَيْنِه :
مِثْلَمَا أَقُولُ لَك الْحَقِيقَة .
عَاد “السيدجابر”متعجب :
الْأَمْرُ بِهِ نِصَابُ مِنْ اللُّغْز .
آكَد “السيدحامد” :
وَهْمٌ أَوْ حَقِيقَةٌ ، لَنْ أَعُودَ إلَى هَذِهِ الشُّقَّة الْمَلْعُونَة أَبَدًا .
ظَهَر الْمُحَقِّق بِهَيْئَتِة الضَّخْمَة وغليونة شَارِدٌ الأدخنة وَرَأْسُه الْمُسْتَدِير وَيَدَيْه الْمُمْتَلِئَة ، مُتَّخَذٌ مَأْخَذ الِاهْتِمَام متسائلاً بِعُيون ثَاقِبَة :
هَلْ كَانَتْ الرُّؤْيَةُ صائبة ؟ !
خَرَج “السيدحامد”من حَالَتِه التأهة ، كَأَنَّه عَاد لرشدة قائلاً بِإِصْرَار :
مِثْلَمَا أَرَاك أَمَامِي بِكَامِل هيئتك .
اِقْتَرَب الْمُحَقِّق بِهُدُوء نَحْو “حامد” متسائلا :
هَل عُدَّت ادراجك بَعْد الْوَاقِعَة ؟ !
قَالَ الْجَالِسُ إمَامِه بِأَدَاء مَخْطُوف :
كُلًّا لَم تَأْخُذَنِي قُدْرَتِي عَلَى الْمُجَازَفَة مَرَّة أَخِّرِي .
تَعَنُّتٌ الطَّبِيب الشَّرْعِيّ بِطُول جيادة الفارع ، بقلق مُتَزَايِدٌ :
يَبْدُو أَنَّ هُنَاكَ يَدًا عبثت بِالْأَدِلَّة .
قَالَ الْمُحَقِّقُ بِثَبَات :
كَيْفَ ذَلِكَ ؟ !
الطَّبِيب يقراء عِدَّة أَوْرَاق :
كَانَ هُنَاكَ عِدَّة الْأَشْيَاء بِجَانِب الْجدران ، ثُمّ اِخْتَفَت .
اعْتَدَل الْمُحَقِّق فِى جَلَسَتْه متسائلا :
هَلْ هُنَاكَ شُهودِ عَيانٍ ؟ !
قَام الطَّبِيب بِضَبْط نِظَارَتِه وَقُرَّاء :
شَهِدَ أَحَدُ الْجِيرَانَ أَنَّ بَعْضًا مِنْ أَقَارِبِ “السيد حامد” كَانُوا يَتَرَدَّدُون عَلَى شُقَّتَه فِى غِيَابِه ، مَعَهُمْ بَعْضُ الْأَشْيَاءِ الْمُلْتَفَّة .
تَسَاءل الْمُحَقِّق فِى اهْتِمَام :
هَلْ ذَكَرَ “السيد الحامد” ذَلِك ؟ !
نَفْي الطَّبِيب الشَّرْعِيّ ذَلِك .
ثُمَّ عَادَ لِلْأَوْرَاق الَّتِى إمَامِه مستكملاً :
أَيْضًا شَهِد نَفْس الْجَارِ إنْ هَؤُلَاءِ الْأَقَارِب عَادُوا مَرَّة أَخِّرِي لاسترجاع نَفْس الملفوفات .
نَظَرٌ الْمُحَقِّق نَظَرِه ثَاقِبَة قَائِلًا :
رُبَّمَا هُنَا مَرْبِط الْفَرَس .
جَلَسَا أَقَارِب الرَّجُل المذعور ، متكورين الْأَجْسَاد مُنَكَّسَيْن الرُّؤُوس ، مِنْ مَا شَاهَدْت أَفْعَالِهِم مِن بِئْس .
حَتَّى قَالَ الطَّبِيبُ الشَّرْعِيّ بِصَوْت مَلْحُوظٌ ، يَلُوح الاتِّهَام لِهَذَيْن الراجلين :
وَثِق “السيد حامد” فِى أَقَارِبَهُ الَّذِينَ جلبو لَهُ الْمَسْكَنُ ، نَظِير الِاطْمِئْنَان عَلَيْه ، لِأَنَّه ثَرِي وَوَحِيد . . اِنْتَهَز الرَّجُلَان تِلْك الْفُرْصَة وقررا أَنْ يَقُومَا بترويع الرَّجُل الْوَحِيد ، عِلْمًا بِأَنَّهُ مَرِيضُ الْقَلْبِ . . وَهَذَا طَبْعًا لتخويفة وَبَثّ الذُّعْر بِقَلْبِه ، حَتَّى يَمُوتَ مِنْ الْخَوْفِ ، وَلَمْ يَكُنْ لِلرَّجُلِ وَرَثَة ، غَيْرُ هَؤُلَاءِ الْأَقَارِب بِالطَّبْع .
قَطَع الْمُحَقِّق كَلِمَات الطَّبِيب متسائلا :
كَيْف قَامَا الْأَقَارِب بِتَخْوِيف الرَّجُل الْوَحِيد ؟ !
جَمْع الطَّبِيب قَبَضَتْه مجسما بَيْن كفوفة :
أَنَّهَا أَدَّاه الهلوجرام الَّتِى تُنْسَج الْخَيَال بِالْوَاقِع .
قَالَ الْمُحَقِّقُ بامتعاض :
إذَا ، كَانَت الدوافع هِي آثَارِه الهلع فِى قَلْبَ الرَّجُلِ ، لتخويفة حَتَّى الْمَوْت ، ثُمَّ يَقُومُ الْأَقَارِب بِالِاسْتِيلَاءِ عَلَى الْإِرْثِ
مِنْ جَدِيدٍ ، تَنَبَّه الْمُحَقِّق لويل الفاجعة :
تَرَيْ أَنَّ الْحَدَاثَة مخيفة إلَى هَذَا الْحَدِّ ؟ !
الطَّبِيب الشَّرْعِيّ يَهُزّ رَأْسَه وَعَيْنَاه تُغْلِق بِالْمُوَافَقَة :
وَأَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ .
الْمُحَقِّق بامتعاض :
لَا نتمني أَن نتوه فِى دوامات الْحَدَاثَة ، وَتَكُون الْبَشَر هُم ضَحَايَا الْمُسْتَقْبَل