” للكآبةِ سأمٌ ينخرُ قلقَ الرّوحِ”…. للكاتبة سكينة الرفوع
مساءاتٌ باهتةٌ مُضطربةٌ بالقلقِ ، مشاهدُ الألمِ مُتكررةٌ تُثيرُ زوابعَ الوجلِ ؛ لتنشره في مساحاتٍ تنبعثُ منها روائحُ الشّجنِ ،صورٌ لفوضى مُتعفنةٌ عُلّقتْ على جدارياتٍ تتهاوى بقسوة الضّجيجِ، آلامٌ تزيدُ وتيرةِ العجزِ ، وقد استحوذَ على أرواحٍ تئنُ بالقُنوطِ ، الذّي ينشرُ نيرانَ سُمومِه كلهيبِ تنينِ يفتحُ ألسنته في غاباتِ مُتصحرةٍ، فيتغلغلُ في أجسادٍ ، اعتادتْ السّأم ، وثملتْ من عباب الكآبةِ ، حتى نخرَ الإخفاق هشاشتها، فَأَحَالَها هياكلَ بشرية تتحركُ ،لكنّها خاويةُ من الحياةِ ، تشيحُ عن الضّوءِ ، لتحفلَ بالسّوادِ كخفافيش تستمرىءُ العُزلةَ ، وتستعذبُ الجُبنَ .
في غمرةِ هذا القَتَام ، أجدني في بوتقةٍ تقطرُ بالوهنِ ، أنتزعُ الألمَ ، فلا أقوى على بواكي تقتلُ نشوة الشّغفِ ، وتُجهضُ الأمنيات ، لا أريدُ لأحلامي أنْ تُفجع بهذه العتمة المُتراميةِ كمرايا مُتشظيّةٍ ، تعكسُ رؤى سُوداويةً مُحبطة في فيافي الشّقاء؛ فأجدني وعلى أثر موسيقى شرقيّةٍ، أعزفُ قيثارةً سُومريةً تشدني بجمالِ لحنها نحو الضّياء؛ أٌغني للغدِ، أنتشي بالفرح تحت أفياء الوداعة ، تراودني ورود المٌنى، ويجذبني عطرٌ ياسميناتٍ هادئةٍ ، كٌلّ ما حولي مُؤولٌ بالغموضِ ، لكنني مزهوةً بالأملِ، أجهلُ سرّ هذا البعث.
تسكنني الحيرةٌ مُجدداً بكلّ ما يحدثُ ،أتحنى عن كلّ مخاوفي في ارتيابٍ يكتنفُ الحكايةَ ، يُذكّرني الزّيغ عن الألمِ ، بغواية شهرزاد وهي تتخفى وراء الأقنعةِ في حديثٍ يتعسجدُ بالدّهاءِ ، لتواصلَ الحياةَ حتى آخر لحظةٍ في ألفِ ليلةٍ وليلةٍ ،فتنتصرُ في النّهايةِ.
أتشبثُ بتساؤلاتي الحيرى :
تُرى هل سيطولُ كل هذا الدّمار؟
فنتازيا مشرقة تقصم نبال الصّخب تمطرُ بلاسم لجراحاتٍ تلهثُ للانعتاقِ ، كتعويذة النّحسِ ، تبتغي اليُمنَ ، وتهفو للسّعدِ.
وسطَ حقول الظلام ثمةَ مشكاة تحملُ معها تباشير لصبحٍ يشدو
” حيّ على الفلاح “، هناك يعلو صوتٌ يرقدُ تحتَ رُكام الوصبِ ، يردد بثقةِ المتفائلِ :
“لا عذر للسائرينَ في دُروب اليأس”
وبيقين مع كلّ عُسرٍ تولدُ منه بهجةٌ ، تشحذُ الرّوحُ بالإيمانِ ، تتدفقُ رؤىً تستمطرُ سحائبها يقيناً وأملاً يولدُ مرةً أُخرى في بعثٍ جديدٍ في حكايةٍ أخرى.
سكينة خليل الرفوع
11 أغسطس 2020