ابو جعفر المنصور. مؤسس الدوله العباسيه
- أبو جعفر عبد الله المنصور بن مُحمد بن عَلي بن عبد الله بن العباس بن عَبْد المُطلّب بن هَاشم القُرشيّ (95 هـ / 714 : 158 هـ / 775) هو الخليفة العشرون من خلفاء الرسول، والخليفة العباسي الثاني، وهُو المؤسس الحقيقي للدولة العباسيةِ، وباني بغداد، وقد بويع له بالخلافة في شهر ذي الحجة عام 136 هـ بعد وفاة أخيه أبي العباس عبد الله السفاح، وكان السفاح أصغر منه سنًا، ولكن تولى الخلافة قبله امتثالًا لوصية أخيهم إبراهيم الإمام، وكان السبب في هذا هو أن السفاح أمه عربية حرة، وكانت أم المنصور أَمة بربرية تُدعى سلامة. وُلِدَ المنصور في الحميمة من أرض الشراة من البلقاء الواقعة في الشام في جنوب الأردن تحديدًا في صفر في عام 95 هـ، ونشأ بها ثم ارتحل إلى الكوفة مع عائلته بعد أن ألقى مروان بن محمد القبض على أخيه إبراهيم الإمام، وقد ساعد أخاه أبا العباس السفاح في السيطرة على الدولة الإسلامية، وفي تثبيت حكم بني العباس، وقد ولاه السفاح أرمينية وأذربيجان والجزيرة الفراتية، وأيضًا استعان به في إخماد الثورات التي قامت عليهم في بدايات الدولة العباسية، وقد عهد له السفاح بالخلافة من بعده، وبعد وفاة السفاح في أواخر عام 136 هـ أصبح المنصور هو الخليفة، وبويع له في البلاد في أول عام 137 هـ.[2]
ولد عبد الله بن محمد بن علي بن عبد الله بن عباس سنة (95 هـ/ 714 م)في قرية الحميمة التي تقع في معان جنوب الأردن، ونشأ بين كبار رجال بني هاشم الذين كانوا يسكنون الحميمة، فشب فصيحا عالما بالسير والأخبار، ملما بالشعر والنثر. وكان أبوه محمد بن علي هو الذي نظّم الدعوة العباسية، وخرج بها إلى حيز الوجود، واستعان في تحركه بالسرية والكتمان، والدقة في اختيار الرجال والأنصار والأماكن التي يتحرك فيها الدعاة، حيث اختار الحميمة والكوفة وخراسان، وأمه أم ولد اسمها سلامة البربرية.
حين نجحت الدعوة العباسية وأطاحت بالدولة الأموية؛ تولى أبو العباس السفّاح الخلافة سنة (132 هـ/750 م) واستعان بأخيه أبي جعفر في محاربة أعدائه والقضاء على خصومه وتصريف شؤون الدولة، وأرسله كذلك لقتال إسحاق بن مسلم العقيلي في سميساط في الجزيرة الفراتية وأحد قادة مروان بن محمد وكان عند حسن ظنه قدرة وكفاءة فيما تولى، حتى إذا مرض أوصى له بالخلافة من بعده، فوليها في ذي الحجة 136 هـ/ يونيو 754 م) وهو في الحادية والأربعين من عمره.[3]
نسبه
أبي جعفر المنصور عبد الله بن محمد بن علي بن عبد الله بن عباس بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف بن قصي بن كلاب بن مرة بن كعب بن لؤي بن غالب بن فهر بن مالك بن النضر وهو (قريش) بن كنانة بن خزيمة بن مدركة بن إلياس بن مضر بن نزار بن معد بن عدنان الهاشمي القرشي.[4]
بناء بغداد
تمثال نصفي للخليفة العباسي أبي جعفر المنصور في “حي المنصور” ببغداد.
