هذا النّهرُ لي … رسالةٌ غيرَ سرّيّةٍ إلى … شَهيدٍ !بقلم الكاتبة عهود عدنان نايلة
ذاتَ يومٍ … انتشلني منّي .. زرعَ في قلبي نياسينَ وسماوات فرحٍ وقصيدة شعرٍ، وفي شَعري زهرة جاردينا، طارَ بي نحوَ آلهاتِ العشقِ كفرَ بها جهرًا وآمنَ بي، لملم بكفّيهِ لهفةَ ألفِ عاشقٍ وألف، ونثرها عطرًا على خارطةِ هذا الجسدِ … ذاتَ يومٍ أخبرني أنّي تجاوزت الحدَّ في احتلاله وسكناه وتمكّني منه … لم أكن أخبرهُ شيئًا … كانَ عصيًّا عليَّ كلُّ هذا الهوى … كانت روحي تنزعُ إليه وقلبي يصلّي لحروف اسمهِ التنغرسُ في شرايين روحي حرفًا حرفًا صوتًا إيقاعًا اعترافًا …… لكنَّ شيئًا ما كانَ يقولُ لي ……. لتعبَّ روحكِ نفسًا عميقًا فأوانُ انعتاقكِ لم يحن بعد ……………………..
ذاتَ صبحٍ رحلَ … ولم يخبرني أنّهُ نسيَ أن يقتلعَ وروده من خاصرة مذكراتي، كانت النّصوصُ ترتّلُ لقاءاته كتابًا سماويّ الرؤى، كانت الأشواكُ نمت على تلك الورودِ، وسقطت بتلاتُ الحكايةِ اللّيلكيّةِ … في الصّفحةِ الأولى … هذا الشّعرُ لي … في الصّفحةِ الثّانيةِ.. استبرقُ الأملِ لي ….. وفي الثّالثةِ : هذا المقعدُ الحجريُّ بجانبِ البحيرةِ لي ، تتوالى الصّفحاتُ.. ……………..
هذا النّهرُ – وإن لم يكن باسمي – لي ..
هذا الظِّلُّ – وإن غابت الشّمسُ – لي …
هذا القلمُ – وإن انتهى مدادهُ – لي …
هذا العُشبُ لي … هذا الحرفُ لي .. هذا البوحُ لي .. هذا العطرُ لي .. وهذا الوقتُ لي … وأمَّا هذا الزّورقُ ………. فهو أكثرُ ما كانَ لي …. ركبتهُ دونَ حذرٍ أو أيّ عمليّاتٍ منطقيّةٍ تمنعُ روحي أن تلوذَ بفرارٍ كستنائيِّ البوح ، وجدتُ معطفي في الزّورق، فارتديتُهُ، إكليلٌ صنوبريُّ العبقِ إلى يسارهِ أحملهُ وأضعهُ برفقٍ على شعري المتهدّل على كتفيَّ بدلال، لم أستغرب أنّهُ كانَ بالحجمِ المطلوبِ تماما لرأسيَ الصّغير، رغمًا عن الأفكار الكثيرةِ التي قررنا تجاهلها معًا… طوقٌ من زهرٍ أبيضَ لا أدري كيفَ وصلَ إلى هنا أيضًا …. خلعتُ حذائيَ ورميته على ضفّةِ النَّهرِ ، إذ اعتقدتُ أنّ هذا الانطلاقَ والانحلال في الطّبيعةِ لي ! يغمرني ضحكٌ حقيقيٌّ كلّما نظرتُ إلى جهةٍ من الجهاتِ .. وأغبطُ نفسي: هنا.. الاتجاهاتُ كلّها لي … وأنا إلهةُ العشقِ والسّحرِ والبياض …. كانت مكنوناتُ هذه الطّبيعةِ تتكاثرُ فيَّ وتنثرني أكوامَ فرحٍ وفيروز وفلٍّ على كلّ من لقيتُ فوقَ المقاعدِ من عاشقينَ يلوّحونَ لي بأيديهم المتشابكةِ ويتمنّون لي سيلاً من الأمنيات ….
ومنذُ ذلكَ اليوم … مازالَ هذا الزّورقُ يؤويني … ويغريني ، مازالَ إكليلي وطوقي معي.. مازالَت روحي هائمة تتقافزُ .. تحيدُ عن وجعٍ يمرُّ بالقلبِ وتنشطرُ أقمارًا تكبرُ بها تفصيلاتُ الحياة …
*ملاحظةٌ أخيرةٌ : أنت هناكَ في سمائكَ لي أيضًا … انتظرني حتّى ألقاكَ بما يليق بوطنينا معًا !!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!
عهود عدنان نايلة
1-تمّوز-2020م
الأردن – سوريا / الإمارات