يتوفر في بلادنا العربية عامة تراث شعبي ضخم يمثل فيه الأدب الشعبي الحيز الأكبر لتنوع موضوعاته و أجناسه من أمثال و حكم،حكايات شعبية و غيرها. ..
و نسلط ضوءنا على الجزائر تحديدا بمنطقة القرارة بولاية غرداية،كونها جزءا لا يتجزأ من الجزائر فإنها عرفت أدبا شعبيا مميزا و هو الحكاية الشعبية التي ارتبطت بموضوعنا و التي ارتسمت معانيها من صورة الإنسان الشعبي البسيط في المنطقة و استمدت روحها من وجوده الممتد عبر الأزمنة .
الحكاية الشعبية كما جاءت في لسان العرب أنها مشتقة من الفعل حكى، يحكي ،حكاية ،كقولك حكيت فلان و حاكيته، و هي نتاج فكري أنتجته الشعوب عبر تاريخها الطويل و أودعت بها أروع قصصها ،و أجمل ما مرت به من أحداث فجاءت لتعكس تجاربها و تعطي صورة عن واقع المجتمعات آنذاك .
تنتج الحكاية الشعبية من الواقع المعيش لذلك نطرح تساؤل عن أنواع الحكاية الشعبية و اختلافها من منطقة لأخرى ،و لذا تم تصنيفها لعدة تصنيفات من مختلف الباحثين
،نذكر التصنيف الأكثر بساطة ل”عبد الحميد يونس”الذي صنفها كالتالي:
الحكاية الخرافية: و هي الحكاية التي تتسم بعناصرها الخرافية المنافية للمنطق كقصص العمالقة و الجنيات
حكاية الحيوان: و هي القصص التي تجري على ألسنة الحيوان
حكايات الواقع الإجتماعي : و هي الحكايات التي يعيشها الفرد حيث تسرد أحداثا واقعية مرت على فئة معينة
و كذا الحكاية المثلية و الشعرية و اللغزية
كما أن هناك أنواعا أخرى فنجد مثلا”رابح العوبي”الذي رأى تصنيفات أخرى كالأساطير و حكايات الماجنة و الحكاية الفخرية و الغنائية…
أما بالنسبة لشخصيات الحكاية فهي كذلك قد تنوعت لرئيسي و ثانوي
و اختلفت أبعادها من البعد الجسماني الذي يصف شكل الشخصية من طول و شكل الشعر و الوجه و البشرة
إلى النفسي الذي يبين طبائع هذه الشخصية و كذا البعد الاجتماعي الذي يعبر عن انتماء الشخصية لطبقة إجتماعية ما
من أهم عوامل القصة الزمان و المكان حيث يتم تأصيل المصدر الزماني و هذا ممكن في القصص التي تتخذ التاريخ مادة لها كالمغازي و يحتوي عنصر الزمان على حركات زمانية هي القفز (القطع) بناء الزمن الروائي و الاسترجاع و الاستباق
أما بالنسبة للمكان فإنه عنصر أساسي ذو طبيعة خاصة و يتم تأصيل النصوص ،و تحديد بيئتها منه يحتوي على وصف للمنطقة التي جرت بها القصة.
و قد تم سؤال بعض عجائز المنطقة عن أشهر القصص الشعبية بالقرارة حيث تم الإجماع على أن قصة حنيتيفة هي أشهر الحكايت بالمنطقة التي تتحدث عن غولة تسكن قرب قرية و تأكل الفتيات و عن حنيتيفة الذي قتلها و أصبح بطلا
و كذلك حكاية الغول الذي كان يسرق المواشي ليأكلها و يخيف الجميع و قتله عابر سبيل
و حكايات عديدة كحكاية الأخوة و حكاية قاه و ذياب و سعد الزناتي ….
الحكاية الشعبية عريقة جدا لما تحمله من مواد مبثوثة في ثناياها تعود إلى أزمنة غابرة كما أنها تحتوي على أنواع عديدة حسب موضوعها إضافة لحملها مخزونا هائلا من القيم التربوية، إضافة إلى التسلية و الترويج عن النفس
بقلم : دنيا قيرع
المراجع: عمر عاشور البنية السردية عند الطيب صالح الزمنية و المكانية في موسم الهجرة الى الشمال
القصة الشعبية في منطقة سطيف