بنى الخليفة أبو جعفر المنصور مدينة بغداد على شكل دائرة وأطلق عليها اسم مدينة السلام أو دار السلام وتم بناء المدينة في أربع سنوات من (149-145) على شكل دائرة يحيط بها سور يسمى السور الأعظم، وأربع بوابات، البوابة الأولى تسمى باب الشام التي تقود إلى بلاد الشام، والبوابة الثانية تسمى باب الكوفة التي تقود إلى محافظة الكوفة والبوابة الثالثة تسمى باب البصرة التي تقود إلى محافظة البصرة والبوابة الرابعة باب خراسان الذي يقود إلى الفارسيين أو دولة إيران وداخل المدينة كان هناك جامع المنصور الذي كان مربع الشكل ودواوين الحكومة ومساكن الناس والجيش. ونشطت الحركة العلمية حيث وصلت الحضارة العباسية إلى أوج عظمتها فكان هناك عدداً من العلماء منهم الخليل بن أحمد الفراهيدي الذي اشتهر بعلوم النحو وعلوم العروض (لمعرفة نظام الشعر وأوزانه) والقاضي أبو يوسف في علم الفقه والمسعودي في الجغرافية واليعقوبي ويبرز جابر بن حيان في الكيمياء وابتكروا الإسطرلاب لرصد حركة النجوم والكواكب وحنين بن إسحاق ومعظم من إفراد أسرته في اللغة والأدب وكان حنين يشرف على أهم مكتبة في عهد المأمون وهي مكتبة بيت الحكمة فأصبحت بغداد أكبر مركز علمي وثقافي آنذاك يقصدها طلاب العلم من مختلف أنحاء العالم للدراسة في مدارسها وجامعاتها مثل المدرسة المستنصرية.[8]
لما هزم «جمهور» سنباد، واسترد الأموال، كانت خزائن أبي مسلم الخراساني من بينها، فطمع «جمهور»، فلم يرسل المال إلى الخليفة المنصور، بل ونقض البيعة ونادى بخلع المنصور، فماذا كان؟ أرسل المنصور القائد الشجاع «محمد بن الأشعث» على رأس جيش عظيم، فهزم «جمهورًا» الذي فر هاربًا إلى «أذربيجان»، وكانت الموقعة في سنة 137 هـ/ 756 م.[10]
ذهب الخليفة المنصور للحج عام 158 هـ، 775 م، وكان ابنه محمد «المهدي» قد خرج ليشيعه في حجه، فأوصاه بإعطاء الجند والناس حقهم وأرزاقهم ومرتباتهم، وأن يحسن إلى الناس، ويحفظ الثغور، ويسدد دينًا كان عليه مقداره ثلاثمائة ألف درهم، كما أوصاه برعاية إخوته الصغار، وقال: إنني تركت خزانة بيت مال المسلمين عامرة، فيها ما يكفى عطاء الجند ونفقات الناس لمدة عشر سنوات. ونزل المنصور بقرية قد أفرغها سيدها من أهلها وقرأ على الجدار أبيات شعر فيها علامة على وفاته.
وكان سفيان الثوري نائما في الحرم ورأسه في حجر الفضيل بن عياض ورجليه في حجر سفيان بن عيينة، فقال له الفضيل «أما عَلِمت بما قاله أمير المؤمنين أبو جعفر المنصور» فقال سفيان الثوري «عن ماذا» قال الفضيل «يتمنى أن يراك مصلوباً أو مقتولاً على باب من أبواب الحرم» فتبسم سفيان وقال «والله لا يدخلها» وأكمل حديثه، وكان أبو جعفر قادما للحج هذا العام، وعندما وصل للتنعيم، فتعثرت فرسه فوقع من فوق الفرس فضُربَت رأسه بصخرة فمات على الفور، ثم حُمِل وغُسِل وأُدخِل الحرم ليصلي عليه سفيان الثوري.
أبـا جـعــفر حـانت وفـاتـك وانقضت | سنوك وأمر الله لابد واقع | |
أبا جعفر هل كاهن أو منجم | لك اليوم من حر المنية مانع |
وأمر حاجبه الربيع بن يونس أن يدخل ويقرأ، فدخل ولم يجد شيئًا، ودخل خلفه المنصور فلم يجد شيئًا، وراح يتلمس الجدار الذي كان قد قرأ عليه الأبيات، فعلم في نفسه بوفاته، وكتب لابنه المهدي بعض الوصايا. وقبل أن يدخل مكة توفي على أبوابها.[13]