إلى متى ستبقى الأيادي تعبث بك؟ بقلم ” بوهالي سيرين”📝
إلى متى ستبقى الأيادي تعبث بك؟
خنقتها أيادي العبث،وغطتها كدمات معاول الزوال،لكنها مازالت تقاوم وتبحث عمن يرد لها قيمتها وينقذها قبل فوات الأوان، عن “ميلة أتحدث “.فلماذا كل هذا الاستبعاد والتهميش بحقها؟
ميلة العتيقة مدينة قديمة من مدن الألفية التي مازالت مأهولة بالسكان،والتي لها آثار ضاربة جذورها في أراضي التاريخ يعود عمر منازلها إلى 4 ٱلاف سنة قبل الميلاد وتعد من التحف الأثرية الفريدة من نوعها حسب ما صرح به المختصون ،لكنها تبقى مهددة بالزوال مادامت ترزح تحت وطأة الإهمال ولامبالاة الشعب.
أكبر تمثال في العالم مصنوع من قطعة واحدة من الرخام منتصب في ساحتها بارتفاع يزيد عن مترين وهو جالس أما رأسه متواجد في متحف فرنسي حسب ما أوضحه المختصون.
ويطول الحديث إذا ما تكلمنا عن أول مسجد في الجزائر في مدينة ميلة،وثاني أقدم مسجد شيد في إفريقيا بعد مسجد قرطاج في تونس،بني سنة 59 للهجري بعد أربع سنوات من فتح المدينة على يد الفاتح الجليل “أبي مهاحر دينار ” على أنقاض كنيسة بيزنطية قديمة حسب ما صرح به علماء الٱثار،حيث كانت ميلة مهدا للديانةالمسيحية ،كان بمنارته 365 درجا حسب عدد أيام السنة وكان علوها 62 مترا إلا أن فرنسا هدموها واستغلوا المسجد إسطبلا للحمير والخنازير بهدف فصل الدين عن الدولة، لكنه يبقى مكسب تاريخي ضخم وإرث حضاري مازال يتخبط في حيز الاندثار والمشارفة على الزوال.
فلماذا الجري وراء أشياء مصطنعة وهجر كل هذه الموروثات؟
في القرن الثالث للميلاد بنيت نافورة “عين البلاد” من قبل الإمبراطور هارديان،وتعد حاليا الوحيدة التي تعود للعصر الروماني بميلة،حيث مازالت مياهها تتدفق ويزورها السياح من كل صوب ليشربوا من ماءها مؤمنين بأسطورتها “من يشرب من ماءها يتزوج”.
لا ريب في أن التراث هو ذاكرة الأمة وصورة ماضيها ومستقبلها،وكل من يملك موروث فهو القادر على المقاومة والتمسك بها،ميلة حضارة شاسعة لا تنتهي كل زاوية فيها تجدبك لأن تكتب عنها وتغوص في أعماقها.
بوهالي سيرين