إشراقات أدبيةالنثر

مخاضُ قلم و ولادة قيصرية بقلم الشاعر بن عيسى محمد الشريف

مخاضُ قلم و ولادة قيصرية

وأين اللهيبُ في مصرعِ الحُبِ أتى ثائرا
أحرقَ رحِمَ ابتسامة جَوفَ عنقٍ مندثرا

سأل المرفوع ظمته من غيرٍ نصبٍ او جزمٍ
سلبَ حروف الجر لمكسورٍ جعلهُ يتمشى أعرجا
وقال لقواعد اللغة ناراً تأكل العامل والمعمول به
في صفحتي ورمادا يخفي موقعي يغلق أبواب النحو في لغتي
ويا آثِرَ مدامعي أعرب لي العشقَ اللغوي في هَدَبْ العيون
وبلغ سلامي للحبيب المنتشي تحت الجفون
في ضياع الحرف الأبكم الذي خاضَ كلمات الجنون
وراح يتمشى على سطري المنطوي المبتل بنكهة الليمون
مع طيات النسيان الأخرص وهو يتبختر على مسرح الفنون
ينجلي من القرطاس الى القلم بِنَقْعَةٍ واحدة برهة رمشة عيون
يبايع فيها الحب في أعظم أساطيره و سهراته تحت النجوم
وهوَ تائهٌ يَنثرُ ليتَ وأخواتها في لحظة صمت يتأمل قلبها الحنون
وقبل تفتح براعم الثغر الرقيق سألها يا سيدتي أخبريني من أكون؟
تائهٌ أنا أصابتني نِبال نظراتكِ بالشرود و الذهول و السرد العاطفي المكنون
أأنتِ الجمال !!؟ أم أن الجمالَ أنتِ!!؟ يا يا يا ….يا كل الضنون
وقحٌ لساني أعذريني أبتلاهُ خَفَقان قلبكِ الملْحون
أصابني الشَلَل الجمود الصقيع وأنا أتصبب شوقا مسجون
أنا مأمونٌ . بحبكِ شرياني محقونٌ
ٌ قلبي لكٍ مديونٌ يَتكون نبضهُ المرهون أو لايكون
غيابك مجرد بحرا يصارع أمواج الصمت في سكونٌ
فهلا جلستي يا سيدتي . وراح يمسكُ راحةَ يديها ويجلسها على مقعد في حديقة عمومية حيثُ صادفها وهي تنظر الى عيونه بصمتٍ و تَريثْ مُبتسمة والحيرة غموضٌ في عيونها كيف تخبرهُ؟ ماهيَ عليه حالها ؟
وهو الذي تعثرَ نبضه بخصلات شعرها الطويل المُتدلي بلون خيوط الشمس الذهبية ينير وجهها الجميل جمالا خلابا يَبْكَمْ لهُ الناطِق و ينطِقُ له الأبكم وراحَ يسألها يحدثها دون توقف من أنتِ؟ ومن أين؟ كيف ؟ متى ولدتي ؟ هل من السماء نزلتي ؟ وأي سماء ؟ أو من الفردوسِ وقعتِ ؟ أو انشقتْ الأرضْ ومنها خرجتِ ؟

كانت هي سيدة في عقدها الخمسون من عمرها ، وهو شاب في العشرين من عمره حينَ بلغَ أشدهُ في العمرِ دون أمٍ عرفَ الذي أخبره والدهُ بأن أمك يا ولدي رحلت منذ زمن قصير بعد ولادتك ولا أثر لها من يومها ولا سببا معروف لرحيلها . حينها كان ولدا صغير يراودهُ حلما كل ليلة بلقاء الأم التي أنجبته . أحبها حبا جما وتعلق بها من خلال أحلامه التي كان يرى فيها أمه بنفس الملامح في جميع الأحلام مع أنه لايملك أي صورة تذكارية لها .
كان يذهب الى نفس الحديقة ونفس المقعد كل ذكرى ميلاده يزُفُ أدعيتهُ الى السماء للقاء والدته التي لايعرف أي شيء عنها سوى ما اخبره والده عنها والذي توفيَ بمرضٍ قاتل حين كان الولد في العاشرة من عمره . حيث أكمل الولد حياته مع جدته من أباه أحبته ورعته رغم كبرها في السن تعاني النسيان و ألتحفها الزهيمر المؤقت .
واصل الشاب أسئلته وقلبهُ يحلق وهو ويخبرها بأنه يرى وجهها كل ليلة في أحلامه ، فأجهجت السيدة بالبكاء وأخذته الى صدرها بضمة قوية وثار الشاب يبكي بصمتٍ شديد في أحن صدرٍ على الوجود .
ترى هل شاء القدر أن يجمع قلبين مفقودين او ليسَ بعد؟؟
بعد احتضانٍ طويل وضع يداه المرتعشتان يتلامس أطراف ملامح وجهها . وهي التي لم تتفوه بعد بأي كلمة. فقط عيونها المغمورة بالدمع والذهول مع مزيجٍ بليغ من السرور تتحدث .
تحدث الشاب بحروفٍ مبعثرة يقول أمي أمي ولفظَ آخر أنفاسه بين أحظان أمه التي لم تسمع ولا كلمة واحدة مما قال لأنها صماء
لكن قلبها سمعَ كل شيء . ولحظتها حين توقف كل شيء ذُهلت بجثة هامدة في أحضانها فراحت تصرخ ولدي ولدي ولدي حتى أغميَ عليها . وهي التي كانت بكماء لا تتحدث فقدت فلدة كبدها بعد فراق عشرين سنة ولقاء قصير قطع وصاله قلم كتبَ من وحي الخيال لوعة لقاء صادم بعد فراقين .
بعد أيام أفاقت وهي ممددة على سرير وأجهزة طبية موصولة بجسدها تحاول أن تتذكر ما حدث ، وهي تتجول بنظراتها الى أنحاء الغرفة رأت أبنها نائما على سرير بجانبها حينها تذكرت كل شيء وأن حادث مرور وقع لها وهي ذاهبة لحضور حفل تخرج ابنها وهاهو أمامها سالما معافى ينتظر استفاقتها .

أقلام حبي تداعب جوارحي

الإدارة

صحيفة جزائرية إلكترونية ورقية أدبية فنية ثقافية شاملة

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى