حكاية من الواقع بقلم الاستاذ سامي شكرجي افضل نص ادبي فئة (القصة ) بسنة 2017
حكاية من الواقع / قصة قصيرة
**************
لحقتْ بزوجِها وشدّوا الرحال بمهمة قد تطول سنين … أصبح موظفا في السفارة العراقية في قطر… حملتْ بمعيّتها هموماً… لم تَدَعْهُ يخطو خطوة من دون أن تزجّهُ فيها … تَشْعرُ أنها فاقدة لشيء ما… فعلاً لأنّها لم تنجب طفلاً منذ زواجها منه ، وقد مضى عليهما عدة سنون ، لسبب يتعلق به … وعلى الرغم من المحاولات العديدة والعلاجات ، لم يتحقق شيء يذكر .
وكلما مرّ وقت أزدادت حزنا ولوعة ، فلا تدع طفلاً دون أن تنظر إليه وتُحدّق في عينيه … ربما لتشبع رغبتها في أن تكون أُمّاً تساوي مثيلاتها ممن تزَوجْنَ في سن مبكرة … كانت كثيرة البكاء لا سيّما في وحدتها بعد خروج زوجها إلى عمله .
كان لهذه الحالة أثرٌ بالغٌ في تعثّرعلاقتهما الزوجية ، لدرجة أنها طلبت منه الطلاق ، لكن تمسكه بها دفعه للبحث والمثابرة ، عسى أن يقع على حلٍّ ينقذه من التشتتِ والضياع .
وذاتَ يوم ، أقترح أن يراجع مركزا متخصصا في أطفال الأنابيب … لم تتردد لحظة واحدة ، ووقعوا على طبيب أمريكي الجنسية … وبعد إجراء التحاليل والفحوصات المطلوبة ، تَبَيّنَ أن عملية كهذه ممكنة وناجحة لهم ، فتوكّلوا وقرروا إجراءها.
وما أن مرّت شهور قليلة حتى بزغت بوادر حمل ناجح … وفي الشهر الرابع قرر أن يرسلها إلى بغداد لإتمام ماتبقى من فترة حملها ، جنب أهلها .
وذات صباح وهي في الشهر السابع للحمل ، بينما كانت ماكثة في الشقة ، ذهبت أمّها للتسوق وشراء بعض الحاجات الضرورية … تركتها ولا أحدَ في البيت معها ، لتُجنّبها التعب والإرهاق … وما أن أَتمّتْ التسوّق .. . عادت وفتحت الباب ، فإذا بإبنتها مغمى عليها والدماء من حولها… يبدو أنها على باب ولادةٍ مبكرة .. . موقف صعب ، لا بدّ من تجاوزه برويّة … ذهبت مُسرعة … أخبرت الطوارئ … أن حالة مهمة تتطلب نقلها إلى المستشفى ، وتم ذلك بهدوء …
وبعد الكشف عليها …
للأسفْ — ظهرَ أنها كانت في تعسّر وقد فارقت الحياة …
إلا أنّ أمرا استجَدَّ في تلك اللحظة ، إذ لا يمكن تجاهل جنين في بطن أمه وهو في شهره السابع ، فلربّما له نصيب من هذه الدنيا ، فكانت عملية قيصرية ، تلك التي أخرجته للحياة ، ولكن … من رحم أم بلا روح …
كانت غريزتها للأمومة لا حدود لها ولو كلّفها أبغض الحلال عند الله ، لكن الله سبحانه بيده كل شئ وهو الرزاق الكريم ، يعرف مصلحة عبده ، فرزقها طفلا لم يرَ أمَّهُ .
بقلمي .. سامي شكرجي / خاص بالمسابقة