وجع الطفولة……………المصطفى نجي وردي
اختيار معيته،لم يؤد لتخفيف حجم ثقل الحمل الذي جثم بين ضلوعي،ولم يبهت زند النار الملتهبة،فنزل زئبق معيار الثقة،وثبت في نقطة سجلت-لا تثق بأحد-فكانت ردة الفعل، صرخة فلتت من لا وعي-أريد العودة من حيث أتيت-.. .
أركن السيارة وضمني إلى صدره،سالت الدموع حتى فاحت رائحة البكاء من قميصه المبلل.
مد يده بلطف،وأخذ من العلبة منديلا ورقيا،مجففا دموعي وهو يحاول تهدئتي.
أحس بضعفي وقلة حيلتي،فضمني أكثر وأكثر إلى صدره،حينها رفعت رأسي على إثر دمعة ساخنة،ألهبت جبيني،فوثبت أسأله:ما بك؟هل أنت الآخر تركتك أمك وتزوجت..؟
أجابني بنبرة ملؤها الود والحنان،رحمة الله وسعت كل شيء.لا مفر ولا هروب لمن آن أوانه،وكل من بقي حيا وغاب،له أسبابه وأعذاره…
فأنا لم أر وجه والدتي إلا صورة:فارقت الحياة عند ولادتي،فتزوج أبي بخالتي التي لم أشعر معها لحظة،أنها الخالة،وليست الأم البيولوجية إلا بعد أن حان وقت تسوية البطاقة الوطنية،فاسترعى انتباهي الاختلاف في اسم الوالدة والخالة. حينها علمت بالخبر،رغم ادعاء خالتي أن لها اسمين.
تمنيت لو بقيت أمي على قيد الحياة و….و….ولكن لا راد لقضاء الله وقدره.
دعوت لها بالرحمة،وزدت تعلقا وحبا بخالتي التي سهرت على تربيتي كباقي أولادها،فولجت أحسن المدارس،ونلت شهادة الباكلوريا بمعدل عال،أهلني للسفر إلى أمريكا لمتابعة دراستي
،بعدها حصلت على الماستر والدكتوراه.
وقتها تعرفت على فتاة من أرض الوطن،انتهت علاقتنا بزواج لم يعمر طويلا،سببه خلاف صعب حله:هي فضلت العيش في أمريكا،وأنا اخترت الوطن.
وبعد مدة قصيرة،علمت بزواجها،وأنا كما ترى،آثرت العودة للوطن والعيش بين أحضان الأسرة.
وبكل عفوية سألته:لم لم تتزوج أنت كما تزوجت..؟
ضحك وقال مازحا:سأترك لك الفرصة يا بطل،لتختار لي الزوجة المناسبة.
ضحكت أنا الآخر،وقلت:سأختار لكما زوجتين جميلتين،أنت وخالي…
مكثنا على حالنا بين سؤال وجواب،والساعات تمضي تباعا(اتباعا) ،فانتابني شعور غريب وحنين إلى حضن أمي،وطلبت منه العودة إلى المنزل مرة ثانية.
وفي غمرة استعدادنا لركوب السيارة،رن هاتفه…
المصطفى نجي وردي 11\9\2020
المغرب.