حلوة وذكرى بقلم: صورية حمدوش
♡حلوى وذكرى♡
على غير عادتي اليوم الذكرى 14 لوفاة والدتي صنعت بعض الحلوى التقليدية أو “حلوى المحقن” كما كانت تسميها والدتي رحمة الله عليها فقد كانت لاتتذوق إلا هذه الحلوى و” حلوى الكروكي” لأن معدتها لاتحتمل الزبدة والمرغارين بالاضافة إلى الضغط وقلبها المرهف احساسا والمثقل وجعا الذي صار مضطرب النبض بل لا يقوى على ذلك ، اليوم استحضرت الأيام التي كنت ارافقها للتسوق لشراء ثياب الحج وحتى بعض الأواني اشتريناها جديدة قدر صغير وأشياء أخرى ، وفي ليلة قبل اجتماع شمل العائلة الكبرى للعشاء ملأت لها القدر” بحلوى الكروكي” ووضعت في الكسكاس وهو الجزء العلوي الذي ينضج فيه الكسكسي ملأته “بحلوى المحقن ” وكنا نشاكسها أنا وأختي وبنات أخي وأختي فقالت لها أختي الكبرى ياأمي وقت زواجك من أبي لم تكن الظروف جيدة وها نحن نزفك مجددا لوالدي وصورية جهزت لك الحلوى التي تأخدينها معك في شهر العسل كما تزوجت وأخدت معي محبس مليىء “بالمقروظ ” واشترى لك والدي حقيبة جديدة وحقيبة يد بيضاء تناسب كل اللباس كأنك عروس تزفين إليه غدا وأنا سأجعل الليلة ليلة الحناء وتعالت ضحكاتنا حتى أحسست وأنا أصنع الحلوى مجددا لأول مرة مند 14سنة أن المطبخ بكل جدرانه يبتسم ويسترجع ذكراه الجميلة مع الملكة المتوجة على كل القلوب وبالفعل في السهرة احضرت أختي الحناء وتجمعنا كلنا في الصالون واسترسلت أختي الكبرى في مكرها البهي لتصنع أفراح الحاضرين وطلبت من حماتها المقعدة على كرسي متحرك وعمتي العجوز الطاعنة في السن بالاقتراب من طاولة الحناء حتى تخضب لهم أيديهن وأرجلهن كأمي فتعالت الضحكات منهن ، هي ذاهبة للحج ونحن لماذا ، فابتسمت وقالت بمكر من عادة الحاجات أن يخضبن أيديهن بالحناء وكذلك من يحضر تماما كما العروس فهل ستغيرون في العادات والتقاليد ، وكم هن محافظات جدا على عادات بالية ويبجلونها ولأن أمي أول من تحج من نساء العائلة فلا يعرفون اصلا إن كانت هي فعلا عادة في الحجاج أم لا وقامت أختي بتخضيب أيديهن وأرجلهن وكم كانت السعادة بادية عليهن كما الأطفال بحناء العيد ، وفي الصباح تعالت ضحكاتهن عندما ابتهجت ايديهن واقدامهن باللون الأحمر كأنهن في مقتبل العمر ويحضرن لزفاف أمي فعلا ، كل هذا الفرح استرجعته وأنا اصنع “حلوى المحقن ” فجاءت حلوة وهشة وأنا التي صرت أصنع الحلوى بمشقة كمن حكم عليه بالإعدام وخفف إلى الأشغال الشاقة المؤبدة واليوم فقط عرفت كيف كانت تصنع لنا الأكل حتى بدون لحم وكان يكون لذيذا جدا لأنها تضع فيه من عطر روحها المحبة فعندما استحضرت روحها وذكرياتنا الحلوة جاءت الحلوى حلوة حقا تناولتها مع فنجان قهوة وشفتاي لك تبتسم مند آخر عناق لنا .