المقال
المرأة العربية ، بين الواقع والتحديات بقلم: الشاعرة والاديبة “لميـــــاء بودوخـــة”
المرأة العربية ، بين الواقع والتحديات
بين تنظير الايديولوجيات ورهان التغيير
بقلم الشاعرة والاديبة
لميـــــاء بودوخـــة
لا شك ان قضايا المرأة في العالم اجمع تشكل منعطفا محوريا واستراتيجيا يبرز العديد من الاهتمامات المجتمعية والاكاديمية لتطفو على السطح كدراسات وطروحات فكرية وثقافية تعتمدها العديد من المجتمعات والتي تعكس اوجه الثقافة الاجتماعية والسلوكية والسياسية في مجتمعاتها .
كما ان قضية المرأة تأخذ ابعادها ومدياتها في اروقة الامم المتحدة ومنظمات حقوق الانسان ومنظمات المجتمع المدني كمحور اساسي تخطى حدود الدراسات والطروحات النظرية والاكاديمية والتقارير البحثية متحررة من اطر الرؤى الضيقة كجنس بشري بل كركيزة اساسية في بناء المجتمعات تبنته الاحكام الدولية والانظمة السياسية في العالم والمؤسسات المجتمعية .
تلك القضايا التي اخذت اشكالا عدة من العناوين والمصطلحات كإشكالية او جدلية او ازمة صراع بين الانا والآخر ، وفي حقيقة الامر تبقى الصورة الاعمّ والاشمل الا وهي قضية المرأة هي الجوهر الانساني القائم على جملة من التحديات والطروحات والرؤى المجتمعية بين الايجاب والسلب والحياد ، اذ ان هناك الكثير من الطروحات التي ترى بوجوب الخوض في غمار قضية المرأة باعتبارها اشكالية قائمة بذاتها بعيدا عن القضايا المجتمع الاخرى .
غير ان قضية المرأة في حقيقتها يمكن اعتبارها جدلية او اشكالية تاريخية عميقة عمق الوجود الانساني اذ كانت المرأة العنصر الاكثر عرضة للانتهاك والضحية القائمة على رأس الصراعات المجتمعية التي تفرض مبادئ القوة والسطوة ونتائجها .
ووفق الدراسات والمعطيات والاحصائيات لم تزل المرأة هي العنصر الاكثر تضررا وانتهاكا واستلابا واستغلالا في مختلف المجتمعات في العالم اجمع وليس الامر حصرا في المجتمعات العربية رغم انها تسجل الكمّ الاكبر في حجم التحديات التي تواجهها المرأة العربية وعلى وجه الخصوص في الدول التي تشهد صراعات سياسية وحروب قاسية وانتهاكات انسانية عرقية او دينية .
ولو تعمّقنا في تحليل الاوضاع الآنفة الذكر القائمة في تلك المجتمعات نجد ان حجم معاناة المرأة انما هو انعكاس لا يظهر للعيان بوضوح من حجم معاناة المجتمعات بأسرها باعتبار الكلّ القائم في المجتمع والعنصر الانساني الاعمّ الذي يشكل التكوين المجتمعي المتكامل ، غير انها المتضرر الاكبر لما تعانيه من واقع التهميش والاقصاء والعنف والقتل والتهجير والاستغلال النفسي والجسدي ناهيك عن النظرة الدونية في نواة المجتمع الا وهي العائلة وخاصة في المجتمعات التي يسودها الجهل والتخلف والاوضاع الاقتصادية المتردية ولسنا هنا بمعرض الحديث عن المرأة العربية فحسب بل في العالم اجمع ومن امثلة هذا ما عانته المرأة في العصر الحديث وخاصة في الحربين العالميتين وما بعدهما .
وما عانته وتعانيه المرأة العربية من اشكال الظلم والمعاناة بلغ اشده خاصة بعد احداث الربيع العربي وظهور الهجمة الشرسة من الفكر الجهنمي التكفيري الذي تبنته الفصائل الاسلاموية المتشددة ك داعش وغيرها جعلت المرأة والطفل الضحية الاكبر في تلك المجتمعات بين القتل والسبي والتهجير والاستغلال الجسدي بابشع صوره اضافة لما يحيق بها من الظلم المجتمعي الذي يعاني من تلك الويلات ومن نتائج وخيمة لما تعرّضت له المرأة على وجه الخصوص والتي سجلت وفق الاحصائيات اعلى النسب والخطوط البيانية في العصر الحديث .
ورغم كل هذا الانتكاسات وارهاصات الاحداث الا ان المرأة العربية ما انفكّت وفي مختلف المجتمعات تتمسك بحقوقها الاساسية التي ناضلت من اجلها ردحا طويلا من الزمن سواء من عصر الاحتلال الاجنبي للدول العربية وما بعدها وما زالت تسعى لتعزيز مشاركتها في بناء المجتمع والانشطة التنموية مستغلة كل طاقاتها وامكانياتها كعنصر فاعل واساس في البناء المجتمعي وما تحظى به من اهتمام وتأكيد الباحثين والمفكرين والمثقفين على اهمية دور المرأة في بناء المجتمع الحديث المتحرر والذي لن يتحقق الا بتحرير المجتمع بأسره من المتوارث السلبي والقادم من قشور المجتمعات الغربية والتخبط الفكري الناتج عن سوء الحياة السياسية والاقتصادية والتخطيطية كمؤثر اساس في تقدم المجتمعات ، وكل هذا لن يتحقق عبر الطروحات الفردية بل لابد من ابعاد رؤيوية انسانية مجتمعية شاملة .