إشراقات أدبية

كيف لاابكي //للكاتبة هبه شدود

كيف لا أبكي؟
وأنا مع كل صرخة أم أتخيل صرختي
مع كل دمعة طفل أتخيل طفلتي
كيف لا أبكي أنا من عُجن جسدي بالبكاء وصار يكبر معي يوماً وراء يوم فكلما صحوت على حزنٍ جديد أستذكر كل ما مضى .
وإن سألتني عن عمري سأجيبك ألف حزنٍ وألفي دمعة وخمسة آلاف صرخة قهر وعجز.
تضج ذاكرة بلدي بالكثير من الأسباب اللتي تدفعك للبكاء فلن تغفوا يومين متتاليين على نفس السبب .
وإن سُئلت يوماً عن جنسيتك وأجبت سوري ستلاحظ دمعاً قد بان بعيون من سألك وتستطيع أن تُخمن شريط الحزن والكوارث الذي يدور في مخيلته وحتماً إن طال صمته قليلاً سيبكي.
لكنني الآن أمر بما هو أصعب من البكاء
لا أستطيع أن أبكي أرجوك يا الله ماذا يحصل
أذكر بأن قلبي برقة فراشة أنا من بكيت مِراراً عندما كنت طفلة حين توفي أحد شخصيات أفلام الكرتون وحين كبرت بكيت عندما توفي أحد أبطال الرواية .
أنا من بكيت في مراسم العزاء دون أن تربطني أي صلة أو قرابة بالمتوفي.
أنا من أبكي إن صادفني منشورٌ أو خبر حزين على مواقع التواصل الإجتماعي .
اليوم وبهذا الكم الهائل من القهر لدي الآف الأسباب للبكاء لكن دموعي ربما جفت
أو ربما أبحث عن شيء أكثر من البكاء لأفعله
يقتلني هذا الصمت وأشعر بأن روحي تتآكل
أترقب حصيلة الوفيات وكلما زادت الأرقام تزداد الغصة في قلبي أكثر.
بينما أنتم تبحثون تحت الأنقاض ستجدون رائحة الموت في كل مكان جميع الأسباب كانت تؤدي للموت لكن هناك من نجى بأعجوبة
هناك حيث مات الجميع ولدت طفلة
وكأن الله يريد أن يخبرنا بأن أسباب الموت والحياة واحدة ولكل شخص قدر
أرواحنا ملك الله يحيي ويميت وهو على كل شيء قدير
اللهم لا أعتراض على حكمتك لكن أرجوك الرحمة .
أستطيع أن أجد الآف الأعذار لكل شيء وأن أستنبط آلاف العِبر مما حصل لكن ما لا أبرره ولا أتقبله وأمقت من ينطق به وبشدة بل لا أطيق أن أتعامل معه هو من يرمي فوق هموم الناس وحزنها حزناً جديداً كأن يقول بأن الناس من توفي أولاده أو أحد أفراد عائلته قد أرتكب ذنباً ما وأن الله يعاقبه بما حصل معه .
يقولون بأننا وصلنا مرحلة الغضب ال الآهي أغضبنا الله من شدة الفسق والعصيان
أنسيتم بأن الله غفورٌ رحيم وبأن الله أرحم الراحمين بعباده ؟
وهو من جعل طفلة تشهق شهقتها الأولى بين الآف الجثث ليذكركم بأنه يحيي ويميت وهو على كل شيء قدير
أنسيتم بأن الله قد يبتلينا بالخوف والجوع ونقصٍ في الأموال والأنفس والثمرات
أنسيتم بأن البلاء بعده الفرج
لربما كان ليختبر صبرنا وأيماننا
رباااه إن الوجع أكثر من قوة تحملنا
رباااه إن بلادي ثكلى
سورية منكوبة
اللهم إنا لا نسألك رد القضاء إنما نسألك كل اللطف فيه .
Heba Shadoud

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى