مَن يشتري القلب
شعر/د. عبد الولي الشميري
مَنْ يَشْتَرِي القَلْبَ إنِّي بَائعٌ قَلْبَا
وَقَاتِلٌ مِنْ شَياطِينِ الهَوَى حُبَّا؟
مَنْ يَشْتَرِي القَلْبَ والآهَاتُ تَعْصِرُهُ
وَالحُزْنُ، حِينَ غَدا إِخْلاصُهُ ذَنْبَا؟
إنَّا نُحِبُّ وفي أعماقِنا خُلُقٌ
يَرْعَى الذِّمامَ وَيَرْعَى العَهْدَ والرَّبَّا
نَسْقِي الوُرودَ عَلَى أشْواكِها قُبَلًا
ونَرْتَوِيها رَحيقًا في الهوى عَذْبا
وَنَعْشَقُ الضَّوْءَ فِي مِصْبَاحِهِ أَلَقًا
لا يَنْطَفِي بل يُنيرُ الشَّرقَ والغَربا
كَمْ كانَ للحُبِّ تَعْذيبٌ نُكاتِمُهُ
وَكَانَ ذو الحُبِّ يَلْقَى في الهَوى رُعْبَا
تَفْنَى الوُجُوهُ وَيَبْقَى الحُبُّ مَا بَقِيَتْ
فِي النّاسِ آصِرةُ الأرحامِ والقُرْبَى
لَكِنَّ إنْسانَ هَذَا العَصْرِ أَشْعَلَهُ
غَدْرًا، وأشْعَلَ في بُسْتانِهِ حَرْبَا
يُحِبُّ عَبْلَةَ كالأفلامِ عَنْتَرَةٌ
وعبلةٌ تشتكي من عنترٍ كذبا
نَدِمْتُ، والحُرُّ لا يَقْضِي شَبِيبتَهُ
مَعَ الصِّبَا وَالصَّبَايَا هَائِمًا صَبَّا
وَكِدْتُ لولا بَقَايَا الصَّبْرِ تَمنَعُنِي
وَفُسْحَةُ العُمْرِ أَنْ أَقْضِي له نَحْبَا
الوَحْشُ أوْفَى مِنَ الإنْسَانِ، تَعْرِفُهُ
لَيْثًا، وَلكنَّهُ لا يُشْبِهُ الكَلْبَا
لا يَأْكُلُ الذِّئْبُ من أَبْنَاءِ جِلْدَتِهِ
لَوْ صَارَ إنْسَانُنَا في قُوْمِهِ ذِئْبا!
يَقُولُ ظُلْمًا بأنَّ الأَرْضَ دَوْلَتُهُ
وَكُلُّ مُضْطَهَدٍ أضْحَى لَهُ شَعْبا
مَنْ يَشْتَرِي القَلْبَ، حَتَّى لا أُعَذِّبَهُ
لا شَيءَ فِيهِ، فَمَنْ ذَا يَشْتَرِي الكَرْبَا؟
يُقاتِلونَ رَياحينًا مُخَضَّبَةً
أَنْفَاسُهَا مِنْ نَسِيمِ الرَّوْضِ إِنْ هَبَّا
يَا قَلْبُ بِعْتُكَ، لا غَبْنًا وَلا أَسَفًا
فكيف يَسعَدُ مَن جاراتُهُ تُسْبَى