المقال

دروس في مهب الريح بقلم : نور الدين بامون

دروس لاتنسى حلم في مهب الريح
إياك إياك و إياك ثم إياك أن تحلم .
ممنوع الحلم في زمننا هذا ووقتنا هذا.
إياك وإياك أن تبني واقع مستقبلك على مجرد أوهام بحلم يتخبر في أي لحظة و ينتهي في رمشة عين و لحظة طرفها .
إياك أن تحلم بشيء ليس من حقك
وإياك أن تنبي سعادتك على حلم لن يتحقق
وإياك أن تطمع في شيء صعب تحقيقه
وإياك أن تزيغ عينك في ما ليس لك فيه حق
وإياك أن تتوقع شيء من المستحيل وصوله
وأياك أن تبني فرحتك على شيء غير منتظر
وإياك أن تسمح لنفسك بالنظر لما هو ليس ملك لك
وإياك تشتهي شيء ليس بمقدورك تحصيله
وإياك أن تستبيح شيء ليس من نصبيك
وإياك و الطيبة, فإنها آفة العصر مضرة بصاحبها فتاكة به أصحابها غير أبهين به أو بحاله غير مبالين له, لا يهم شيء سوى إرضاء نفسهم و مراعاة شعورهم ولو على حساب جثث و بقايا أجساد بني البشر.
فإياك وإياك أن تحلم فهذا ليس من حقك لما سلف ذكره و الإشارة إليه, قبل أن تطعن بطعنة دامية, يصعب شفاؤها و تنصاب بجروح عميقة ستظل تنزف نزيفا لا حدود له, و تلسع بلسعة لن تنسى آلامها ما حييت و لن تجيد المصل المضاد لسمومها النفاثة دون حساب ولا دراية و تصاب بالدوران و الغيثان إلى درجة الهذيان في حالة هستيرية تكاد أن تفقدك صوابك وعقلك و تدخلك عالم الجنون و العته لا سمح الله. و لا يعرف لك تشخيص لحالتك ولا علاج شافي لها.
فتعقل قبل أن تصدم و تقع الفأس في الرأس ويصعب ساعتها فك شفرتها و حل لغز زمرتها.
و أعرف حجم نفسك و قدرك و مكانك بل مكانتك و لا تكون طماع , فالدنيا لا تساوي جناح بعوضة أمام كرامتك و عزة نفسك و كبريائك وشموخك .
وإياك أن تسمح لنفسك بإهانة نفسك و جرح مشاعرك و المساس بسمعتك و تداس على كرامتك و فعزة النفس لا تعوض و الكبرياء و الشموخ إن ضاع لن يسترجعا و الكرامة إن أهدرت بهت كل شيء ، فقل ساعتها على الدنيا السلام . أحذر و تعقل و كون على بصيرة قبل أن تهان و تداس و يمسح بك و بكرامتك الأرض ممن توسمت فيهم خيرا و توقعت فرحة و أنتظرت بهجة و ظننت بهم كل الظنون.
و لكن تجري الرياح بما لا تشتهيه السفن و تتبخر الأحلام وساعتها لا ينفع ندم ولا يحزنون. فلا فرح يدون ولا حزن يدون و كل شيء يفنى ويهون إلا الشرف و الكرامة و عزة النفس.
فالترفع و التعالي و مشابه بات من أولويات الحاجة في زمننا هذا, و الويل لمن لا يملك مثقال ذرة مما يحفظ يه ماء الوجه ويصون كرامته إن هي أهدرت .
فهذا هو حال الدنيا يإ بن آدم, فتعقل و كون على يقين و دراية بأن ما تتوسمه و تحلم به سوف يتبخر بمجرد بزوغ أشعة الشمس اللافحة, و يتطاير كما يتطاير الدخان و يصعد إلى السماء كالبخار, و إن عاد فيعود غيثا بسحب مثقلة بمزن و برق و رعد ويصعب توقع تهاطله، فإما غيثا نافعا وإما صيبا ضارا، وربما متفرق ومشتت هنا وهناك يصعب جمعه و التحكم في زمام أموره و تصريف بحوره و سد منافذه و فتح معابر له، فيا ربي أرحم ضعفنا و أرأف بحالنا فإنك ياربي العالم بالأمر السميع العليم المجيب المغيث الرحمن الرحيم الحي القيوم
بقلم الأستاذ الحاج نورالدين أحمد بامون – ستراسبورغ فرنسا

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى