إشراقات أدبيةالقصة

خلف ظلك بقلم الأديبة عبير صفوت محمد

 

خلف ظلك
بقلم Abeer Safwat Mohmoud

لَحْظَة مُثِيرَةٌ لِلْجَدَل

اخْفِضْ صَوْتَك كَلِمَةٍ قَالَهَا الْمُحَقِّق لِهَذَا النَّحِيل البَاكِي الَّذِي كَانَ يَقِفُ أَمامَهُ اعْزِل الْحِجَّة ومضبب الْمَنْطِق ، حَتَّي لبداية طَرِيقَة يَقْتَضِي الحلفان :

أَحْلِف إِنِّي رَأَيْتُ الظِّلّ الْأَسْوَد ، فَحِيح بَيْن الظَّلَّامِ فِي لَحْظَةِ تَجَلَّت الْمَنِيّ لَهَا عُنْوَان ، رَنّ الْهَاتِف ولهثت خَلْفَه ، قَدْ كَانَ صَوْته ، قَال مُتَكَبِّرَا :

قَالُوا إنَّك السَّائِل عَنِّي .

ارتعشت أَوْصَالِي .

نَعَمْ قَدْ سُئِلْت عَنْك ، رَجُلًا مُتَلَوِّن الحِوَار وحاقد الرُّؤْيَة ، أَنْتَ مِنْ تُرِيد لَسْت أَنَا .

قَال المتهاتف :

بَلْ أَنْتَ الَّذِي تُرِيدُ ، الْعَوْدَة إلَيّ الْمَاضِي ، وَالْمَاضِي لَا يَعُودُ .

قَالَ الرَّجُلُ بَاكِيًا :

لِأَنَّك حَيّ تُرْزَق يَا (ذكي) ، أَنْت ذُكِّي أَخِي الْوَحِيد ، رَأَيْتُك فِي الظَّلَامِ وباحدي الْمَمَرَّات ، رَأَيْتُك بأحلامي وَمَنْ خَلَفَ ظَهْرِك ، لِمَاذَا يَقُولُونَ إِنَّكَ رَحَلْت إلَيّ السَّمَاءُ يَا أَخِي الْوَحِيد .

صُمْت الْمُتَّصِل ، حَتَّي قَال :

سَاعَة لَيْلِيَّةٌ أَنَا بِهَا ، تَرَانِي وتسمعني ، لَا أَحَدَ غَيْرك .

وَقَف الْمُحَقِّق , يَنْظُر بِعُمْق لِشَاهِد وُضِعَ فَوْقَ قَبْر الرَّجُلِ الَّذِي تُوُفِّيَ مُنْذ بَعْضُه أَشْهُر ، يَلُوح بِعِبَارَة لِلْأَخِير :

اُنْظُر أَيُّهَا الرَّجُلُ الطَّيِّب ، هُنَا تُوجَد جُثَّة أَخَاك الْأَكْبَر .

قَبَض ( رأفت) بكلاتا يَدَيْهِ حَوْلَ الشَّاهِد ، قَائِلًا : عَلَيْنَا التَّحَقُّق .

تُعَنِّف الْمُحَقِّق بِأَقْوَالِه :

هَل تَشُكّ فِي الْأَمْرِ يَا رَجُلُ ؟ ! وَقَدْ قُمْتَ بِالِاعْتِنَاء بِهِ فِي لَيْلَةٍ رَحِيلِه .

قَال (رأفت) :

لَا أَشُكُّ وَلَا أَفْهَم وَلا أَصَّدَّقَ وَلَكِنِّي اسْتَمَع وَارِي مِن الْمُثِير غُمُوضٌ .

تَلَفَّظَت (نرجس) بِكَلِمَات الْغَضَب :

هَذَا خَطَر خَطَر ، وَصَل أَخِي الصَّغِير أَعَلَيّ مَرَاتِب الْجُنُون ، وَانْحَرَف المؤشر بِعَدَم الاتّزَان .

قَالَ الْمُحَقِّقُ :

مَاذَا عَلَيْك تُجَاه الْأَمْر ، تقومين بِمُطَالَبَتِه .

طُوِّقْت (نرجس) الْقَوْل بِآيَات القَلَق وَهِي تَوَكَّد :

أَنْ أَقُومَ بِالْوِصَايَةِ عَلَيْهِ ، مِن الْخَطِير أَنْ يَكُونَ أَخِي مِنْ الْوَرَثَةِ ويجن .

