بلا عنوان بقلم عبد الستار الخديمي _تونس
***بلا عنوان***
على شفاه الجمر تتكور الكلمات عمودا يربط السماء بالأرض..
إعصارا ينقل البحر من مكانه .. يفرغ مكانا ويدمر آخر.. يفزع الولدان والثكالى ومنتظري شهر التوبة ليتوبوا ويغسلوا الأدران المترسبة في الادمغة وعلى الجباه..
القصائد صارت عقما لا تقرأ.. صارت حملا ثقيلا لا يفهم.. رموا كتبي وامنياتي في التنور.. قالوا لا تصلح إلا لايقاد النار .. ينتظرون الخبز الدافئ لملء البطون..
بطونهم نهمة لا تشبع كمستودعات الخردة تتجمع دون أي منطق للائتلاف.. مجرد حشو كالحشايا..
عقولهم فارغة كخواء الطبول..
اللغة محرار.. درجة حرارتهم مرتفعة وترتفع.. لم يستطيعوا أن يجعلوها حشوا.. ان يجعلوها تؤثث مناسبات ولائمهم..
على الطرقات الملتهبة يمشي الحفاة.. تتجدد أكف أرجلهم كلما اهترأت كنعال الأحذية تستبدل كلما تاكلت..
صراط أقامه زناة الليل وتجار الخديعة ليمشي عليه المكلومون الذين فقدوا كل شيء حتى الحلم..
على ضفاف الأنهار ننتظر المطر.. كم احب السير تحت المطر.. الرذاذ الخفيف يحفز الذاكرة.. ألم وحب وتيه وانتظار في شهر نيسان.. ولادة قد تأتي وقد لا تأتي.. ربما يكون المولود ذكرا فيرث الاسم.. لا شيء غير الاسم يودع في سوق النخاسة للمزايدة..
علمونا ان الأوطان أهم من زينة الحياة الدنيا “المال والبنون” ولكنهم ارتدوا، فالأوطان أضحت خرائط تباع وتشترى، زناة الليل تاجروا في كل شيء ولم يبق شيء غير الضمائر فباعوها أيضا..
ذات يوم كنت أرعن فعشقت وكان عشقي سيفا مسلطا على رقبتي.. تورطت في حب أنثى كانت تجمع كل صفات النساء على السواء ودون استثناء.. تشتم رائحة أنوثتها في زهر الروابي وقمح الحقول وصهيل الخيل ومرارة الزيتون.. أنثى بعثرتني كورتني صورتني على كل باب ونشرتني على الشرفات وفي الأزقة الضيقة.. علمتني أن لا معنى للحب اذا لم يكن سرمديا مضمخا بمعنى الإنسان.. ذلك الكائن الفذ الذي احتباه جل جلاله.. تذكرت حينها صورة لوجه بنصف إنسان ونصف ذئب.. فلنحي الإنسان وندفن الذئب.
بقلمي
عبد الستار الخديمي_تونس