بلدة المعاناة
شعر /د.عبد الولي الشميري
ليس مِن عِلمي ولا مِن أدبي
لستُ هَجَّاءً ولا في مذهبي
إنَّما جاءت على أسبابِها
طفحَ الكَيْلُ وصَبْرٌ فاضَ بي
بلدةٌ عانَيْتُ مِنها غُصَصًا
رغمَ حبّي رَغمَ صَفْوِ المَشْرَبِ
ليتَ أهليها المُسِيئينَ لها
سَكنوا الهِندَ وأَقصى المَغربِ
وخَلَتْ تُرْبَتُها مِن مِثْلِهِم
لاستنارتْ مِن قَديمِ الحِقَبِ
أسبلَ اللُّؤمُ عليهم ثَوْبَهُ
أسودًا في طَبعِ كَيَّادٍ غبي
بلدةٌ يا لَيتَها إنسانةٌ
وُئِدَتْ في عَهدِ ما قبلَ النَّبي
بلدةٌ قد كنتُ أنوي مَنْحَها
كلَّ مَجدٍ مُشْرِقٍ كالشُّهُبِ
جِئْتُها والقلبُ مِنّي مُفْعَمٌ
بعميقِ الحُبِّ والعَزْمِ الأَبي
زمنٌ مُرٌّ، وفي أيَّامِهِ
ذِكْرَياتٌ مِثْلُ سُمِّ العَقربِ
ومِنَ الدَّهرِ صُروفٌ لَوَّنَتْ
صَفحةَ الذِّكرى بأَسمى العَجَبِ
ومِنَ الأحداثِ في فِهْرِسِها
عِبَرٌ فاقَتْ جميعَ الكُتُبِ
لا تَلُمْني إن تغابَيْتُ فما
نال ما يَعشقُهُ إلَّا الغَبي
أو تراني قد تجاهلتُ على
غير جهلٍ لا تَلُمْ لا تَعْتُبِ
لستُ أدري كيف أرثي فَترةً
مِن رَبيعِ العُمرِ صافي المَشْرَبِ
بلدةٌ طابَتْ هواءً وسماءً
واخضرارًا واكتست بالسُّحُبِ
غيرَ أنَّا قد بَلَوْنا أهلَها
بعضُهم أَتقنَ صُنْعَ الكَذِبِ
يُخرجُ الألفاظَ مِن فيهِ على
حُسْنِ تَعبيرٍ ووصفٍ مُطْرِبِ
وهُوَ يَلوي في شباكٍ حاكَها
شأنُها الغَدرُ ومَكْرُ الثَّعلبِ
هكذا دَرَّبَهُم شيطانُهم
فارتضوها رغمَ أَنفِ الأَدبِ
يا لحاها اللهُ أخلاقًا لهم
عافَها الحُرُّ الكريمُ العَربي
زر الذهاب إلى الأعلى