أَخَذ الْمُحَقِّقُ ذَلِكَ النَّفْسِ الَّذِي يَأْخُذُهُ صَانِعٌ الْجَهْد وَالْمَعْرُوف ، حَتَّي قَال :

اعْتَدَل الْمِيزَان ، وَلَا الْخَوْفِ مِنْ رَدِّ فَعَل ، لَك الْوِصَايَة الْكَامِلَة عَلِيّ أَخِيك الصَّغِير ( رأفت ) .

أَضْجَع فِي مَجْلِسِهِ الْوَثِير يتباهي بفكرتة الْخَبِيثَة ، قَائِلًا بحذاقة :

رَجُلًا جَدِيد الْعَهْدِ لَمْ يَعْرِفْهُ الْوُجُود قَبْلَ ذَلِكَ .

ضَحِكْت ( نرجس) وَهِيَ تَصْدُرُ الْحَرَكَاتِ مِنْ كفوفها :

نَحْو الْخَارِج تَنْطَلِق أَيُّهَا المليونير الْأَثِير .

تسللت حَرَكَات هامسة ، كَانَت بظلالها الِانْتِظَار نَحْو الرَّحِيل ، حَتَّي أَكْدَت (نَرْجِس) :

أَنْت الْآن حُرٌّ ، اسْمٍ جَدِيدٍ ، وَمِيرَاث أَكْبَر ، وَسُقُوط القضاية الْقَدِيمَة الَّتِي كَانَتْ تَنْتَسِب إلَيْك .

ضَحِك (ذكي) مستفسرا :

هَل أَرْسَلْت الْأَمْوَال إلَيّ الْخَارِج ؟ !

قَالَت ( نرجس) :

تَسْتَطِيعُ أَنْ تَبْدَأَ حَيَاة ثَرِيَّة مُرِيحَة خَالِيَةً مِنْ الشَّوَائِبِ ، مَالِك الثَّرَاءُ الفَاحِشُ .

مَدّ (ذكي) قَدَمَاه بقلق ويدان ترتعشان نَحْو مِصْعَد الطَّائِرَة ، حَتَّي تَفاجَأ (ذكي) بِالْمُحَقَّق يَحْجُبُه بِإِشَارَة فِي مِنْوَالِهَا :

قِف أَنْت رَهْنَ الاِعْتِقالِ .

قَالَ الطَّبِيبُ الشَّرْعِيّ يَتَطَيَّب بِالْحَدَث بَرَاعَة :

أَشْهَدُ أَنْ حكمتك كَا مُحَقَّقٌ فِي التَّوْجِيه ، وَصْلًا نَحْو الْجُثَّة الْمُؤَهَّلَة لِغَيْر (ذكي) كَانَت بِمَحَلِّهَا .

قَالَ الْمُحَقِّقُ بِعَيْن مكينة مُتَمَكِّنَة :

الْحَقِيقَة لُفَّت نَظَرِيٌّ الْأَحْدَاث المروعة الَّتِي تَحْدُثُ بِهَا الْجَمِيع ، لَيْلَة مَقْتَل (ذكي) وتناوب الشَّكّ بِقَلْب (رأفت) بَعْدَمَا رَاوَدَه المتوفي بالالاعيب .

هَتَف الطَّبِيب :

أَثْبَت الطِّبّ الشَّرْعِيّ صِحَّة الشُّكُوك ، وتتبعنا خَطِّي (نرجس) حَتَّي انْكَشَف مَا تَحْتَ الْغِطَاء .

بِكَي (ذكي) قَائِلًا بِحَسْرَة :

مَات أَخِي مَرَّتَان ، مَرَّةٍ بِهَذَا الِاعْتِقَادِ وَمَرَّةً فِي نَظَرِي .

تَلاَشَت نَرْجِس عَنِ الأَنْظَارِ ، حِين قُيِّدَت أَثَر التواطئ فِي جَرْمِ ، وَتَمّ الْقَبْض عَلِيّ (ذكي) وَأَنَس رأفت حَالَة شَخْصٌ وَحِيدٌ بِلَا أَخُوه ، يتمني لَو يَعُود لِسَابِق الْعَهْدِ بِلَا فِقْدَان مَاضِي .

الإدارة

صحيفة جزائرية إلكترونية ورقية أدبية فنية ثقافية شاملة

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى